Al Jazirah NewsPaper Friday  15/12/2006G Issue 12496أفاق اسلاميةالجمعة 24 ذو القعدة 1427 هـ  15 ديسمبر2006 م   العدد  12496
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

أفاق اسلامية

أبناء الجزيرة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

سين وجيم

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

مؤتمر المسلمين الأكبر كل عام
الحجّ و(حلم) المسلمين في الوحدة

* كتب - مندوب (الجزيرة):
الوحدة الإسلامية أمل مليار وثلاثمائة مليون مسلم يعيشون على سطح البسيطة، وحلم يراود كل مسلم، بدلاً من الفرقة والشتات، وعدم الاتفاق على قضية إسلامية واحدة
على مستوى العالم الإسلامي. ويأتي الحج كل عام ليجسد الأنموذج المشهود لوحدة إسلامية أكبر، ولكن كيف يمكن الاستفادة من هذا الأنموذج المصغر لتحقيق الوحدة؟ طرحنا هذا السؤال على عدد من أصحاب الفضيلة، فماذا يقولون؟!
يجسد معاني الوحدة
في البداية يقول الدكتور إبراهيم بن محمد أبو عباة رئيس جهاز الإرشاد والتوجيه في الحرس الوطني: موسم الحج من أعظم المناسبات الإسلامية فهو اجتماع فريد لا مثيل له يلتقي المسلمون خلاله لأداء فريضة الحج الركن الخامس من أركان الإسلام في أفضل البقاع وأقدسها على صعيد واحد في أكبر تجمع إسلامي في أيام مباركة فاضلة يفدون من كل حدب وصوب، ويحصل في الحج التعارف والتآلف والتعاطف بين الحجاج، وتتجلى فيه أخوة الإيمان أكثر من أخوة النسب والدم، كما أن ضيوف الرحمن في هذه الأيام يكونون في إقبال على الله وخشوع وإنابة للخالق سبحانه رجاء عفوه ومغفرته ورضوانه، حيث الروحانية وتجلي المعاني الإيمانية الرفيعة، مشيراً إلى مزايا الحج العظيمة التي منها أن حرم الله فيه الرفث والفسوق والجدال؛ قال - جل وعلا -: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ}؛ ليكون الحج عبادة ائتلاف وحب وتعاون وإخاء يُعظم فيه شعائر الله قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}.
فالحج شعيرة عظيمة مبنية على أسس إسلامية وإيمانية رفيعة راسخة وقوية فيه تتقوى روابط المسلمين الذين وفدوا من مشارق الأرض ومغاربها يستفيد بعضهم من بعض وتتقوى فيه روح الألفة والتعاون؛ ليكونوا كالجسد الواحد والبنيان المرصوص فتتوحد الكلمة وتتكتل الصفوف قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}؛ فيجتمع المسلمون فيه على توحيد الكلمة ونبذ الفرقة والشتات والاختلاف؛ فالحج يمثل التجمع الأكبر للمسلمين؛ فديننا الإسلامي دين وحدة؛ قال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}؛ ففي الحج يتساوى الناس؛ فلا فرق بين جنس وجنس أو لون ولون، لباسهم واحد وشعارهم واحد (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)، ولا يصح أن يرفع أي شعار آخر في هذا المكان المقدس وهذا الموسم العظيم غير نداء التلبية الموحد وحركة الحجيج واحدة؛ فتراهم يتحركون من مشعر إلى مشعر ومن مكان إلى مكان في وقت واحد تغشاهم السكينة والاطمئنان. في الحج تتجلى كل معاني الوحدة؛ فاللباس والشعار والتحرك والشعائر كلها واحدة؛ مما يؤكد حرص الإسلام على الوحدة القائمة على التوحيد؛ ولهذا فإن على المسلمين أن يخرجوا من مدرسة الحج باستيعاب درس الوحدة والالتزام به بعد عودتهم إلى بلادهم؛ انطلاقاً من قول الحق - عز وجل -: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وقوله: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}؛ فالوحدة سبب للعز والنصر والتمكين، كما أن الفرقة سبب للفشل والضعف.
ومن هنا فإننا نستطيع عن طريق مؤتمر الحج أن نجسد معاني الوحدة الإسلامية وننطلق من خلاله إلى التضامن الإسلامي الحقيقي لننهض بأمتنا لتكون قوية بالله ثم بوحدتها المتماسكة؛ ليلتئم فيه شتات أمتنا ولتكون أمة واحدة يرهبها الأعداء.
لم الشمل والتآلف
