| |
الحاسب الآلي للمكفوفين... الواقع والطموح عبدالرحمن بن عبدالعزيز الفليج
|
|
مع النهضة التقنية التي يشهدها العالم منذ عقدين من الزمن تقريباً، وبعد ظهور الأجيال الثلاثة المتعاقبة من الحاسبات مثل تلك التي تشغل غرفة مستقلة وتتطلب وقتاً للحفظ والتخزين، وبعد أن دخلت الأجهزة المكاتب، ثم المنازل، ثم أصبحت تحمل في جيوب ملابسنا بوساطة أجهزة الجوال، مع هذا الاتجاه العارم نحو التقنية والحوسبة عمدت الدول إلى توجيه حكوماتها وإدارة أوراقهاإلكترونياً وعقدت مؤتمرات في مجال الحكومة الإلكترونية، وتسابقت الدول في تطوير إداراتها إلكترونياًً، كما خصصت للتعليم الإلكتروني حيزاً كبيراً في ميدان التربية والتعليم بجميع مستوياته ورصدت له المبالغ المالية، واعتمدت له الاتفاقيات المتبادلة ومذكرات التفاهم مع أكبر الشركات الحاسوبية. وفي ذات الإطار توجهت الجهود نحو تدريب المعلمين والمعلمات والموظفين والموظفات على مهارات الحاسب، بل أصبح متطلباً لكثير من المراكز الوظيفية. ومع وصول عدد مستخدمي الإنترنت في السعودية إلى ثلاثة ملايين مستخدم (2005م) والنمو الهائل الذي يشهده هذا العدد. مع كل المعطيات السابقة، أطرح هذا السؤال: أين الكفيف من هذا كله؟ وأين الكفيفة أيضاً؟ وبصورة أكثر دقة.. أين طلابنا وطالباتنا من ذوي الإعاقة البصرية من هذه التقنية، ومن الحاسب الآلي، ومن البرامج الموجهة، والمدعومة من القطاع العام والخاص؟.. من غير المستغرب أن يقول المجتمع: وهل المكفوفون بحاجة للحاسب؟ وكيف سيستفيدون منه وهم لا يبصرون؟.. من هنا تأتي البداية، فتوعية المجتمع منطلق رئيس في تهيئته لاستقبال الكفيف مستخدماً للحاسب، والاتجاهات التي لا تستند إلى المعلومة الصحيحة عن قدرات المكفوفين وإمكانياتهم هي التي يجب أن نعمل على تغييرها نحو الحقيقة والواقعية، وهذا يمكن تحقيقه عبر الرسائل الإعلامية المتنوعة ومن خلال المناسبات والفعاليات العامة وأيضاً عبر المعارض المصاحبة للأيام العالمية مثل اليوم العالمي للإعاقة الذي يوافق الخامس من شهر ديسمبر في كل عام. وقد شهد الكفيف دخول الحاسب الآلي في عالمه منذ بضع سنين عندما أدخلت وزارة التربية والتعليم مادة الحاسب الآلي في معاهد النور ليحل محل الآلة الكاتبة التي كان الطلاب يتدربون على استخدامها، ثم أدخلت معامل الحاسب الآلي تبعاً لذلك وتم تزيدها بالبرامج الناطقة المخصصة للمكفوفين، ومن خلال مناهج مادة الحاسب -وإن كانت الآن بحاجة للتطوير- تعرف الكفيف علىالحاسوب وبدأ يخوض غماره. ولكن يبقى الأمر في مجال المدرسة وفي إطار زمنها المحدود، فلم تكن هناك جهود لتعليم الطلاب المكفوفين أو الطالبات الكفيفات مبادئ الحاسب في المرحلة الابتدائية ولو على سبيل النشاط الإضافي، كما نشهده في بعض المدارس الآن، ومن ناحية أخرى تنقطع العلاقة مع الحاسب بعد المرحلة الثانوية، فلم نر كفيفاً درس مادة في علوم الحاسب كمادة اختيارية.. من هنا تبرز الحاجة لتهيئة بيئة مناسبة، نقدم من خلالها برامج تدريبية وتثقيفية للمكفوفين، ونوسع بها مداركهم ونصقل بها خبراتهم، وننمي فيها مواهبهم، ونشبع بها حاجاتهم المعرفية، فيشعروا بتقدير الذات، ويعيشوا اهتماماً من المجتمع بهم، ويسعدوا بقضاء أوقاتهم فيما يثري خبرتهم.. أليس لهم حق في ذلك؟.. بلى، والأمر يتطلب أكثر من ذلك، يتطلب مساهمة من رجال الأعمالالفضلاء رواد الدعم الخيري وفرسان المبادرات المباركة ليسهموا بدورهم في بناء باب معرفي واسع للمعاقين بصرياً؛ فالجهد يجب أن ينطلق من المجتمع وإلى أبناء المجتمع، وسيعود بالخير على المجتمع، حيث يمكن الاستفادة من قدرات المكفوفين بعد تأهيلها ليصبح عضواً عاملاً منتجاً يؤسس أسرة تنضم إلى نسيج المجتمع وتصبح لبنة في صرح شامخ، والناظر في العصر الحديث عوضاً عن القديم يرى الكفيف بقدرات سبق بها الكثير من الناس ونال بها درجات مرموقة، وأفاد العالم بفكره وعطائه. ونادي الحاسب الآلي للمكفوفين في مدينة الرياض خطوة كبيرة في حياة المكفوفين والكفيفات ونبتة جميلة غرستها الدولة -أعزها الله- فعلينا أن نرعى هذه الغرسة وأن نتعاهدها بالري والرعاية وأن نتلقى ثمارها بعناية لتبقى ظلالها وارفة وثمارها دائمة للمكفوفين والكفيفات فهي شجرتهم الحاسوبية في بستان الوطن.
مدير نادي الحاسب الآلي للمكفوفين فاكس: 4091126
|
|
|
| |
|