Al Jazirah NewsPaper Thursday  28/12/2006G Issue 12509مقـالاتالخميس 08 ذو الحجة 1427 هـ  28 ديسمبر2006 م   العدد  12509
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

الرأي

الركن الخامس

عزيزتـي الجزيرة

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

المؤشر الاجتماعي للأماني والأحلام
د. فوزية عبدالله أبو خالد

لا أستطيع أن أتجاهل ونحن في هذا المناخ العالمي الخانق بأبخرة الحروب وغازاتها السياسية والعسكرية المتأكسدة، أو بالتهديدات الأمنية ومحاولات إشعال الخوف من تفجّرها هنا وهناك في قلب أو قريباً من واقعنا الإقليمي والعربي من فرض عقوبات اقتصادية جماعية بسبب قرارات سياسية داخلية إلى إثارة فتن طائفية وانقسامات عرقية ومناطقية مما يجعلنا متعطشين للحظة سلام وقطرة فرح بأنني أكتب هذا المقال ونحن على أبواب عدة مناسبات إسلامية وإنسانية تحمل أو يحلم الناس من مختلف الخلفيات أن تحمل ولو قبساً قليلاً من بوارق الأمل.
فغداً يوم الوقفة العظيم على جبل عرفة بمكة المكرمة، حيث تشف الأرواح وترتفع الأكف وتضج الحناجر على تنوّع اللغات بالتهليل والتسبيح والتكبير لله عزَّ وجلَّ وكل منها يضرع للباري بشتى الحاجات ويطرح بين يديه السافر والسري والمعقد والبسيط والخاص والعام من المسائل. فيلح في السؤال من سؤال الرزق والذرية والصلاح والفلاح والنجاح والشفاء وسؤال العفو والعافية والعفة والمنعة والكرامة وسؤال رفع الظلم وإحقاق الحق والأمان والسلام إلى سؤال العتق من النار وأسبابها وسؤال الجنة واستحقاقاتها من الأعمال والعبادات.
وبعد غد عيد الأضحى، حيث أيضاً ترتفع وتيرة تبادل الأماني الطيِّبة.
أما ما بعد بعد الغد فيصادف اليوم الأول من السنة الميلادية الجديدة وهو يوم يستهل به العام عادة في عدة ثقافات وخاصة الثقافة الغربية والمتفاعلين عالمياً مع البعد الثقافي للمناسبة بما لا يحصى من الأماني بتحقيق الأحلام المؤجلة لما مضى وبالمضي في غزل أماني وأحلام جديدة على أمل تحقيقها في العام الجديد.
وتبقى طاقة الأمل مشرعة، إذ في مسافة زمنية تقل عن شهر تدخل السنة الهجرية الجديدة التي يترقب المسلمون داخل وخارج العالم الإسلامي والمتعايشون على أرضه والمتفاعلون مع البعد الحضاري لثقافته هلالها ليجددوا أيضاً عهودهم مع الحياة ومسؤوليات كفاحها اليومي بألواح مطوّلة من حبر الأماني والأحلام والأشواق والابتهالات بأن تكون سنة لطف ورحمة ووفق على المستوى الخاص وسنة وئام وسلام وعزة وإباء واستقرار ونهوض على المستوى العام خاصة في ظرف التحدي السياسي والحضاري الذي يلاحق المسلمين بحالة من الاغتراب على مستوى الساحة العالمية كما يهدّدهم بحالة من الاحتراب على الساحة الداخلية في العديد من أوطان العالمين العربي والإسلامي.
وأستطيع أن أشير إلى عدد من الدراسات السيسيولوجية التي اتخذت من قياسات الرأي العام فيما يتعلّق بالأماني والأحلام، مؤشراً للحالة الاجتماعية التي يعيشها المجتمع سواء كانت حالة تخلّف أو تقدّم, حالة جهل أو معرفة, حالة حرب أو سلام وحالة إحباط أو استنهاض وإن كانت مؤسسات البحث القليلة في العالم العربي بما فيها المؤسسات الأكاديمية والجامعات لا تميل إلى تشجيع هذا النوع من الدراسات والأبحاث. وذلك الاستبعاد عادة لهذا النوع من الدراسات يأتي بتبريرات مختلفة يدخل فيها عدة اعتبارات قد لا تكون اعتبارات موضوعية بالضرورة. فمما قرأته منها مكتوباً على سبيل المثال في رفض تسجيل رسالة ماجستير تريد أن تقيس اتجاهات الرأي العام حول بعض القضايا الاجتماعية كالفقر مقابل الثراء السريع من خلال مؤشر الأماني والأحلام الخاصة والعامة القول بأن الأماني والأحلام مادة لا يعتد بها علمياً وأن الأماني والأحلام تعبير عن المستحيل وليست تعبيراً عن الممكن. غير أن مما لا يسجل مكتوباً من مسوغات رفض مثل هذه الدراسات هو عدم الاعتداد أو الاستخفاف بأماني وأحلام الرأي العام من خلال النظر إليها على أنها مجرد (أضغاث) وأن أصحابها مجرد (حالمين).
