| |
يا تعليمنا نظرة إلى ميسرة فوزية ناصر النعيم / عنيزة
|
|
على مستوى المحيط الأسري تشتكي ابنتي (رغد) من حشو المناهج، وأن رأسها سينفجر من المعلومات المتراكمة داخل جمجمتها التي تحولت إلى جهاز كمبيوتر كل عام تقوم بتحميله المناهج المقررة، وتقذف في سلة المهملات المناهج السابقة تقول: أشعر أن رأسي يحتاج إلى (فرمته) حتى يمكنني أن أستوعب معلومات جديدة.. خشيت من المبالغة فخرجت عن هذا المحيط ليفاجئني الآخرون بتوارد الأفكار وتوحد الآراء.. في المرحلة المتوسطة.. وهذه الشكوى ماذا إذاً في مرحلة الثانوي والكلية.. هذا إن ظلت هذه الرؤوس الصغيرة سليمة حتى تخرج من مرحلتها المتوسطة. يقولون: إن الحاجة هي أم الاختراع.. وهؤلاء الصغيرات بجماجمهن المتورمة اخترعن حلولاً كثيرة.. لم تأت من فراغ بل كانت نتاج تجربة مريرة ومعاناة صادقة.. (إدارة التربية والتعليم) من خلال مسماها يبدو للجميع من الوهلة الأولى أنها تركز على التربية قبل التعليم.. وهي في الحقيقة تطبق ذلك ولكنها تربي على بغض المناهج والعزوف عن التعليم وكراهية المعلومات التي تدخل إلى الرأس فتكون مسماراً.. من منا يحتفظ بمعلومة تعلمها في المرحلة المتوسطة أو الثانوية.. لا أحد والسبب أننا كنا نحفظ المادة لنفرغها في الورق ويمسحها القدر من الذاكرة لأنها بقيت حتى تنصرف إذا.. مناهجنا جيدة.. ولكن نحتاج لغربلة وتخفيف عبء على الجماجم التي تكاد تكون قنابل موقوتة.. لماذا مثلاً حينما تختبر الطالبة الاختبارات الشهرية وتنتهي منها وترصد علاماتها.. لماذا لا تترك هذه الجزئية وتحذف من اختبار نصف العام ونهايته.. ما فائدة أن تكدس المعلومات جميعها لتكون بمثابة الوجبة الثقيلة التي يصعب هضمها أو مجرد التفكير فيها.. هل هذا التكدس مناسب لهذه الأعمار الصغيرة.. التي تخرج من المدرسة دون أن تتنفس لتصب جام غضبها على أسرتها والمحيطين بها لأنها لا تستطيع التعبير عن رأيها، وإن عبرت فالأيدي مغلولة إلى العنق لا تستطيع أن تبدي ولا أن تعيد فسياسة التعليم لدينا كتاب منزل لا يمكن العبث به أو محاولة تغييره، وربما سيعتبر بها الآخرون محاولة تحريف مع سبق الإصرار والترصد. لماذا لا تكون المناهج.. مناسبة لهذه الأعمار الصغيرة التي أصبح تلقيها لكل شيء سبباً في ضياع كل شيء.. لم تبق في الذاكرة معلومة واحدة استقيناها من مناهجنا الدراسية لأنها كانت تعطى لنا رغما عن الأنوف، وليس لنا الخيار في ذلك مقارنة بالكتاب الذي نختاره من المكتبة من بين آلاف الكتب لأنه يناسب ميولنا ولدينا رغبة ملحة في قراءته والاستفادة منه.. يظل عالقاً بالذاكرة لا تفنيه السنون. لماذا تحول التعليم في مدارسنا إلى عقوبة لا يسلم منها أحد حتى أولئك المتفوقون الذين يحصلون بعد جهد جهيد على درجات كاملة يتحسسون رؤوسهم هل لا تزال على الأكتاف أم أن الجاذبية الأرضية أسقطته بحكم الحجم والمسافة.. يا تعليمنا.. نظرة إلى ميسرة.
|
|
|
| |
|