| |
وهل أقدس من الروح؟! ناهد بنت أنور التادفي
|
|
{مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (32)) المائدة). {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}(85)) الإسراء). لا أريد أن أكون في هذا اليوم الجميل سبباً في حزنكم، لكنها حادثة أوجعتني، فرأيت أن أنقلها لكم بأمانة، فقد يكون فيها عبرة. كان الوقت عصراً، الناس في بيوتهم يستمتعون بجلسات استرخاء في منازلهم بعد أسبوع حافل بالعمل، عندما سمعت صوتاً خافتاً يطلب النجدة، فهرعت أفتش عن مصدر الصوت. وبعد وقت وصلت إلى أن الصوت آت من بنر المنور الداخلي للبناء الذي أقيم في الطابق الثالث منه. أطللت من نافذة المطبخ الضيقة فرأيتها.! كانت مكوّمة في ركن قرار المنور، ساكنة دون حراك، وصوت أنينها الخافت يقطع نياط القلوب، هالني منظرها المسكين وقد حسبتها تصارع أنفاسها الأخيرة، ولم أعلم من أي طابق سقطت، علماً أن الشرفة التي تطل على المنور يبلغ ارتفاعها عن قراره خمسة عشر متراً. ولا أعرف كيف وصلت إلى هذا المصير؟ خرجت إلى الشرفة المطلة على الطريق العام، وصرخت بأعلى صوتي علّ أحداً يساعدني كي نجد طريقة للوصول إليها، ونساعد على إنقاذها من هلاك محتوم. لكن الشارع كان مقفراً إلا من سيارات مسرعة تروح وتغدو ولا أحد يسمعني ولا أحد يراني.. ماذا أفعل؟ وكيف أتصرف وأنا لا أملك حيلة، وزوجي غائب عن البيت، وأطفالي صغار؟ ماذا أفعل وأنا أتابع بحزن منظرها المحزن، ولا أحتمل رؤيتها تموت؟ أنينها الحزين الموجوع يفتت مشارعي.. ودون أن أي تفكير مسبق، وجدتني أسرع إلى الهاتف وأطلب الرقم 998 فريق طوارئ الدفاع المدني في منطقة المعذر شمال الرياض وهو أحد الأقسام التابعة لقوى الأمن. لم أعرف ماذا قلت لهم فقد كنت مرتبكة غاية في الارتباك، ولا ماذا طلبت منهم فقد كانت كلماتي تخرج من فمي دون أن أسيطر عليها، لكنهم فهموا مني لهفتي وارتباكي.. وعنواني! بعد أقل من دقائق كان المبنى يعج برجال الطوارئ الأشداء وأدواتهم المتطورة. نزلوا إلى قرار المنور وحملوها برفق، كانت سعيدة الحظ، فقد نجت من موت محقق.. لمستها بحنان ومسحت على فروها الناعم، فنظرت إلي وإلى الفريق الذي أنقذها بود وعرفان.. شعرت براحة كبيرة تسكن ضميري وأنا أساهم في إنقاذ قطة ضعيفة، سقطت في قرار منور البناء الذي أقيم في شقة من شققه، وأحسست أنها شكرتني وشكرت كل من ساهم في إنقاذها بموائها الدافئ وذبول عينيها. إنها الروح التي بثها الله سبحانه طاهرة مقدسة في صدور الكائنات، وقال لها كوني فكانت.. أمانة مقدسة حملنا إياها الخالق القادر.. وما أعجب من يزهق الأرواح بالباطل.
الرياض - فاكس 014803452
|
|
|
| |
|