ولذا فقد شعرت بامتنان لما رأيت فيه نقلة نوعية على عادتنا في تهميش الأماني والأحلام ودفعها إن لم يكن دفع أصحابها أيضاً لأقصى الهامش الاجتماعي. وقد تمثّلت تلك النقلة برأيي في سؤال قناة الإخبارية يوم الخميس الماضي لجمهور متعدد الأعمار (عدد من الفئات العمرية والنوع) إناث وذكور والخلفية الثقافية والاجتماعية عن أمانيهم وأحلامهم.
وقد اخترت هنا لهذا المقال بما قد يشكّل نواة لعمل بحثي أوسع عينة عشوائية مصغرة للعينة العشوائية الأكبر التي عرضتها قناة الإخبارية مما قمت بتسجيله مكتوباً عن إجابة السؤال الذي وجه لمجموعة متعددة كما أسلفت من الرأي العام السعودي تضمنت رأي شريحة من المقيمين فيما يخص سؤال الأماني والأحلام. وكان عدد من الإجابات كالتالي:
- أحلم بامتلاك بيت استغني به عن الإيجار.
- أتمنى دخول جامعة البترول.
- أتمنى أن أتخرّج وأجد وظيفة بدون واسطة.
- أتمنى استعادة المسجد الأقصى.
- أتمنى وجود جامعة بعرعر أو لجان قبول للطلاب.
- أتمنى دخول إحدى الكليات العسكرية دون واسطة.
- أتمنى زيادة مشاريع الكهرباء - زيادة الموظفين وزيادة ارتباط المناطق كالغربية بالجنوبية.
- أتمنى أن أتزوج بنتاً مزيونة.
- أتمنى أن أسدّد ديوني.
- أحلم بتحقق الوحدة الإسلامية.
- أتمنى أن يرتفع سوق الأسهم.
- أحلم بأن يسمح للموظف بإكمال دراسته.
- أتمنى تجنب الفتن والإرهاب الذي يهدّد الشباب.
- أحلم أن يُضاف طفلي بدفتر العائلة.
- أتمنى أن أصير جندياً وأقضي على الإرهاب.
- أتمنى سيارة بجنوط وتظليلة.
- أتمنى السلام للعراق وفلسطين.
- أتمنى الصلاح لعيالي.
- أتمنى قرضاً لسيارة وبيتاً والزواج.
- أتمنى البطالة تُحل.
- أتمنى كسيدات أن نحوز على فرص عمل مختلفة.
- أتمنى أن أسافر مع خطيبي لدبي.
- أحلم أن أكون أسرة.
- أتمنى زوجاً متفهماً وزواجاً سعيداً.
- أتمنى أن أربي أطفالي في أمن.
تتنوّع الإجابات أعلاه ومع ذلك يمكن تصنيفها من خلال نظرة سيسيولوجية معرفية - وإن خاطفة، حيث لا تسمح المساحة بتحليل معمّق - إلى 3 فئات. فئة أماني شخصية وفئة أماني مجتمعية وطنية وفئة أماني عربية إسلامية عامة, مع ملاحظة ما بين بعضها من تداخل وتقاطع. ويمكن استخراج عدد من القواسم المشتركة بين هذه الفئات الثلاثة من الأماني. القاسم المشترك الأول بينها هو قاسم العقلانية بين هذه الأحلام والأماني، حيث إن معظم هذه الأحلام والأماني ليست من فئة (الأضغاث)، بل إنها على العكس من ذلك شديدة الارتباط بالواقع المعطى، وفي نفس الوقت تملك رأياً في تجاوزه أو إصلاحه أو على الأقل تحسينه. القاسم المشترك الثاني بين إجابات تلك العينة المصغرة هو أنها تشير بوضوح إلى أن المجتمع السعودي مجتمع (محب للحياة) بكل ما تحمله الكلمة من معاني الميل للاستقرار والسلم وهاجس الدفء الأسري دون التواني عن طلب التغيير والإصلاح وتطوير الذات وإصلاح الحالة المالية والتعليمية لصالح هذا النوع الإيجابي من حب الحياة. وإن لم يخل هذا المؤشر من حس عام لدى بعض إجابات أفراد العينة بأنها لا تملك شخصياً الوسيلة لتحقيق ذلك أو على الأقل لا ترى تحقيقه ممكناً إلا بالقضاء على بعض السلبيات الاجتماعية المعيقة كالوساطة مثلاً. وهذا بحد ذاته ليس موقفاً انسحابياً على الإطلاق لأن إدراك مشكلة - ما - هو جزء من الحل. أما القاسم المشترك الثالث فهو أن هناك حساً مرهفاً بالقضايا العربية والإسلامية وليس هناك انغلاق قطري على الشأن الخاص.
وتبقى أن استطلاعات مثل هذه للرأي العام مادة حيوية لصنَّاع القرار إن هم أرادوا حقاً معرفة إيقاع الشارع ونبض الناس وليس العمل بعيداً عن الخبز الذي يتصبر به المواطن على بعض الأوضاع غير المواتية من طحين الأماني والأحلام. هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد..

Fowziyah@maktoob.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved