| |
نوازع موازنة الخير د. محمد بن عبد الرحمن البشر
|
|
لقد أعلنت الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، وولي عهده الأمين ميزانية الخير والنماء لهذا العام المالي الجديد، وهي تحمل بين طياتها الكثير من المعطيات التي لا بد أن تؤتي أكلها في خدمات تقدم للمواطن والقاطن هذه البلاد التي عم خيرها أرجاء العالم. لقد كانت الفوائض المالية للعام الماضي التي بلغت نحو 70 مليار دولار، أي ما يقارب 250 مليار ريال، دلالة واضحة على أن الاقتصاد السعودي في ظل الاستقرار السياسي والاجتماعي السائد وأسعار النفط المتوازنة يمكنه أن ينمو بشكل رائع من خلال تقديم الخدمات المباشرة للمواطن مثل التعليم والصحة وغيرها من الخدمات الأخرى. فالميزانية السابقة أنفق جلها في تقديم الكثير للمواطن الذي لمس أثر ذلك برؤيته القريبة وتحسس درب النمو في مستقبله المتوسط والبعيد. إن فائض كهذا لا بد أن يرفع عن كاهل الدولة شيئاً من القروض المتراكمة في السابق لظروف خارجة عن الإرادة، وكذا سيساهم في تقديم مشاريع كبيرة ومتوسطة، ستكون ذات منفعة يلمسها المواطن في مسكنه ومشربه ومأكله وأمنه داخلياً وخارجياً، كما أن بعضاً من القروض التي ستكون أيسر ستساعده على إنشاء المزيد من المنافع الذاتية التي لا بد لها أن تنعكس على المجتمع بأسره. الميزانية المعلنة ميزانية توقعات إيرادات ومصروفات، وفيها تم تحديد أوجه الصرف والمنافع، غير أن هذه الأوجه تحتاج إلى معاول بناء إداري ومالي ومهـني. وهذه تعتمد جلها على الفرد القادر على الاستفادة من هذه الأموال الطائلة والقادرة على تيسير الكثير للمواطن، في ظل هذه الطموحات والحاجة إلى المعاول تستوجب النظر بعين البصير إلى بعض المحددات التي قد تكون عائقاً عن بلوغ المرام أو التعثر قبل وصوله. وهذه العوائق يمكن تجاوزها مع الحفاظ على الأنظمة القائمة والمعمول بها، وذلك بشيء من المرونة المقننة القادرة على تيسير الأعمال وفتح الأبواب للشركات الفاعلة والجادة لتستفيد من القوى العاملة السعودية المتاحة وتلجأ إلى دول أخرى عند الضرورة. لأن تنمية كهذه تحتاج الكثير من الأيدي الماهرة السعودية منها وغير السعودية. وهي فرصة متاحة للمواطن كي يبتعد عن أن يجعل نصب عينه وظائف الدولة، وأن يسلك غمار الاقتصاد الفاعل المنتج ليجني ثمار جهده مالاً وفيراً بإذن الله. إن عدم تفاعل سوق المال مع الميزانية قد يكون مفيداً لينصرف البعض - وآمل أن يكون الكثير - إلى المنافع الأخرى بدل أن يقبعوا أمام الشاشات ظناً منهم أن هذه الأسهم التي جعلوها مقامرة ستزيدهم مالاً غير أنها لن تزيدهم إلا خبالاً، إذا لم تكن مبنية على أسس علمية صحيحة. فالمتابع لما يدور في السوق رغم انخفاضه يدرك أن عقلية المضارب المقامر وليس المستثمر هي السائدة في السوق السعودي. ولو كان هناك توزيع أكبر للأرباح من الشركات الرابحة والناجحة لافتضح أمر الشركات الخاسرة، ولتبين الفرق بين الاثنين، ولبقي المقامرون في قمارهم ولفاز العقلاء بثمرة اختيارهم، ولارتفعت أسعار الشركات ذات الأدوار الأكبر، ولارتفع سعرها تبعاً لذلك.
|
|
|
| |
|