| |
الأمين العام الجديد للأمم المتحدة والمسؤولية الجسيمة عبد الله بن راشد السنيدي
|
|
أدى الأمين العام للأمم المتحدة الجديد (بان كي مون) قسم اليمين كأمين عام جديد لهيئة الأمم المتحدة خلفاً للأمين العام السابق (كوفي أنان)، الذي قام بأدوار وجهود واضحة تتسم بالحيدة والموضوعية وتصب في مصلحة السلم العالمي بالرغم من أن بعض الدول الكبرى كالولايات المتحدة لم تكن راضية عن بعض هذه الجهود رغم حيدتها وموضوعيتها وذلك بسبب تعارضها مع مصالحها. ويقوم الأمين العام للأمم المتحدة بدور بارز في هيئة الأمم المتحدة التي أُنشئت سنة 1945م من أجل المحافظة على السلم والأمن الدوليين، وبسبب هذا الهدف النبيل لهيئة الأمم المتحدة تقاطرت دول العالم للانضمام لهيئة الأمم المتحدة، وقد كانت بلادنا من أوائل الدول التي انضمت لهذه المنظمة الدولية، بل إنها شاركت في تأسيسها ووقَّعت على ميثاق الهيئة حيث قام الملك فيصل - رحمه الله - بذلك في نفس السنة التي أُنشئت فيها هيئة الأمم المتحدة، حيث يقوم الأمين العام بإحاطة مجلس الأمن الدولي على القضايا التي تهدد السلم العالمي، كما أن الأمين العام هو الذي يدعو مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة للانعقاد في حالة وجود ما يتطلَّب ذلك، كما أن الأمين العام يقوم في كثير من الأحيان بدور الوسيط لحل المشاكل والمنازعات التي تحصل بين الدول. ويُعتبر مجلس الأمن الدولي أهم فروع منظمة الأمم المتحدة التي تضم بالإضافة لذلك الجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية وصندوق النقد الدولي ومجلس الأمن الدولي له القول الفصل في كثير من القضايا العالمية لكونه يتألف من كبريات دول العالم وأهمها وهي: الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وهي الدول الدائمة العضوية في المجلس بخلاف الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم جميع أعضاء هيئة الأمم المتحدة، التي تتسم قراراتها بعدم الإلزام بل هي مجرد توصيات. أما قرارات مجلس الأمن الدولي فإن البعض منها ملزم وواجب النفاذ.. أما البعض الآخر من هذه القرارات فإنه يكون إما على شكل توصية أو إدانة لوضع معيّن.وقد ساهم مجلس الأمن الدولي الذي يتكوَّن من الأعضاء الخمسة الدائمين وهم الدول المشار إليها آنفاً وعشرة أعضاء آخرين غير دائمين، بل ينتخبون لعضوية المجلس لمدة سنتين من بين أعضاء هيئة الأمم المتحدة إلا أنه ليس لهم حق النقض (الفيتو) على قرارات المجلس الذي يمتلكه الأعضاء الدائمون فقط بحيث يمكن لأي من الأعضاء الخمسة الاعتراض على مشروع القرار والتصويت ضده وهو ما يؤدي إلى سقوطه وعدم إصداره. وقد ساهم مجلس الأمن الدولي في حل كثير من المشاكل الدولية كقضية البوسنة والهرسك وقضية إقليم كوسوفو وإقليم تيمور في إندونيسيا وغزو العراق للكويت، حيث تمَّ حل هذه المشكلات بالقوة الملزمة باستثناء مشكلة إقليم تيمور بعد أن استنفدت الوسائل السلمية كالعقوبات الاقتصادية ونحوها لحل القضايا الأخرى، إلا أن مجلس الأمن الدولي عجز أو فشل في حل كبريات القضايا العالمية وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني فرغم أن المجلس أصدر العديد من القرارات التي تُطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة سنة 1967م إلا أنه منذ ذلك التاريخ لا تزال إسرائيل مستمرة في الاحتلال، فواجب مجلس الأمن بعد أن تعثَّرت العملية السلمية في الشرق الأوسط وكان آخرها خارطة الطريق المقترحة من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي وهيئة الأمم المتحدة أن يتصدى لهذا الموضوع ويسعى إلى حل جماعي دولي لهذه القضية بأن يؤكد على ضرورة تنفيذ القرارات السابقة حول الشرق الأوسط التي مرت عليها سنون طويلة من دون تنفيذ وربط موافقته على القرارات المتعلقة بالقضايا الأخرى بتنفيذ قراراته الخاصة بالشرق الأوسط، صحيح أن الولايات المتحدة منحازة لإسرائيل كما أن لها كلمتها القوية في مجلس الأمن، لكن إذا حصل إجماع من بقية أعضاء مجلس الأمن الآخرين فإن الولايات المتحدة قد لا تصمد أمام هذا الإجماع وسوف تتراجع عن مواقفها المنحازة أو على الأقل قد تخفف من هذه المواقف. فحل قضية الشرق الأوسط سوف يُساهم بشكل كبير في دعم الاستقرار العالمي وذلك لأن استقرار هذه المنطقة ذات الأهمية العالمية سوف ينعكس على العالم بأسره. كما ينبغي لمجلس الأمن وبتأثير من الأمين العام الجديد أن يتصدى للوضع في العراق ويطرح الحلول الجماعية لحل مشاكل هذا البلد الذي لم يكن لمواطنيه بمختلف فئاتهم يدٌ فيما حصل فيه، والولايات المتحدة التي انفردت بقرار غزو العراق وتعثَّرت في تحقيق أهدافها ربما أنها تحتاج اليوم إلى من يساعدها للخروج من هذا المأزق، ومجلس الأمن هو خير من يُقدِّم هذا العون حتى لا يتفاقم الوضع المأساوي في العراق ويخرج عن نطاق السيطرة، فالعراق اليوم في حاجة إلى إعادة الثقة بين فئات شعبه وإقامة حكومة وطنية تستقطب كافة مكونات الشعب العراقي ومنع تدخُّل الدول الأخرى في شؤونه. كما أن على الأمين العام الجديد أن يراجع ما قرره مجلس الأمن منذ مدة حول الوضع في إقليم دارفور السوداني والوصول إلى نقاط حلول توائم بين مطالب المجتمع الدولي ومطلب الحكومة السودانية، فالسودان لا يرغب في دخول قوات دولية في أراضيه والمجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن الدولي لا يرغب في استمرار مأساة هذا الإقليم، فالحلول التي توفق بين هذين المطلبين المتعارضين هي المؤملة من الأمين العام الجديد، بدلاً من الإصرار على مواقف معيّنة انطلاقاً من مواقع القوة. وبعد: فإن كانت هذه القضايا المعلَّقة التي أشرنا إليها مما يهم منطقة الشرق الأوسط فإن هناك قضايا أخرى تهم بقية مناطق العالم ويأمل سكانها أن يتصدى لها الأمين العام الجديد بجدية وموضوعية، ومن أبرزها قضية السلاح النووي الكوري الشمالي وإن كان الأمين العام الجديد في موقف من هذه القضية لا يُحسد عليه باعتبار أنه من مواطني كوريا الجنوبية الخصم الرئيس لكوريا الشمالية، وكذلك قضية كشمير بين باكستان والهند التي مضى عليها ما يزيد عن (50) عاماً بدون حل، والتي أدت إلى قيام ثلاثة حروب بين الهند وباكستان، وقضية المفاعل النووي الإيراني بالعمل على تهدئة الوضع بين إيران ودول الغرب حتى لا تحدث كارثة أخرى في منطقة الشرق الأوسط.إذاً فإن مسؤولية الأمين العام للأمم المتحدة كبيرة وجسيمة تتطلَّب منه بذل الجهد لتحري العدالة والموضوعية عند التصدي للقضايا العالمية.
|
|
|
| |
|