Al Jazirah NewsPaper Friday  22/12/2006G Issue 12503مقـالاتالجمعة 02 ذو الحجة 1427 هـ  22 ديسمبر2006 م   العدد  12503
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

المجتمـع

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

أفاق اسلامية

أبناء الجزيرة

لقاءات

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

سين وجيم

تحقيقات

مدارات شعبية

الأخيــرة

وأذِّن في الناس بالحج
د. محمد بن سعد الشويعر

الحج ركن من أركان الإسلام، قيّده الله سبحانه بالاستطاعة، كما جاء في سورة آل عمران، ومن الاستطاعة، القدرة على النّفقة للحج، وأمن الطّريق، ومن استطاعة المرأة توفّر المحرم، لأنّه لا يجوز لها أن تسافر للحج وكذا غيره، إلاّ بمحرم، حتى ولو كان معها نساء، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، لرجل كان مكتتباً في غزوة، بالجهاد في سبيل الله، وامرأته سافرت للحج بدون محرم، فقال له عليه الصلاة والسلام: (حج مع امرأتك)، ومن قدر على النفقة لكنه لم يبق لأهله وولده ما يكفيهم مدة سفره، فإنه معذور في أداء الحج حتى يستطيع والرجل سفره محرماً لزوجته، مع تركه الجهاد في سبيل الله، مقدّم رغم أفضلية الجهاد في سبيل الله، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر المرأة إلاّ مع ذي محرم) متّفق عليه. فقدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذّهاب للرجل مع امرأته في الحج، على الذهاب للجهاد، وهذا الحكم من الله، وراءه مصالح كثيرة، ويقمع الله به شروراً عن المرأة. ولما طلبت عائشة رضي الله عنها، دليلاً على حرمان النّساء من الجهاد لفضله، أخبرها عليه السلام بأنّ عليهن جهاداً لا قتالاً فيه: الحج والعمرة.. وهذا من رأفة الإسلام بالمرأة، وتعظيم عملها البسيط، ليصل أجره الأعمال الكبيرة ولما بنى إبراهيم عليه السلام، وابنه إسماعيل بيت الله في مكة، أمره ربه أن ينادي في الناس بالحج، قال: يا رب وما يبلغ صوتي؟ قال: اذّن وعلي البلاغ.
قال: ابن الجوزي في تفسيره: فعلا إبراهيم على جبل أبي قبيس، وقال: يا أيها النّاس، إن ربّكم قد بنى بيتاً، فحجّوه، فأسمع الله صوته لمن في أصلاب الرجال، وأرحام النّساء، ممن سبق في علم القرآن يحج، فأجابوه: لبيك اللهم لبيك.. وأنت يا أخي يجب عليك:
تعلم أنّ من أتى البيت، الذي دعا الناس إليه إبراهيم، فكأنه قد أتى أبيهم، لأنّه أجاب نداءه، ومن تسهيلات الحج، أن الله سبحانه وتعالى، جعل بيته آمناً، وسهّل على الناس النفقة، وسُبُل الوصول إليه، وجعله محفوظاً بحفظه سبحانه حيث هيأ جل وعلا، حكومة إسلامية سلفية، ترعى شؤونه، وتبذل الكثير في سبيل المحافظة على أمنه، وتيسير الوصول إليه: للحج أو للزيارة والعمرة، وبذلوا في بناء وتوسيع المسجد الشيء الكثير، حتى يستوعب أكبر عددٍ ممكن من الحجاج والعمّار، في كل وقت.
