Al Jazirah NewsPaper Sunday  24/12/2006G Issue 12505مقـالاتالأحد 04 ذو الحجة 1427 هـ  24 ديسمبر2006 م   العدد  12505
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

قضايا عربية
  في الصحافة العبرية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

تغطية خاصة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

وَرّاق الجزيرة

زمان الجزيرة

الأخيــرة

مخاطر التنظير الفضائي
د. صالح بن ناصر الشويرخ

شهدت السنوات الأخيرة تكاثر القنوات الفضائية العربية التلفزيونية والإذاعية بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ الإعلام العربي المرئي والمسموع، ولعل لتطور وسائل البث التلفزيوني والإذاعي وسهولة الحصول عليها بأسعار معقولة دورا في ذلك.
وقد بدأت هذه القنوات في التسابق لكسب المشاهد والمستمع بطرق ووسائل مختلفة؛ ومن أبرز الوسائل التي اتبعتها هذه القنوات لجذاب أكبر عدد ممكن من المشاهدين والمستمعين تكثيف برامج الحوار والنقاش، حيث يتم في مثل هذه البرامج التطرق لكثير من القضايا الاجتماعية والنفسية والأسرية، ويتم أثناءها تلقي اتصالات المشاهدين والمستمعين، والرد على استفساراتهم وتساؤلاتهم.
وقد لقيت هذه النوعية من البرامج رواجاً كبيراً بين مختلف شرائح المجتمع. ومع أن لهذه البرامج إيجابيات متعددة تتمثل في فتح أبواب الحوار وإخضاع القضايا المجتمعية للنقاش وإعطاء مختلف شرائح المجتمع فرصة لإيصال صوتها، إلا أنها تعاني من مشكلة مزمنة تتمثل في تولي المذيع أو المذيعة مهمة الرد على استفسارات المتصلين وتقديم اقتراحات لمشكلاتهم، وهي مسألة خطيرة، حيث أصبح المذيعون على اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم ومؤهلاتهم يمارسون عمليات تنظير واسعة حول كثير من المسائل الاجتماعية والأسرية والنفسية دون أن يكون لديهم التكوين العلمي والتأهيل المهني اللازمان للقيام بهذه المهمة المعقدة.
صحيح أن المذيع/ المذيعة يقوم بالتحضير لموضوع الحلقة وذلك عن طريق قراءة كتاب ما أو بعض المقالات والدراسات، إلا أن هذا غير كاف لأن يجعل المرء في موقع يكون قادراً فيه على البت في قضايا اجتماعية ونفسية معقدة. ومن المعلوم أن المتخصصين أنفسهم ممن قضوا سنوات طويلة في الدراسة والقراءة والبحث في مثل هذه القضايا يترددون كثيراً في تقديم نصائح مباشرة أو حلول مقولبة لمشكلات الناس وقضاياهم اليومية لإدراكهم بأن المشكلات الإنسانية شديدة التعقيد بشكل يجعل من العسير عليهم تقديم اقتراحات وحلول لمشكلات لم يدرسوها جيداً ويطلعوا على مسبباتها والعوامل المحيطة بها بشكل يجعلهم قادرين على تصور المشكلة تصوراً واضحاً، ومن ثم التفكير في تقديم مجموعة من البدائل للتعامل معها.
إن لكل مهنة أو تخصص أسراراً وخفايا لا يدركها إلا المتخصص الذي أمضى سنوات طويلة في القراءة والبحث والتقصي، ولا يمكن لغير المتخصص أن يلحظها بمجرد قراءة كتاب أو الاطلاع على دراسة مهما بلغ ذكاؤه، فغير المتخصص قد يسيء فهم بعض المفاهيم، كما أن تصوره لبعض القضايا قد يكون فيه قصور، وقد لا يضع بعض الاقتراحات والحلول التي يقرؤها ويطلع عليها في سياقها الصحيح، ومن هنا تكون النصائح والتوجيهات التي يقدمها للمشاهدين والمشاهدات والمستمعين والمستمعات مضللة. ويجب علينا ألا نقلل من أهمية تأثير هذه البرامج في تشكيل التكوين المعرفي والثقافي لدى العامة، فهذه القنوات من أكثر القنوات الإعلامية شهرة وانتشاراً وأكثرها تأثيراً لأسباب كثيرة ليس هنا مجال ذكرها.
