| |
عندما يتمثل أبي بهذا البيت سليمان بن عبدالكريم بن صالح العميريني
|
في ذاك اليوم (الاثنين) 27-7-1427هـ كان أبي في قمة أفراحه عندما أولم لأخي الحاصل على وظيفة ودعا الأقارب، كان والدي مبتسماً في ذاك اليوم، ولا يلام في ذلك لفرحه بأحد أولاده بحصوله على وظيفة في هذا الوقت الذي يصعب أن يحصل خريج الجامعة على وظيفة فكيف بخريج الثانوية، كان الوالد حفظه الله يوزع ابتسامته على ضيوفه، وبعد أن ودعهم بعد العشاء استأذن منا نحن أولاده لكي ينام، لأنه مرهق، وبعد صلاة الفجر سافر أبي إلى المنطقة الغربية مع زوجته الثانية وإخوتي من أبي، ولما وصلوا إلى أولى محطاتهم وهي محافظة الطائف بحثوا عن مسكن يأوون إليه فوجدوا مبتغاهم في إحدى الشقق المفروشة على طريق الشفاء، وفي الغد في وقت الظهر حوالي الساعة الواحدة والنصف حدث ما لم يكن بالحسبان حيث شاهد أبي ابنه (طارق) ذا السادسة يتجاوز الطريق المكتظ بالسيارات أمامه، وفجأة وخلال ثوان معدودة رطمت إحدى السيارات أخي الصغير وطار جسمه الصغير في الهواء، ثم ارتطمت بقوة في الاسفلت الملسوع من أشعة الشمس، وبقي وسط الشارع بمرأى من الناس لمدة لا تقل عن خمس عشرة دقيقة هي كفيلة لإنقاذ حياته ولكن!! وأمام تجمهر الناس حول الحادث صحا ضمير أحد المارة بعد أن جاءت أمه واحتضنته وبدأت تستجدي المتجمهرين وهي تبكي وتستعطفهم للذهاب للمستشفى، أما والدي الطيب فقد انهار في مكانه ولم يستطع الوقوف، وعندما وصلوا المستشفى أدخلوه غرفة العناية المركزة، ولكن القدر لم يمهله طويلا ففاضت روحه إلى بارئها وأخذ رب العالمين أمانته، فخرجت من أبي دموعه التي لم أرها يوماً في حياته بعد أن علم بفقد فلذة كبده، ولم ينتظر والدي أي شيء بل طلب من المستشفى استلام جثة أخي المتوفى، ثم ذهب به إلى مغسلة الأموات، وتمت الصلاة عليه بعد صلاة العشاء، أتدرون من أمّ الناس بالصلاة على أخي؟ إنه والدي!! صلى عليه وهو صابر محتسب الأجر عند الله، صلى عليه وهو يودعه الوداع الأخير كان عند دفن جثمانه الطاهر في مثواه الأخير أحد قبور مقبرة محافظة الطائف، أما والدي المكلوم والمثخن بالجراح فلم يتمالك نفسه أمامنا فبكى (يوم لا يجدي البكاء) وهو يروي لنا الموقف المروع بعد أن قمنا بواجب العزاء له ولإخواني، وبعد الانتهاء من دفن جثمان أخي الذي لم يصل السنة السابعة وسن الإدراك بعد، وانهاء إجراءات الحادث من قبل الشرطة والمحكمة بعد ان تنازل والدي عن سائق السيارة المتسبب في الحادث، ذهب والدي إلى أداء العمرة وبعد رجوعه من السفر بأسبوعين تقريباً طلب مني والدي أن أذهب به إلى مشوار قريب، ومن لحظة ركوبه السيارة وحتى وصلنا إلى المشوار وكان يتمثل بهذا البيت:
Asry9@gawab.com |
|
|
| |
|