| |
معادلة السعادة علي أحمد المضواح/ الرياض
|
|
جاءت الحياة الجديدة سريعة كما أراد الله لها أن تكون متقاربة الزمان والمكان مزدحمة بالعلم والمعرفة متخمة بالاختراعات، وكل ذلك في ظاهره جميل وسمة يسرت على الإنسان أموراً كانت تعد من المشاق فيما سبق من العصور. تيسرت المادة وتلاشت الروح أو غطيت بمثار نقع المادة المتسارعة في هذا العصر، واقترب الإنسان من صفة الآلة التي اخترعها أو تعامل معها غائباً أو مغيباً عن معطيات الروح التي لا ترى، فأوجد صراعاً عنيفاً بين الروح والمادة اللتين اجتمعتا في صورة من صورهما فكونتا بقدرة الله الإنسان فكان أن مالت كفة المادة، وبقي السلام بينهما قضية عالقة؛ كل هذا حدثتني به رسالة معايدة ساقتها إليّ أمواج التقنية أحرفاً سوداء مخنوقة بين أسوار الهاتف وإن جادت بمعانيها فقد فقدت دفئها واستحالت عبارة حضرت معتذرة عن صاحبها الذي طال غيابه عن روح التهنئة ودفء المصافحة وربما أعيد إرسالها مكممة للأفواه عن الانتقاد متفضلة بتهنئة مجردة من الحميمية. وتمتد أمواج المادة الطاغية بامتداد التقنية ومعطياتها وامتداد موقفنا المغالية فيها على حساب الجزء المهم من حياتنا، بل هي الأنفاس التي تجبر الحياة علينا أو تجبرنا على الحياة، وما أجمل الوسط والتوازن الذي يحتم علينا أن نعطي الروح نفس القدر الذي نعطيه للمادة وفق المقتضيات والثوابت كي لا نكون في عالم رقمي ليس إلا أجهزة تستبدل صوت ضحكاتها وأنينها وقبلاتها برموز كتابية ومشاعرها بإرسال واستقبال تختفي فيه لغة العيون ويغيب عنها دفء الصدق وهالة التواصل. نحن بحاجة لتعهد أرواحنا كي يبقى لعلاقتنا مع أنفسنا معنى ولتواصلنا مع غيرنا قيمة وللحياة سعادة وما السعادة إلا رهن لتحقيق المعادلة الكونية الموازنة بين الروح والمادة كما تقتضيه شرعة الله تعالى التي اختصرت في سورة سميت بالعصر وضعت المعادلة وحلها للإنسان المتأمل الذي لا ينجرف وراء أمواج التغيير العارمة، بل يستخدمها مركباً يوصله لتحقيق هدفه ومراده دون غلو ولا تفريط.
almdwah@hotmail.com |
|
|
| |
|