وتعتبر هذه البرامج عند بعض الناس المصدر الأول للمعلومات، وبعضهم قد يطبق ما يسمعه من نصائح وتوجيهات حرفياً. وقد قمت قبل فترة بمتابعة بضع حلقات لأحد البرامج الإذاعية في إحدى القنوات الإذاعية المشهورة، وقد شاب رأسي مما سمعته من نصائح وتوجيهات وإرشادات للمتصلين من الجنسين تتعلق بمسائل عائلية واجتماعية دقيقة وحساسة.
والسؤال المهم في هذا الصدد هو كيف يمكن التصدي لظاهرة التنظير الفضائي؟ أعتقد أن التصدي لهذه الظاهرة -إذا صح أن نطلق عليها ظاهرة- ليس بتلك السهولة، لأننا لا يمكن أن نتحكم بالقنوات الفضائية وما يعرض فيها، ولا يمكن أن نضع حداً لمثل هذه البرامج، أو نمنع تلك القنوات من بث ما تريد. والطريقة المثلى في رأيي للتعامل مع هذه الظاهرة يمكن أن تتحقق بوسيلتين؛ الوسيلة الأولى تتمثل في تدريب النشء على التعامل الناقد مع المعلومة المتلقاة أياً كان مصدرها؛ إذ ينبغي أن يكون أحد أهداف النظام التعليمي تدريب الطلاب والطالبات على تمحيص المعلومة التي تقدم لهم والتدقيق فيها وإخضاعها للمساءلة والمحاكمة، وأن يتدرب الطفل منذ بداية دخوله للمدرسة على طرح مجموعة من الأسئلة عند تلقيه أي معلومة أو فكرة، ومن ذلك: ما مصدر المعلومة؟ هل مصدر المعلومة جهة يعول عليها أم أنها ليست كذلك؟ ما مدى دقة المعلومة؟ وما مدى أهميتها؟ ما الحجج والأدلة المصاحبة للمعلومة؟ ونحو ذلك. ويتصل بهذه المسألة أيضاً ضرورة تدريب الطلاب والطالبات على مبدأ النسبية في التعامل مع المعلومات والأفكار والآراء، حتى وإن كان مصدر المعلومة شخصاً متخصصاً موثوقاً بعلمه، فكثير من الآراء تصدر عن تصور معين وموقف نظري يتبناه صاحب الفكرة، وهو موقف قد يكون صواباً وقد يكون عكس ذلك.
أما الوسيلة الثانية فتتمثل في تدريب طلاب وطالبات المدارس على الوسائل العلمية في التعامل مع وسائل الإعلام المختلفة، المرئية والمسموعة والمقروءة، فوسائل الإعلام أصبحت اليوم جزءاً لا يتجزأ من حياة الناس، وتلعب دوراً كبيراً في تشكيل الثقافة المجتمعية وفي تكوين الاتجاهات والقناعات، وفي ترسيخ القيم والمبادئ السلبية منها والإيجابية.
يجب أن يكون من أهداف المنهج المدرسي تحقيق الوعي عند الطلاب والطالبات بخصائص وسائل الإعلام والمعلومات التي تنقلها، يجب أن يكون الناشئة على وعي تام بأن الهدف الأساسي لكثير من وسائل الإعلام، وبخاصة القنوات الفضائية، والتجارية منها على وجه الخصوص كسب أكبر قدر ممكن من المشاهدين بأي وسيلة كانت، بغض النظر في كثير من الأحيان عن مدى دقة المعلومة المقدمة أو جدية الأفكار المطروحة، يجب أن يدرك كل طالب وطالبة أن وسائل الإعلام تعتمد على أساليب الإثارة والمبالغة والتهويل وتضخيم بعض الحقائق أو حجبها، يجب أن يكونوا على وعي كبير بأن وسائل الإعلام تكون موجهة دائماً بنزعات وتوجهات سياسية أو دينية أو اجتماعية معينة، إضافة إلى ذلك ينبغي تنمية قدرات الطلاب والطالبات فيما يلي:
فهم المعاني والتوجهات المشار إليها في الرسالة تصريحاً أو تلميحاً، وتقويم كفاية الأدلة والبراهين التي يوردها ناقل الرسالة ودقتها في دعم مزاعمه، وتتبع مواطن التحيز والتنميط، واكتشاف التعميمات المبالغ فيها التي تشتمل عليها الرسالة وغير ذلك من المهارات والدرات المطلوبة للتعامل مع الخطاب الإعلامي.
إن تدريب الطلاب والطالبات على حسن التعامل مع وسائل الإعلام أصبح ضرورة ملحة في هذا العصر الفضائي والمعلوماتي، ويمكن تطبيق هذه الفكرة في دروس اللغة العربية، أو استحداث مادة جديدة تتمحور مادتها العلمية حول طبيعة وسائل الإعلام وخصائصها، والوسائل التي تتبعها في نقل المعلومات والأحداث، والأساليب التي تنتهجها للتأثير في المتلقي، ويكون هدفها الأساسي تنمية قدرات الطلاب ومهاراتهم في الجوانب التي تحدثت عنها في مقالي.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved