Al Jazirah NewsPaper Friday  15/12/2006G Issue 12496أفاق اسلاميةالجمعة 24 ذو القعدة 1427 هـ  15 ديسمبر2006 م   العدد  12496
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

أفاق اسلامية

أبناء الجزيرة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

سين وجيم

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

ملامح من خدمات الحج والحجيج عند الملك عبدالعزيز
أ . د . عمر بن صالح العُمري (*)

من المتعارف عليه عند المتقدمين والمتأخرين من الباحثين والمؤرخين أن خدمة الحج والحجيج شرف عظيم لا يضاهيه شرف بالنسبة لمن شرف بخدمة الحرمين الشريفين من حكام المسلمين عبر العصور.
ولم يكن الملك عبدالعزيز، رحمه الله، بمعزل من أولئك الحكام الذين تميزوا بهذا الشرف ولذلك وضع الملك عبدالعزيز رعاية شؤون الحج والحجيج وخدمتها في أوليات اهتماماته منذ انضمام الحجاز إلى الدولة السعودية.
وقد تنوعت تلك الاهتمامات وتعددت، مما يصعب معه حصرها والحديث عنها في مثل هذا المقام، حيث استغرقت بعض تلك الجوانب رسائل علمية مفردة مثل الرسالة العلمية التي بعنوان (مرافق الحج وخدمتها المدنية في عهد الملك عبدالعزيز) للباحث وليد بن محمد جميل، فكيف بالحديث عن هذه الجوانب جميعاً؟.
ولذلك سنكتفي هنا بإيراد بعض النماذج والأمثلة التي تدل على تلك اللفتات الخيِّرة من قبل الملك عبدالعزيز - رحمه الله - دون الدخول في بقية التفصيلات معتمداً في ذلك على ما ورد في دراسة سابقة وشاملة عن (الملك عبدالعزيز والعمل الخيري).
وأول مثال نورده هنا يدل على عناية الملك عبدالعزيز بالحج والحجيج هو حرصه - رحمه الله - على أن يكون بنفسه على قيادة موكب الحج منذ أن انضم الحجاز إلى حكمه إلى وفاته، رحمه الله.
فخلال تلك الفترة التي بلغت حوالي ثلاثين عاماً لم يتخلف - رحمه الله - عن إمارة الحج إلا ست مرات، أناب في اثنتين منهما نائبه في الحجاز الأمير فيصل بن عبدالعزيز، وأربع منها أناب فيها ولي عهده الأمير سعود بن عبدالعزيز.
وكان تخلف الملك عبدالعزيز في تلك السنين إما لعجزه صحياً عن ذلك خاصة في أواخر حياته، رحمه الله، أو لرغبته بتوفير نفقات الحج، لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين كما فعل في الحج عام 1360 هـ.
وهي من اللفتات الطيبة التي تُسجل للملك عبدالعزيز وتدل على سعة إدراكه وحسن تصرفه في الأزمات.
يقول الملك عبدالعزيز في برقية (تشبه البلاغ العام) بعث بها إلى عدد من الجهات والبلدان عن ذلك:
(هذه السنة عزمنا على عدم الحج والقصد من ذلك توفير المصاريف لأجل توزيعها على الفقراء والمحتاجين في البلاد، أحببنا نخبركم في ذلك لأجل تخبرون أطرافكم لئلا يستنكرون عدم حجنا وهو ولله الحمد ما هنا سبب غير ما ذكر البادية وأهل الهجر اركبوا لهم وخبروهم وأهل البلد أعلنوا لهم ذلك).
وصورة البرقية محفوظة في دارة الملك عبدالعزيز برقم 152، ومنشور نسخة منها في كتاب (من وثائقنا الملك عبدالعزيز إصدار المهرجان الوطني ص 371).
ومن الجوانب المهمة بشؤون الحج التي اهتم بها - رحمه الله - الجانب الصحي، ففي هذا الجانب، مثلاً، حرص الملك عبدالعزيز على تتبع الأحوال الصحية للحجاج وتفقد أحوالهم منذ أول عام للحج تحت رعايته، حيث خصص لذلك مقراً وطبيباً لمعاينة المرضى خاصة الفقراء منهم، وجاء في التعليمات الصادرة بهذا الخصوص من جلالته لنائبه في الحجاز عام 1344 هـ: (تخبرون جميع مشايخ المطوفين على أنه يلزم عليهم ينبهون على جميع المطوفين الذي يصير عنده مريض من حجاجه يلزم يخبر الدكتور خيري بالصحية حتى يحضر لمعاينته والكشف على صحته فإن كان المريض فقير الحال ويجب نقله إلى الصحية نقلوه وأجروا مباشرته.
وإن كان ميسر الحال ويجب بقاؤه في محله فيبقى فيه ويعوده الطبيب في الأوقات اللازمة.
