| |
أميركا.. ومجلس (الخوف) الدولي محمد بن سعود البشر(*)
|
|
قبل كتابة هذه المقالة كنت قد شاهدت برنامجاً عرضته قناة BBC World بعنوان (خط النار)، عرضت فيه وقائع تكريم المصوِّر الفلسطيني زكريا أبو هربيد الذي حاز على جائزة Rory Peck في لندن عن تصويره لمأساة الطفلة الفلسطينية (هدى)، التي نقلتها عنه شبكات التلفزة العالمية، وشاهدها ملايين الناس، وهي تصرخ قرب جثة أبيها على رمال شاطىء غزة، وتضرب على رأسها وصدرها تارة، وتدفن رأسها البريء في الرمال تارة أخرى قرب رأس والدها الذي حوَّلته المدفعية الإسرائيلية إلى جثة هامدة، ثم تزحف على ركبتيها لتتفقد بقية أفراد عائلتها التي قضت في هذا العدوان الوحشي الأليم.تبادرت إلى ذهني مشاهد المأساة التي ترتكبها قوات الجنود الصهاينة في فلسطين المحتلة: محمد الدرة، إيمان حجو، سارة (طفلة نابلس)، صبرا وشاتيلا، مخيم جنين، وأخيراً مجزرة بيت حانون التي راح ضحيتها عدد من النساء والأطفال.. وتذكرت الذراع القوية التي تقف وراء هذا العدوان، وتستخدم حق النقض (الفيتو) لإلغاء أي قرار دولي يدين وحشية إسرائيل ويحد - ولو نظرياً - من غطرستها.. لقد رفع المندوب الأمريكي يده بكل صفاقة ووقاحة ليعترض الإرادة الدولية لإدانة ما حدث في بيت حانون، وليكتب بهذا الموقف فصلاً آخر من فصول الهيمنة الأمريكية على مجلس الأمن الدولي ليحيله إلى مجلس (خوف) برعاية دولية، وليؤكد على أن هذا المجلس لم يعد هيئة دولية تفرض الأمن والسلام لكل سكان الأرض، بل أصبح (دمية) أمريكية توظِّفه لتحقيق مصالحها الإستراتيجية، ولإرضاء ربيبة الاستعمار، دولة الكيان الصهيوني.عندما رفع المندوب الأمريكي يده معترضاً على قرار الإدانة الدولية لمجزرة بيت حانون تذكَّرت الشعارات التي تروِّج لها الإدارة الأمريكية على المغفلين من الساسة والنخب الفكرية والإعلامية، شعارات الديمقراطية، والتسامح، وحقوق الإنسان، والشرق الأوسط الكبير وغيرها من الأكاذيب التي انطلت على كثير من نخبنا، وباتوا يسبحون بحمد هذا الظالم الدولي الذي منح الشرعية القانونية لاغتيال الإنسان العربي في فلسطين والعراق وغيرهما. هذا هو (مجلس الخوف الدولي) الذي يتخذ من نيويورك مقراً له، ومن أميركا مهيمنة عليه، ومن شرقنا الأوسط مسرحاً لمآسيه وأحزانه.
(*) أستاذ الإعلام السياسي المشارك بجامعة الإمام
|
|
|
| |
|