| |
رياض الفكر ثمرة الإحسان سلمان بن محمد العُمري
|
|
الإسلام دين الرأفة والرحمة، دين البر والإحسان، ولقد ارتضى الله لنا هذا الدين، ولخلقه أجمعين، وأمر بالرحمة، وجعلها من دلائل الإيمان الكامل، والمسلم الحق تبلغ الرحمة منه مبلغاً عظيماً، وتملك مشاعره وأحاسيسه، وتستولي على أقواله وأفعاله وعواطفه ووجدانه، ولا يهنأ له عيش وهو يرى بعينه، ويسمع بأذنه من حوله من إخوان وجيران، يتضورون جوعاً، أو يمشون عراة، ولا يطيب خاطره وهو يرى نفسه ينعم بملذات الدنيا ونعيمها من الشراب والثياب، ومن حوله لا يدركون ذلك، إن لم يكونوا يتمنونها، وهذا المسلم الحق هو الذي ينطبق عليه وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره). وأستذكر قصة سمعتها قريباً من أحد الدعاة العاملين في منطقة شرق آسيا، يقول صاحبها: ذهبت إلى كمبوديا من أجل حفر آبار في إحدى المناطق، وأردنا استكشاف موقع الماء القريب قبل اتخاذ قرار الموقع المناسب، وبعد عدة استطلاعات من خلال أجهزة خاصة، وجدنا أن أحد المواقع المناسبة يقع في أرض امرأتين بوذيتين فاقدتين للبصر، وهما بحاجة قبل غيرهما للماء من أهل القرية.. يقول صاحبنا: فلم أتردد في أن يكون حفر هذا البئر في هذا الموقع، وأبلغت المترجم أن يبلغهما بأننا مسلمون، لكن لا نتردد في نصرة وعون المحتاج، واشترطت أن يكون الماء وقفاً على جميع أهل القرية مسلمين وغير المسلمين، وبلا قيد أو شرط عليهم، أو على المستفيدين، وإنما تكون المنفعة عامة. ويستطرد صاحبنا في سرد القصة قائلاً: تحقق المراد - ولله الحمد - وأصبحت البئر مورداً لجميع أهل القرية، يشرب منه الجميع، ويروون حيواناتهم، ويسقون زروعهم، وأصبح حديث القرية بكاملها، وحينما وجدت الكفيفتان هذا الإحسان من المسلمين، أصبحتا تسألان أبناء قريتهما من المسلمين عن الإسلام، هذا الدين الذي لم يفرق بين المسلم وغير المسلم، فأجابوهما إجابة وافية، أثمرت مع ما شملهما من إحسان عن دخولهما في الإسلام، وبلا تردد، فسمع بعض أهل القرية عن إسلامهما، فأسلم مجموعة كبيرة من أهل القرية، وتحولوا من البوذية إلى الإسلام. وأقول: نعم، هذه ثمرة الإحسان، وهذا هو الإسلام، دين الرحمة التي تبعث على المواساة للأيتام والملهوفين، وتعطف على الأرامل والمساكين، وتساعد البؤساء والمضطرين، دين الإسلام الذي هو رحمة عامة يشمل القريب والبعيد، الإنسان والحيوان، ومن ينظر في كتاب الله الكريم، وسنة المصطفى - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - يجد أن من خصائص هذا الدين الرأفة والرحمة والإحسان، وليست هذه الرحمة قاصرة على المسلمين فيما بينهم، بل تتعداهم لتشمل كل ما على الأرض.. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (في كل ذي كبد رطبة أجر)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، وأمر الله عز وجل ببر غير المحاربين المعتدين، قال تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ).
alomari1420@yahoo.com |
|
|
| |
|