المقصود تنبهون على جميع المطوفين بها الموجب. أيضاً جميع المطوفين الذي عنده حجاج ملزوم يخبر الصحية بهم وبعددهم وبمحلات سكانهم حتى تتمكن الصحية من الكشف على صحتهم وعلى محلات سكناهم وتعمل من التدابير اللازمة لحفظ صحتهم).
ومن دلالات حرص الملك عبدالعزيز - رحمه الله - على رعاية الحج والحجيج وتتبع ما يصلح شؤونهم ودفعها إلى الأفضل أمره عام 1347 هـ بتأسيس مدرسة لتعليم المطوفين ونوابهم، يتلقون فيها دروساً في علم التوحيد، والعبادات، والمناسك وأدائها حسب ما دونه علماء السلف والأئمة الأربعة. كما يتعلمون فيها ( ما يجب على المطوفين لحجاج بيت الله الحرام من حسن الوفادة وتسهيل وسائل الراحة).
وفي العام نفسه تم افتتاح المدرسة وكان مقرها المسجد الحرام، وتقرر أن تكون الدراسة فيها سنة واحدة.
ويبدو أن نجاح المدرسة في تقديم المفيد للمطوفين دفع المسؤولين بإلزام جميع المطوفين للالتحاق بها، حيث تقرر: (إنه لن يسمح بعد عام 1348هـ لأي مطوف أن يزاول عمله ما لم يكن قد حصل على شهادة من هذه المدرسة).
ودعماً للمدرسة صدر في العام نفسه قرار بتكليف مجموعة من كبار العلماء ورواد المعلمين للتدريس في هذه المدرسة وهم كل من المشايخ: (الشيخ عبدالظاهر أبو السمح إمام الحرم المكي، والشيخ بهجت البيطار، والشيخ محمد حامد الفقي من علماء مصر الوافدين ومؤسس جماعة أنصار السنة المحمدية في مصر، والشيخ عبدالرزاق حمزة، والشيخ سليمان أباظة، والشيخ عمر حمدان من علماء تونس الوافدين للتعليم في مكة المكرمة، والشيخ جمال مكي.
وكان من نماذج اهتمام الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بشؤون الحج والحجيج أمره الكريم في رمضان من عام 1371 هـ بإلغاء الرسوم الحكومية التي كانت تؤخذ على الحجاج القادمين من الخارج، نظير بعض الخدمات التي تقدم لها والمعروفة باسم (رسوم الحج)، حيث تنازلت الحكومة عن حقها في ذلك أما ما يخص حقوق المطوفين على الحجاج فقد ترك أمرها بين الحجاج وبين أرباب الخدمات المعنيين أنفسهم.
كما وضع الملك عبدالعزيز على رأس اهتماماته بخدمة الحج والحجيج توجيه عناية خاصة بمشروعات السقيا وتوفير المياه للحجيج في مكة المكرمة ومشاعرها، وللزوار والمقيمين في المدينة المنورة، وتوفير المياه في المحطات الأخرى للحجاج، مثل مدينة جدة باعتبارها إحدى المحطات المهمة من محطات الحجاج وبالذات القادمين منهم من الخارج عن طريق البواخر إلى جدة.
فمن نماذج اهتمامه بتوفير المياه في مكة المكرمة تشكيل هيئة خاصة لرعاية مياه عين زبيدة وزيادة مواردها من المياه، والمحافظة على تلك المياه من خلال تجديد مجاريها. كذلك أصدر أوامره - رحمه الله - عام 1370 هـ بالبحث عن عين أخرى مساندة لها، وتم حينئذ افتتاح العين الجديدة أو العين العزيزية التي كانت خير رافد يمد الحجاج والمقيمين في مكة المكرمة بالمياه العذبة منذ شوال عام 1371 هـ ومن نماذج اهتماماته في توفير مياه الشرب في جدة أمره بالعناية - رحمه الله - بالاعتناء بعين الوزيرية وإيصال المياه منها إلى بازان حلة المظلوم في جدة عام 1353 هـ.
وعن ذلك يقول عبدالعزيز بن معمر أمير جدة آنذاك، وفي رسالة منه إلى الملك عبدالعزيز: (أقيمت حفلة توزيع ماء العين من المحل المذكور، وتليت الأدعية الخيرية لجلالة مولاي الذي كانت هذه المآثر الخيرية من جملة أياديه البيضاء على هذه البلاد، ومن ثم انصرف المدعوون وكل ما فيهم ألسنة شكر لله تعالى ودعاء لجلالتكم أدام الله توفيقاته على مولاي وأيده بعزه ونصره. وقد زادت مياه العين المذكورة بعد نزول الأمطار ولله الحمد).
إلى غير ذلك من الرعاية المميزة التي حرص الملك عبدالعزيز على تقديمها للحجاج والمعتمرين التي واصل أبناؤه البررة ملوك المملكة العربية السعودية السير عليها والتنافس في تقديمها فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

(*) رئيس قسم التاريخ والحضارة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved