| |
عيون المها!!! محمد أبو حمرا
|
|
نسمع كثيراً من الشعراء أن فلانة جميلة وأن عيونها مثل عيون المها؛ ومع أن هناك عيوناً أجمل شكلاً وأكثر اتساعاً من عيون المها، لكن لم يضرب بها الوصف؛ وهذا إرث شعبي قديم؛ لأن المها حيوان جفول خجول مثل العذراء تماماً!! لكن هل سمعتم أن فلانة مثل الكلبة أو السلوقي؟ ربما، ومن هنا تأتي إبداعية الشاعر وجرأته في تخزين الفكرة ثم طرحها؛ فالشاعر ابن سبيل (إن لم تخني الذاكرة) يصف فتيات جميلات في مشيتهن بقوله: مشية الغزلان وبطون السلق.. أي أن مشيتهن تشبه مشية الغزلان؛ أما بطونهن فهي ضامرة مثل بطون السلق؛ والسلق نوع من الكلاب المعدة للصيد، وتأتي ضامرة البطن، فمخزونه التراثي عن المها لم ينقطع على الرغم من إحلال السلق مكان الغزال في جزئية معينة، وهو منهج قديم عند الشعراء العرب!! أما بعض الشعراء المنشدين بنور الطيارة، فقد استعملوا أنوارها كعيون محبوباتهم، ويسمون نور الطائرة عيناً: (عينك يا عين الطيارة يا عين..). وذو الرمة الشاعر القديم قد استعمل عيون الحمير كوصف لجمال عين محبوبته، ولا ألومه أبداً؛ لأن عين الحمارة سوداء رائبة كثيرة الغموض ومغرية، ومن هنا استعملها كعين المحبوبة!! ربما أنه استعمل المحسوس عنده والقريب من منازل العشيرة كوصف؛ لا أدري ما عذره؟! هذا مدخل أدخل به إلى ما نسمعه من أغانٍ تعرض على الشاشات اليوم، وهي تخدر شبابنا كما كانت أم كلثوم تخدر شيابنا آنذاك، لكن الفرق بين الأمس واليوم أننا لم نسمع امرأة تتغزل بمحبوبها وتصف عيونه وخدوده وقدّه أبداً، لأن الحياء يمنع من ذلك حتى في الجاهلية، أما بين شبابنا المسلم اليوم، فالغواني هن اللائي يصفن المعشوق بما يشبه وصف العذارى يومها، فهل هذا انقلاب في مفاهيم الأخلاقيات والرجولة؟ أم أنه انحدار القيم والشيمة وسقوط برقع الحياء حتى عند اللائي أمرهن دينهن وخلقهن العربي الأصيل بالحشمة؟ أعتقد أنه لم يعد للحشمة مكان ما دامت المرأة الشاعرة والمغنية تتغزل برجل له خدٌّ وقدٌّ مثلها، وبقي عليهن أن يصفن المعشوق في لسانه وبيانه بثغاء البقر وضحكة البعير ونحو ذلك من شذوذ الفكر وسوء التجربة الشعرية، أظن أن النساء بدأن يسترجلن دون أن يقمن معايير الحياء كما خلق لهن، هذا ما نسمعه أو نقرؤه من شاعرات أغلبهن من دول الخليج والسعودية، فليتهن يرجعن إلى خيمة الحشمة والحياء والطهر الذي هو جمال كل شيء؟ عندها سوف يكثر الجمال لا الهبال!!!
فاكس 2372911
|
|
|
| |
|