| |
ويبقى السؤال الصعب... من يحدِّد النخب المفكرة للتعليم..؟! محمد بن عبدالعزيز الفيصل
|
|
(التطوير).. هذه الكلمة التي ظلت تتردد على مسامع (الكل) منذ سنين (غابرة).. واستمرت القيادات التعليمية في وزارة المعارف (سابقاً)، التربية والتعليم (حالياً) في تكرار هذه (المفردة) إلى أن جاء الزمن الذي وئدت فيه.. أملاً في أن يسهم ذلك في (تبنيج) الوضع الذي (كان.. وما زال) تعليمنا (العام) يعاني منه في شتى مراحله الدراسية. (التطوير).. مع جمال هذه الكلمة وسمو ما تحمله من معان، وبخاصة إذا اقترن الأمر ب(التعليم)، وتركز الهدف على النهوض به قدماً نحو الأمام لكي يتحقق الجزء اليسير من مفهوم التعليم!.. ولو حصل هذا الأمر فإن ذلك مما يستدعي (التفاؤل)، وليس ذلك فحسب، بل احتضان أغلب المقترحات والأفكار (التحسينية) الشاملة، التي ما زالت تحلِّق في سماء (الخيال). والكل وأنا واحد منهم في انتظار أن تهبط هذه الأفكار (الإيجابية) إلى أرض (الواقع)! المشكلة أن هذه الأفكار مع غيرها أصبحت تشكِّل كابوساً لدى بعض القيادات التعليمية في الوزارة! بالإضافة إلى أن الطريق مزروع بعدد (هائل) من الألغام الفكرية التي تتربص بكل من يحاول التجديد أو التطوير، بينما المجال مفتوح ومهيأ لاستقبال جميع الأفكار الأخرى، وبشرط أن تكون هذه الأفكار (مستنسخة) من الماضي. مما لا شك فيه أن أسلوب تعليمنا بكل معطياته بحاجة إلى إعادة تأهيل في جميع ما يمتلكه من مقومات (مادية.. فكرية.. ثقافية..)، ويجب أن يشرف على هذه الخطوة النوعية (الحساسة)، نخب منتقاة بعناية بحيث تتوفر لديهم خطط متقنة سبق أن طبّقت على أرض الواقع ونجحت، لتكون كفيلة ببناء جيل واعٍ تعليمياً مستنير ثقافياً، إن عملية الانتقال من طور إلى طور آخر يجب أن تسبقها عمليات متتابعة من البناء والترميم لجميع ما يمتلكه الهيكل التعليمي من مقومات مادية ومعنوية، بحيث يشمل ذلك (الشكل والمضمون). لقد سبق لي أن عملت تحقيقاً صحفياً نُشر في جريدة الجزيرة بتاريخ 13شوال 1426هـ تناول الوضع التعليمي (العام) وألقى الضوء على عدد من الجوانب، كان من أهمها مدى استفادة الطلاب من تدريس اللغة الإنجليزية، وقد وزعت استبانة على 100 طالب من خريجي الثانوية العامة، فتبيَّن أن 87% من هؤلاء لم يستفيدوا من دراستهم! و9% قد استفادوا منها، و4% قد تركوا الدراسة بسبب فشلهم في هذه المادة. وقد تحدث إلى د. محمد الأحيدب عميد معهد تعليم اللغة سابقاً، والمشرف العام على مشروع اللغة الإنجليزية في وزارة التربية والتعليم, مشيراً إلى أن من أسباب عدم نجاح تدريس الإنجليزية في مراحل التعليم العام هو عدم كفاءة من يدرس هذه المادة، فالمدرسون ليسوا بالمستوى المطلوب. ومن جهة أخرى يؤكِّد د. زيد الحسين، عضو الشورى، ورئيس مجلس مدارس منارات الرياض سابقاً، أن منهج اللغة العربية الذي يدرس الآن في شتى مراحل التعليم (العام) يضر بالطالب أكثر مما ينفعه، ويبيّن الطريقة الصحيحة (السليمة) التي من المفترض أن تطبَّق. وأنا أسوق هذه الاستشهادات والدلائل، أطلب