أما الدكتور عبدالله بن علي بصفر الأمين العام للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم فيقول: الحج إلى بيت الله الحرام ركنٌ من أركان الإسلام، وهو عبادةٌ عظيمةٌ تربي المسلمين على الوحدة والاجتماع، والألفة والإخاء؛ فالحجاج جميعاً يرتدون زياً واحداً: إزاراً ورداءً، ويظهرون جميعهم بمظهر واحدٍ، فلا فرق بين غني قادرٍ وفقيرٍ مُعدَم، ولا تمييز بين شرقي وغربي، ولا عربي وعجمي؛ كلهم سواء؛ لباسهم واحد، وربهم واحد، وعبادتهم واحدة، وغايتهم واحدة؛ ويتوجهون جميعهم إلى رب واحد، بدعاءٍ واحد: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك). وفي الحج لا مكان للهتافات الوطنية، ولا الشعارات القومية، ولا للنعرات والعصبيات الجاهلية، فراية الجميع التي يعرفونها؛ راية واحدة؛ هي راية التوحيد: (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
إن من الحكم العظيمة التي أرادها الإسلام من تشريع الحج: أن يكون المسلمون أمةً واحدة، متعاونة متآلفة، متكاتفة متناصرة، أن يكونوا مجتمعاً واحداً؛ كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمَّى والسهر، فعلى المسلمين أن يستفيدوا من الحج في لمّ الشمل فيما بينهم؛ وذلك بالألفة والتآلف، والتحابب والتسامح، فإن الألفة والتآلف بين المسلمين صفة عظيمة من صفات المسلمين بيّنها المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عندما قال: (المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيما لا يألف ولا يُؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس). إذاً هذه صفة المؤمن، صفة المسلم، صفة أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
المؤمن يألف الناس، ويألفه الناس؛ ولا يكون كذلك إلا بأخلاقه وصفاته، إلا بابتسامة صادقة؛ ووجه بشوش، وقد قال المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادُك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة). إن الحج إلى بيت الله الحرام هو النموذج المصغَّر المشهود للوحدة بين المسلمين، والأنموذج المصغر لاجتماعهم وأخوتهم، والواجب على المسلمين أن يستفيدوا من هذا الأنموذج في توثيق روابط الأخوة والوحدة، والاجتماع فيما بينهم جميعاً في أقطار الدنيا كلها؛ كيف لا؟! والله - جل وعلا - يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وقال سبحانه: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}، ومن أولى المهام التي فعلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما قدم المدينة مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار.
والله - جل وعلا - أمرنا في كتابه بالوحدة وعدم التفرّق؛ وأخبر سبحانه أنه هو وحده من ألف بين قلوب المؤمنين ووحَّدَهم، ولولا هذا ما توحدت هذه القلوب ولا تآلفت، قال سبحانه: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تنافسوا ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يحقره، ولا يخذله. التقوى ها هنا، التقوى ها هنا، التقوى ها هنا - وأشار إلى صدره - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه). هذا الحديث الصحيح يؤكد لنا ما جاء لنا في الآيات السابقة، أن المسلم أخ للمسلم: فليست الأخوة فقط بين الأقارب والأرحام، كما يتصور الناس؛ بل إن الأخوة في الإسلام بين المسلمين بعضهم مع بعض، وهذا سرّ من أسرار انتشار الإسلام وازدهاره.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (حق المسلم على المسلم ست، قيل وما هُن يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه). هذه حقوق للمسلم على أخيه المسلم، وهي مما تؤكد هذه الأخوة وتقويها، فكلما ضعفت جاءت هذه الحقوق وقوتها، وخصوصاً السلام؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تجابُّوا، ألا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)، والواجب علينا، ولا سيما في موسم الحج، أن نجعل عبادة الحج المباركة منطلقاً لتحقيق الوحدة والتآخي فيما بيننا، وأن نكون كما وصفنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كالجسد الواحد). وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: كنت جالساً ورجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). حديث نكتبه بماء الذهب، نتدبره ونحفظه، ننظر فيه كل يوم ليلاً ونهاراً (لا يؤمن أحدكم) ربط الإيمان الذي محله القلب بقوله: (حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
ويضيف د. بصفر أن الإسلام ما انتشر ودخل في بلاد العالم إلا بهذه الأخوة وهذه الألفة والوحدة والاجتماع، وبمثل هذه الأخلاق العالية؛ ولذلك سئل عالم هولندي مسلم عن سبب إسلامه وهو عالم وأديب سئل عن سبب إسلامه؟ فقال: مبدأ الأخوة في الإسلام سبب إسلامي؛ ذلك المبدأ الذي يمتد ليشمل البشرية عامة بغير اعتبار للون أو جنس أو عقيدة. وينفرد الإسلام بين كل الأديان في أنه الوحيد الذي طبق هذا المبدأ عملياً، والمسلمون أينما كانوا على سطح هذه المعمورة ينظر بعضهم إلى بعض نظرة الأخ لأخيه؛ وهذا سبب انتشار الإسلام؛ إذاً لابد لنا من أن نعيد تنظيف هذه القلوب، ونجدد هذه الأخوة والوحدة فيما بيننا، ونستشعر هذا المبدأ؛ فلا هذا من المشرق ولا من المغرب، ولا هذا من الأغنياء ولا من الفقراء، بل كلنا أمة واحدة كما أمرنا ربنا الله تبارك وتعالى، وهكذا يجب علينا أيها الإخوة الكرام الأحبة أن نستشعر هذا المبدأ؛ فإذا استشعرناه ونمِّيناه في نفوس أبنائنا وأهلينا نشأت الأجيال المسلمة محبة بعضها لبعض، لا يسخر بعضها من بعض، لا يهزأ بعضها من بعض، ولا يحسد بعضها بعضاً؛ وبالتالي يعز هذا الدين - بإذن الله تبارك وتعالى - ويتحقق فينا وعد الله - جل وعلا -.
أكبر مؤتمر إسلامي
ويبين الدكتور إبراهيم بن ناصر الحمود وكيل المعهد العالي للقضاء بالرياض أن الحج أكبر مؤتمر إسلامي يشهده المسلمون في تلك البقعة المباركة التي يفد إليها الحجاج من كل فج عميق. ويقول: لا شك أن لهذا الحشد العظيم على صعيد واحد آثاراً إيجابية يستفيد منها المسلمون في توثيق الصلات بينهم، وتجسيد أواصر التآلف والمحبة؛ لأن الحج مدرسة لتعليم محاسن الأخلاق وتطبيقها على أرض الواقع، وفي الحج تتجلى وحدة المسلمين وترابطهم لما ترى بينهم من تعاون وتكافل وإيثار رغم تعدد جنسياتهم وتباعد أقطارهم، وهذه الوحدة من أجل منافع الحج التي ذكرها الله في الآية: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}، وأي منفعة أعظم من التآخي والتآلف بين المسلمين في مهبط الوحي وهم في جو مفعم بالعطف والشفقة والرحمة، فما أروع هذه المثل العليا التي يعيشها ضيوف الرحمن كأنهم أبناء واحد. ومن آثار تلك الوحدة الإيمانية أن كل حاج يشعر بحرمة أخيه فيحفظ له نفسه وماله وعرضه، ويقدم له يد العون والمساعدة في سبيل راحته حتى يشعر كل حاج بالأمان في البلد الحرام.
ومن علامات الوحدة الظاهرة أنك تجدهم بلباس واحد قد تساوت أهدافهم وتوحدت صفوفهم وقد تفرغوا إلى الإله الواحد القهار، لا فرق بين عربي ولا أعجمي، ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى، ولن يحقق أي نظام في العالم ما حققه موسم الحج في وحدة الصف ووحدة الهدف، حين تتجلى المبادئ والقيم الإسلامية في العلاقات الاجتماعية والروابط الإنسانية، وهو ما تجده في كل تجمع إسلامي كصلاة الجمعة والجماعة والعيدين.
إن كثيراً من الحجاج ازدادوا محبة في الله بعد موسم الحج، وحصل بينهم التعاون والتزاور والتآخي.
وظلت تلك الأخلاق العالية بينهم سنين عديدة حتى أصبح ذلك الموسم العظيم تاريخاً حافلاً بالقيم والأخلاق لا ينسى؛ فلله الحمد والمنة على نعمة الإسلام التي جعلت المؤمنين إخوة بفضل الله ثم بفضل وحدة العقيدة ثم وحدة الهدف والمصير؛ ذلك فضل الله، والله ذو الفضل العظيم.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved