| |
التوحد الاختياري د. عبدالرحمن بن سعود بن ناصر الهواوي(*)
|
|
يمر الإنسان في دنياه بمراحل عدة، مرحلة طفولة، ومرحلة مراهقة، ومرحلة شباب وأخيراً إلى مرحلة كبر وشيخوخة. ويتعرض الإنسان في هذه المراحل وخصوصاً مرحلتي المراهقة والشباب إلى مؤثرات متعددة - دينية وثقافية وإيديولوجية - قد يتلقاها من البيت والمجتمع والمدرسة والجامعة، والرفاق والأصدقاء. وهذه المؤثرات قد تحدد ماهيته وشخصيته وسلوكه في حياته، ولكن قد يغير ويبدل الإنسان ما تأثر به واعتقده بعد مرحلة دراسته وتعلمه ودخوله في حياته العملية، فهو قد يكون أسرة ويصبح صاحب مسؤولية، وهو في مجال عمله قد يقوم بصدقات وعداوات مختلفة مع المحيطين به، هذه الحالة ربما تكون لعوامل ذاتية مصلحية، وربما يصل الإنسان في عمله إلى مركز وظيفي مرموق، فيكون موضعا للإجلال والاحترام والتقدير. ولكن بعد أن يصل الإنسان إلى الكبر والشيخوخة، والاستغناء عنه في عمله، ويبدأ في استرجاع ما مر عليه في حياته قد يصل إلى نتيجة مفادها أن ما تلقاه من مؤثرات متعددة ما هي إلا زيف بزيف، وما قام به من صداقات ما هي إلا مصلحة آنية. وقد يجد نفسه وحيدا منعزلا إلى ذاته حتى أولاده قد يتفرقون عنه. يقول أحد الأصدقاء وهو الآن في مركز مهم: كان والدي يعمل في مصلحة حكومية مهمة جداً، وكان الناس من متأبطي البشوت يحضرون إلى منزلنا من بعد صلاة العصر ويجلسون مع والدي حتى الساعة العاشرة ليلا، ولكن بعد أن أحيل والدي إلى التقاعد وكان يجلس في مجلسه من بعد صلاة العصر لعل أحدا من الناس يحضر ليزوره، فلم يحضر منهم أي مخلوق، ولذا فانا الآن أقفل باب بيتي مباشرة بعد صلاة العشاء لا أزور ولا أزار. يقول المتنبي: ومن صحب الدنيا طويلا تقلبت على عينه حتى يرى صدقها كذْبا
(*)Dr.A.Hawawi@hotmail.com |
|
|
| |
|