| |
خبراء ومحللون سياسيون: عقد مؤتمر دولي للسلام فرصة سانحة للعرب لعودة الاستقرار إلى المنطقة
|
|
* القاهرة - مكتب (الجزيرة) ريم الحسيني - عتمان أنور: لقيت الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام التي وردت في البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الطارئ الذي عقد مؤخرا بالجامعة العربية استحسانا وقبولا لدى العديد من الخبراء والمراقبين السياسيين، وشكلت هذه الدعوة مع دعوة كسر الحصار عن الشعب الفلسطيني قوة انعكست على البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب الذي لم يكتف بمجرد الشجب والاستنكار على عكس البيانات السابقة.. ولكن هل تستمر هذه القوة ويعقد بالفعل المؤتمر الدولي لحقن دماء الفلسطينيين وتسوية الصراع العربي الإسرائيلي وتحقيق السلام في المنطقة؟ خاصة أن ما تشهده الساحة الفلسطينية حاليا وكذلك ما تشهده الساحة الأمريكية بعد فوز الديمقراطيين يؤكد على ضرورة اغتنام الفرصة السانحة لاحياء عملية السلام بعقد مؤتمر على غرار مؤتمر مدريد للسلام، وهذا ينسجم مع خريطة الطريق التي نصت على عقد مثل هذا المؤتمر وكذلك لتشجيع المجتمع الدولي من اجل القيام بالدور المنوط به تجاه القضية الفلسطينية. خطوات جدية يرى الدكتور أحمد يوسف عميد معهد البحوث والدراسات العربية أنه من المهم أخذ المبادأة واتخاذ خطوات لعقد المؤتمر؛ فالوضع الحالي بحاجة إلى التوصل إلى سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، على أساس كل قراراته السابقة، كما أن عقد مؤتمر دولي أسوة بمؤتمر مدريد الأول للسلام عام 1991، وبمشاركة جميع الأطراف المعنية في الصراع العربي الإسرائيلي يسهم في حل القضية الفلسطينية باعتبارها السبب الرئيس الكامن وراء عدم الاستقرار في المنطقة. وقال إن الشعوب العربية كلها تغلي والاصوات المنددة كثيرة، وهذه اللغة تعكس عملياً كل المناخ الذي سيرافق المرحلة القادمة، بمعنى أن كل التفاصيل بما فيها المأساوية والدرامية ستستمر إلى حين انعقاد المؤتمر المذكور، ويجب على الدول العربية الدفع في هذا الاتجاه. ويرى الدكتور عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية أنه في ظل عد الالتزام الإسرائيلي سيكون انعقاد المؤتمر محل شك كبير؛ فمجلس الأمن يصدر قراراته لتسوية النزاع العربي الإسرائيلي منذ عام 1947، إلا أن إسرائيل رفضت على الدوام أن تلتزم بتطبيق أي منها. ولكن هذه الحقيقة نفسها، هي التي تحض اليوم على التساؤل عما إذا كانت هناك تحركات ملموسة من قبل الجامعة العربية تجاه مجلس الأمن والضغط لعقد المؤتمر، كما أن الجامعة العربية تملك خطة هي المبادرة العربية للسلام التي اقرتها القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002 والتي اقترحتها السعودية، وتدعو المبادرة إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967 مقابل سلام كامل مع الدول العربية، والخطة العربية تتضمن مقترحا بعقد مؤتمر سلام دولي برعاية مجلس الأمن لبحث كيفية اعادة مسار التفاوض بين إسرائيل وسوريا وفلسطين ولبنان.. وهذه الخطة العربية تلاقي بالفعل دعما من مصر والأردن والسعودية؛ فالوضع في الشرق الأوسط يتطلب تدخلا دوليا عاجلا لحل الأزمة الراهنة. أما الدكتور حسن