| |
تجاوز الخطوط الحمراء الفلسطينية
|
|
لم يعد الدم الفلسطيني خطاً أحمر، مع توجه متصاعد للاغتيالات خصوصا في قطاع غزة، فقد هزت جريمة اغتيال الأشقاء الأطفال الثلاثة الرأي العام الفلسطيني، وأعطت مؤشرا للمدى البعيد الذي بلغته الأزمة الداخلية، وقبل أن يفيق الناس من هول الصدمة تم تسجيل حادث جديد ضد مجهولين أيضا، وهذه المرة كان الضحية قاضيا وأحد كوادر حماس، وتنبئ تطورات الأمور أننا أمام مسلسل جديد بلون الدم، أبطاله مجهولون، فيما تتبادل الفصائل تقديم ضحاياها في كل حلقة. ومن الواضح أن التوجه الأبرز ظهورا هو التصفيات بعد أن فشلت القيادات الفلسطينية في تسوية الخلافات الحادة حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وبينما كانت المواجهات بين مختلف الأطراف تتم بواسطة المليشيات والعناصر المسلحة للفصائل، فقد توارى هؤلاء عن الأنظار وتكفلت بالأمر جماعات مقنعة لا تعلن عن هويتها لتنفذ الجرائم، وما إن تقع جريمة حتى تظهر جماعة مقنعة أخرى لتقتل شخصا ما من الجانب الآخر. ويرى مراقبون للأوضاع أن قتل الأطفال الثلاثة ربما جاء بالخطأ وان المقصود هو والدهم الضابط الكبير في جهاز المخابرات الفلسطيني التابع للرئيس محمود عباس، ومع ذلك فإن هناك من يرى أيضاً أن المقصود هم الأطفال وأنهم ربما كانوا الهدف الأسهل، ولعل ذلك مما يعمق من درجة الحسرة والألم ويدفع بخلافات الفصائل إلى عمق المجتمع، ما يعني ترسيخ حالة الانقسام الفلسطيني ليس على الواجهة السياسية فقط بل في داخل المجتمع الفلسطيني لاقتلاع جذور التضامن والتعاضد الطبيعية في مجتمع قائم في جله على مقاومة الاحتلال. ومن خلال الدفع بهذه العداوات فإن الأولويات لن تكون مقاومة المحتل وإنما التصدي لهذا الذي يقتل فلذات الأكباد، ومن ثم تضيع في وسط الرغبات العارمة للنضال الصورة النبيلة لشعب يناضل من أجل نيل استقلاله واستعادة حقوقه. ووفقا لذلك فإن من يقومون بهذه الأعمال الدنيئة والاغتيالات المتبادلة لا يمكن وضعهم في مصاف من يتعاطى السياسة أو حتى يخاصم سياسيا، والأحرى أننا أمام جسم غريب يستهدف اقتلاع ثوابت المجتمع بما فيها من قيم ومبادئ أخلاقية وسياسية من جذورها. وأفضل من يجيد اللعبة على هذه الشاكلة هي إسرائيل، فهي تفعل ذلك من خلال أعوانها المنتشرين وسط الفلسطينيين، والمعروفين على نطاق واسع بالمتعاونين.. ولكن وحتى إذا كان الذين ينفذون هذه الجرائم من الفصائل، فإنهم يكونون قد وقعوا بصورة تلقائية في الشراك الإسرائيلية وأنهم ينفذون دون وعي منهم أهدافها ومراميها.
|
|
|
| |
|