بل إن يد الإعمار والتّحسين والتّوسعة، لبيت الله الحرام، ولسائر المشاعر مستمرّة منذ وحّد الملك عبدالعزيز الجزيرة، بقيادة مخلصة ناصحة، حتى الآن، وفي كل وقت يد التعمير تعمل وهمّه في خدمة ضيوف الرحمن يزداد، منذ ذلك التاريخ.. على الرغم من تزايد الحجاج كل عام، وما كانوا ليتوافدوا، لولا ما هيأ الله على الأيدي العاملة، والنّوايا الحسنة، من التّضافر، وتتابع الجهود، بنيّة حسنة، طمعاً في الجزاء من الله، مع همّة متواصلة في خدمة الوافدين لأداء شعيرة الحج التي فرضها الله على عباده.
وقد كان من لطف الله بعباده المؤمنين، وتيسير الحج، أن هيأ له أيدي أمينة، تحوطه بالرعاية والأمانة، وتبذل الكثير من الاستعدادات، في تهيئة الجو المناسب لأداء هذه العبادة، على الوجه الأكمل، دون أن ترهقهم بنفقات، غير المواصلات والنفقات الشخصية.
أما الأمور المهمة، من طرق وتنظيم، ورعاية وحماية، ومياه ووسائل راحة، التي كانت في السابق ترهق الحجاج، فقد يُسّرت، وذللت العقبات، وبعد انتهاء المشروعات العملاقة، في الحرم وما حوله، في جهود لم يعرف لها التاريخ نظيراً، جاء دور، مسيرة الجمرات، التي كان يشق على بعض الحجاج، بما يحصل فيه من تدافع وازدحام فتبنت الدولة السعودية مشروعاً جباراً تبلغ تكلفته مئات المليارات، حيث سيشهد هذا العام، الخطوات الأولى من هذا المشروع، الذي سيذلل الصعوبات السابقة بما بُذل من تخطيط وحماس، وما أُنفق فيه من أموال بسخاء هي هينة لدى المسؤولين، في سبيل راحة واطمئنان حجاج بيت الله الذين يتزايدون عاماً بعد عامٍ بالملايين وليس بالآلاف.. ولم يرد ولاة الأمر بعملهم رياءً أو سمعةً، وإنما هو لله وما عنده ومن رأفة الله بعباده، أن جعل الحج واجباً، مرة في العمر، ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفي كل عام نحج؟ (قال: لا ولو قلت نعم لما استطعتم). ووراء هذا الجوب تعليلات كثيرة، ومفاهيم واسعة، تبين كل عام وعن الأمن: فإن الله أوجد رغبة أكيدة في قلوب العاملين في الأمن، بالاهتمام والسهر بنفوس رضيّة، وقلوب مطمئنة على راحة وأمن الحجاج: أمناً نفسياً، وأمناً صحياً، وأمناً غذائياً، إذ على الرغم من أن هذا البيت، يقع في وادٍ غير ذي زرع، إلا أن أرزاق الحجاج، وقوتهم وشرابهم، قد يسر الله توفره، وسخّر من يجلبه، لتكون مكة في الموسم التعبدي، من أوفر بلاد الله في أرضه الواسعة رخاءً وتيسيراً حتى يتفرغوا لعبادات ربهم، ويتجهوا في أيامهم المعدودة، لمناجاة خالقهم، طاعة له سبحانه، واستجابة لنداء إبراهيم الخليل ليستحقوا الفوز بالمغفرة والرحمة، عندما يشهد الله ملائكته في يوم عرفة، ويقابل ذلك الفضل من الله، باستجابة عباده وإخلاصهم العبادة، ونقاوة النفقة: بالحسرة والندامة من عدو الله إبليس حيث يدعو بالويل والثبور ويحثو على نفسه التراب: جزعاً وغيرةً.
ومن حفظ الله لبيته: أن من يرد فيه بإلحاد يذيقه الله العذاب الأليم، ويحميه سبحانه ويحمي الوافدين إليه من عبث العابثين، وهذا مشاهد في كل عصر، يتناول أمنه الطغاة والجبابرة، ليفسدوا على الناس حجهم. ألم يقل سبحانه: (يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (25) سورة الحج.