نافعة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة فيرى أن مطلب عقد مؤتمر دولي للسلام يعد احد المطالب التي تعبر عن ضعف وهشاشة الموقف العربي؛ فقد سبق أن طالبوا بذلك كثيرا غير انه لم يعقد اي مؤتمر دولي للسلام، وحتى مؤتمر مدريد لم يعقد إلا برغبة أمريكية وإسرائيلية، ورغم أن ما يجري على الساحة الآن من المجازر الاسرئيلية بحق الفلسطينيين يدعو إلى عقد مؤتمر دولي جديد للتسوية في الشرق الأوسط، لكن للاسف فإن إسرائيل هي التي تملك فرض اجندتها بمساندة أمريكا لها وتأكد ذلك عبر الفيتو الأمريكي.. فموازين القوى على أرض الواقع لا تشير إلى وجود أي دليل يسمح بالاعتقاد بأن الدول العربية أو حتى المجتمع الدولي ستكون في وضع يسمح لها بأن تفرض على إسرائيل رؤية متوازنة لتسوية قابلة للدوام في منطقة الشرق الاوسط. ومن هنا يتعين الاستناد إلى مصادر قوتنا الحقيقية لنتعرف بشكل أكبر علي اتجاهات الاحداث في المرحلة المقبلة وندرك أن إسرائيل وهي تدك البنية التحتية الفلسطينية وتدير آلة القتل والتدمير تهيئ الطريق بذلك إلى فرض أجندتها وتكون التسوية السياسية وفق شروطها.. فمن المعروف أن إسرائيل سبق وان وافقت في ظل عهد شارون على قيام دولة فلسطينية تشمل معظم قطاع غزة و24 في المئة من الضفة الغربية، ولكن متقطعة الاجزاء وغير متصلة جغرافيا وتحيط بها المستوطنات الإسرائيلية من كل جانب.. ولذلك ارى أن الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي غير ذات جدوى، والمطلوب في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية هو جبهة عربية مضادة وموحدة لتجميع صفوف كل القوى المقاومة للهيمنة العنصرية الإسرائيلية، وهنا يكون الحديث عن مؤتمر دولي ذا قيمة ولا باس أن يعقد حينها تحت مظلة الأمم المتحدة، وتحضره الدول الخمس التي تحتل مقاعد دائمة في مجلس الأمن مع اطراف النزاع (إسرائيل ومصر وسوريا والاردن ولبنان والسلطة الفلسطينية)، وتطرح وتعالج فيه كل القضايا الخلافية مرة واحدة ووفق جدول زمني متفق عليه وبضمان مجلس الأمن.. غير أن توفير فرص النجاح الحقيقية لهذا المؤتمر يقضي بأن تقبل إسرائيل أولاً، من حيث المبدأ، العودة إلى حدود 67 (وهو ما يعني إخراج قضية الارض من نطاق التفاوض الذي يجب أن يقتصر على ترتيبات الأمن وكيفية بناء السلام في مرحلة ما بعد التسوية)، وإحلال قوات حفظ سلام دولية محل القوات الإسرائيلية في جميع الاراضي المحتلة بعد 67، قبل بدء انعقاد هذا المؤتمر. الأوضاع أكثر تعقيدا ويؤكد الدكتور محمد سيد سعيد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية أن الدعوة لعقد مؤتمر دولي جديد للسلام لا يمكن أن تكون شبيهة لدعوة مؤتمر مدريد لأن الوضع الآن اكثر تعقيدا لأنه لم تعد تنفع الخطوات الصغيرة ولا النهج التدريجي.. وأعتقد أن الإسرائيليين اليوم ليس لديهم لغة يتحدثون بها غير الدبابات والمدافع في فلسطين، ولم تعد هناك أية آلية يمكن الركون إليها للبحث عن سبيل للتوصل إلى تسوية؛ لأن العرب ليس بوسعهم تقديم شيء؛ فإن الحل الوحيد الذي اتيح لوزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في القاهرة أن يتوصلوا إليه هو أن يرموا الكرة في ملعب الدعوة للمؤتمر الدولي ومجلس الأمن الدولي لعله يستطيع أن يدل الأطراف المعنية على سبيل لاستئناف المفاوضات، وهو الذي لم يجد سبيلا لدفعهم إلى احترام قراراته السابقة؛ فمجلس الأمن يصدر قراراته لتسوية النزاع العربي الإسرائيلي منذ عام 1947، إلا أن إسرائيل رفضت على الدوام أن تلتزم بتطبيق أي منها. كما أن هناك المبادرة العربية للسلام التي لم تلتزم بها اسرائيل رغم الاعتراف بها في المبادرة. ورغم أن هناك خطة عربية تتضمن مقترحا بعقد مؤتمر سلام دولي برعاية مجلس الأمن قبل نهاية عام 2006 لبحث كيفية إعادة مسار التفاوض بين إسرائيل وسوريا وفلسطين ولبنان وهذه الخطة العربية التي تلاقي دعما من مصر والأردن والسعودية تعطي مجلس الأمن دورا محوريا في الإشراف على استئناف عملية السلام.. غير أن إسرائيل لم تأخذ بها. ورغم أن الوضع في الشرق الأوسط يتطلب تدخلا دوليا عاجلا لحل الأزمة ولكن بغير الموقف العربي الجاد والقوى سيستمر هذا الوضع من اعتداءات إسرائيلية متكررة ودفع المنطقة في أشكال صراعات وحروب. ومن جانبه يتساءل الدكتور جمال عبدالجواد عن صورة الوضع القاتم بالشرق الأوسط، إلى أين يسير؟ وصوب ماذا يتجه؟ وما هي التوقعات المرسومة في آفاقه؟ وما هي الآثار المحتملة؟ وهل نحن على موعد مع حلول وتسويات سياسية ترضي جميع الأطراف؟.. ويجيب: أعتقد انه سيستمر الوضع القائم الحالي على ما هو عليه؛ فالدعوات السابقة لعقد مؤتمر دولي تمكنت إسرائيل والولايات المتحدة من الالتفاف عليها دائما ورفض عقد أي مؤتمرات غير مخطط لها أن تصب في صالح إسرائيل. ويتفق العديد من المراقبين والمحللين السياسيين على أن عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط تنبع أهميته من كون الصراع في المنطقة هو أطول صراع، وان تداعياته تؤثر ليس فقط على المنطقة بل على العالم بأسره، بالإضافة إلى تعدد الأطراف المشتبكة في هذا الصراع بشكل مباشر أو غير مباشر. أبرز القرارات التي رفضتها إسرائيل صدرت عشرات القرارات الدولية، ولكن إسرائيل رفضت تنفيذها؛ فمنذ عام 1947 حتى عام 2004 صدرت قرارات دولية حول القضية بلغ مجموعها 263 قراراً، منها 136 قراراً صادراً عن الجمعية العامة، و61 قراراً صادراً عن مجلس الأمن الدولي، و5 قرارات صادرة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، و7 قرارات صادرة عن لجنة حقوق الإنسان، و10 قرارات صادرة عن مجلس الوصاية، و14 قراراً صادراً عن منظمة اليونسكو العالمية، و29 قراراً صادراً عن منظمة الصحة العالمية، ثم قرار محكمة العدل الدولية بخصوص تفكيك جدار الفصل العنصري. كما أن رفض إسرائيل يعود إلى رفضها إضفاء بُعد دولي على الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين؛ لأن إسرائيل تعتبر أن المشكلة مع الفلسطينيين مشكلة إسرائيلية داخلية، مشكلة مع سكان غير إسرائيليين تصادف وجودهم في دولة إسرائيل، وليس قضية صراع بين كيانين سياسيين. كما أنه في حالة قبولها لعقد مؤتمر دولي ستكون إسرائيل ملزمة بتنفيذ القرارات الدولية حول القضية الفلسطينية سواء تعلق الأمر بقرار التقسيم أو بقرار عودة اللاجئين أو غيرها من القرارات. وإن عقد مؤتمر دولي يعني أن الدول العربية - خصوصا دول المواجهة - ستحضر المؤتمر ككتلة واحدة في مواجهة إسرائيل، فيما المفاوضات الثنائية والمباشرة ستجعل إسرائيل في موقف المتفوق أمام كل دولة عربية منفردة.
|
|
|
| |
|