من كل شخص يقرأ هذه السطور أن يسأل أي طالب من طلاب التعليم العام عن أي نقطة سبق أن طرحتها.. سيفاجأ! بأن الجواب سيكون مطابقاً لما ذكرته إن لم يكن أفظع..! وفي مثل هذه الأوضاع (الدقيقة) التي يترتب عليها مستقبل الأجيال القادمة التي تحدد بدورها مستقبل (الوطن)، فيتحتم علينا أن نكون صريحين مع ذواتنا وألا نتبع السياسة النعامية (الدارجة)... لا أنكر استقطاب الوزارة لعينات محدودة جدًّا، للإشراف على تطوير بعض الجوانب التعليمية، ولكن هذه الكفاءات (النادرة)، لم تستطع أن تعمل الكثير لعدة أسباب، أولاً: عدم تمتعهم بالصلاحيات اللازمة التي تمكنهم من العمل والإبداع. ثانياً: وقف عمل هذه (النخب) على الجانب النظري وترك التطبيق على الوزارة. ثالثاً: أن هؤلاء استضافتهم الوزارة لمعالجة مجالات محدودة جدًّا، لا تشكل سوى جزء يسير من العبء التعليمي. ففتح المجال لهؤلاء أمر ضروري لا بد منه لكي يحصل المطلوب... وهذه النخب (المفكرة) يجب أن تنتقى بعناية تامة، وبحذر شديد بحيث يكون ذلك (الانتقاء) بعيداً عن المجاملات و(المصالح)، فأغلب العينات التي تستقطبها (الوزارة) لا نجد من بينها سوى عدد ضئيل، من الكفاءات الصالحة أما البقية، فلا يمكن الاستفادة منهم بأي شكل من الأشكال، أما النوعيات الجيدة فلن تتمكّن من البناء والتطوير لعدة أسباب سبق أن ذكرتها، كان من أبرزها عدم منحهم الصلاحيات الكافية التي تمكّنهم من الإصلاح والترميم. لقد كانت أغلب (العينات) التي تكلّف بالبحث والتطوير والتخطيط، (ضعيفة) أو غير قادرة على التفكير والإنتاج بما فيه الكفاية، فمن يختار هذه (العينات) سيكون من داخل (الوزارة) وسيحرص على أن تكون أغلبها منسجمة مع قناعاته وهذا ما قد يعطل ويدهور عجلة التنمية التعليمية كثيراً، فيجب أن يشرف على انتقاء هذه (النخب المفكرة) شخص (محايد) من خارج الوزارة، بحيث تكون هذه (النخب) على الأقل قادرة - إن فتح لها المجال - على الإبداع والابتكار. لقد سعت بعض الكيانات (شبه المستقلة)، التابعة لبعض المؤسسات العامة إلى تطوير كياناتها التعليمية، ودفعها إلى الأمام بشكل آمن وبأسلوب علمي يشرف عليه خبراء (مختصون).. ولكن صدم هؤلاء عندما وقفت وزارة التربية والتعليم في وجه كل ذلك، ومن أقرب الأمثلة في هذا المضمار، التجربة التي خاضتها المدارس التابعة لمدينتي الجبيل وينبع الصناعية التي فوجئت بقرارات الوزارة بإيقاف أغلب المشاريع التنموية التعليمية فيها، بل أجبرتها على استقبال المدرسين الذين ترسلهم الوزارة، فما المانع لو فتحت الوزارة لها باب (التطوير؟) المقنن تحت إشرافها ومشورتها، بحيث تتأكد من جدوى جميع الخطط التي يقدمون عليها، فإن نجحت تلك الجهات في مخططاتها التعليمية تقوم الوزارة بتطبيق ذلك على جميع المدارس وبالتالي توفر على نفسها الجهد المادي والمعنوي. وفي رأيي المتواضع فإن كل ساعة تمر على تعليمنا كفيلة بهدم الكثير من الآمال والتطلعات المستقبلية التي ستحدد المسارات التنموية لوطننا في شتى المجالات.
Alfaisal411@hotmail.com |
|
|
| |
|