قال ابن عمر: بيع الطعام إلحاد، والمراد احتكاره، وقال سعيد بن جبير: شتم الخادم ظلم فما فوقه.
وقال بعض المفسرين المراد بالإلحاد خمسة أقوال: الظلم، الثاني الشرك، الثالث الشرك والقتل، الرابع أنها استحلال محظورات الإحرام، الخامس استحلال الحرم تعمداً.. وقد جاء في الأثر: لو أن رجلاً همّ بقتل مؤمن عند البيت، وهو في أبين في عدن، أذاقه الله في الدنيا من عذاب أليم.
وقال مجاهد: تضاعف العذاب.
الجزاء من جنس العمل
ذكر ابن شملان في كتابه القصصي نتيجتين: الأولى عن الظلم وعاقبته، والثانية عن الصدقة ونتيجتها بالنية الصادقة: يقول في الأولى: تشاجر ثلاثة إخوة، عندنا في إحدى قرى اليمن، مع رجل على قطعة أرض صغيرة هي في ملك الرجل، فلما لم يستطع مقاومتهم، لجأ إلى الله وطلب منهم اليمين بأنها أرضهم، ويقتنع بذلك، فعزم الأكبر والأوسط على اليمين وتردد الأصغر، لخوفه من عاقبة اليمين الفاجرة، فما زالوا في أخذٍ ورد، والرجل لا يزيدهم على طلب اليمين، فعزموا عليها، وأرغموا أخاهم الأصغر على الحلف، بعد أن حاول الانسحاب، فبدأ الكبير فما انتهى من يمينه الفاجرة، إلا ويبست يده، فصاح صياحاً شديداً، فأخذوه للمستشفى، فكشفوا عليه فلم يجدوا شيئاً.
ثم ذهب به إلى رجل من أهل الخبرة: فقال له: لقد ظلمت نفسك، ولا حلَ لك عندي، هذه عقوبة من الله ولا اعتراض على قدر الله، إن لم يتداركك الله بلطفه، فما لبث بعدها إلا أياماً فمات، ثم أدرك العقاب أخاه الأوسط كذلك، ثم الأصغر على تفاوتهم في الفجور.
فأحاطت بهم سنة واحدة، فهلكوا جميعاً، وصدق الله حيث يقول: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (102) سورة هود. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن اليمين الفاجرة، تدع الديار بلاقع) من أخبار جهران.
أما القصة الثانية فيقول فيها: أخذ رجل لزوجته شيئاً من السمك، فأكلت منه، وفي أثناء الأكل، بلعت مع لحم السمك عظماً صغيراً، فنزل إلى حلقها، فاعترض فيه ولم تستطع أن تبلعه، فحصل لها من ذلك ألم شديد كاد أن يقتلها، فأخذها بسرعة إلى الأطباء، فقالوا: تحتاج إلى عملية، فإن وضعها خطير، فأخذها زوجها من الحديدة، متوجهاً إلى صنعاء، قد فوض أمره إلى الله، عاملاً بالأسباب، فبينما هم في الطريق، ولم يبق في جيبه من المال، إلا ما يقارب ثلثمائة ريال (300) يمني.. فتعطلت السيارة، ونزل صاحبها لإصلاحها، وبينما هم كذلك مرت امرأة عجوز مسكينة، تشكو أن لديها أطفالاً، وهم في حاجة ماسة إلى المساعدة، وإلى من يفرج كربتهم، فأدركت زوج المرأة الشفقة والرحمة، وقال في نفسه: ربما ينتفعون بالثلثمائة ريال، أعظم مني، ويفرج الله كربتي، فأعطاها عطاء الواثق بالله.
فقالت العجوز: أسأل الله أن يفرّج كربتك، كما فرجت كربتي، قال الرجل: فما انتهت من الدعاء، وإذا بزوجته تكح، كحة شديدة، أخرجت على إثرها عظم السمك. (القصص المئة لأحمد الشملان ص81 - 83).



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved