| |
أما بعد استثمار الوقت والمحافظة عليه (2-2) عبد الله بن عبد العزيز المعيلي
|
|
عند الساعة العاشرة مساء يتجه غالب الناس إلى منازلهم استعداداً للنوم، في هذه الساعة يكون قد مضى من يومك اثنتان وعشرون ساعة، قبل أن تخلد للنوم أغمض عينيك واستعرض شريط الثواني والدقائق والساعات التي مضت، قيِّم ما تم فيها من أعمال أخروية ودنيوية، من أعمال جد وهزل، أعمال خير وشر، أعمال نافعة وضارة، في تلك الساعات التزمت بمواعيد عمل أو مناسبات أو اجتماعات، فهل حضرت في مواعيدها المحددة؟ مظنة القول إن شريحة من الناس - كبيرة - لا تثمّن قيمة الوقت ولا تدركها، ويبدو هذا واضحاً في الالتزام بالحضور في الوقت المحدد للاجتماعات مثلاً والمناسبات الخاصة والندوات والمؤتمرات وغيرها مما يعد للوقت أهمية كبيرة فيها وقيمة، فتجد أحدهم يأتي متأخراً وبصورة لافتة للنظر ولا يشعر بخجل أو وجل، بل تجده يأخذ مكانه ولا يعتذر عن تأخره، وما تسبَّب به من إرباك وإزعاج، ومما يزيد من غيظ الملتزمين بالمواعيد الحاضرين في الأوقات المحددة وحنقهم من هؤلاء المستهترين غير المبالين، تعطيل البدء انتظاراً لهم، فإذا بالملتزم في موعده يهان ويعطل ويهدر وقته من أجل إنسان لا يثمّن الوقت ولا يعرف له قيمة، هذه الحال أجزم أن الكثير قد تعرض لها، وهي حال لا تسر، بل إنها حال تؤصِّل لمزيد من الاستهتار، وتكافئ المستهتر وتعزّز فيه عدم المبالاة والالتزام. إن السيطرة على الوقت والتحكم فيه أمر ممكن، ويستطيع كل إنسان أن يحقق هذا وبجدارة، لكن متى؟ وكيف؟ يستطيع كل إنسان أن يكون منضبطاً في مواعيده، مستثمراً لوقته، متى ما أدرك أن الوقت نعمة، وأن الوقت قيمة، وأن التزامه بالوقت عنوان على شخصيته، ودليل على مدى جديته واحترامه لنفسه، واحترامه للآخرين، وأن العطاء والإنتاج مرهونان باستثمار الثواني والدقائق والساعات، وأن التفريط فيها إخلال بالأمانة، ومدعاة للمساءلة. أما عن الكيفية، فهناك شواهد من الرجال الذين عرفوا بدرجة متناهية من الانضباط والالتزام في مواعيدهم، لأنهم استحضروا مراقبة الله لهم في كل شأن من شؤون حياتهم الأخروية والدنيوية، ونظروا للآخرين بمنظار التقدير والاحترام، وحرصوا على أن يراهم الآخرون بصورة تجسد كل المعاني الخيرة والفاضلة للإنسان المسلم، فغدوا عنواناً ناصعاً على العمل والإنتاج والإنجاز، لا يفرطون بالثانية فضلاً عن الدقيقة، فنالوا بذلك مكانة في النفوس عالية، وفي الوجدان منزلة رفيعة يستحقونها بجدارة.
Ab.moa@hotmail.com |
|
|
| |
|