| |
خيارات البنتاجون وتطلعات العراقيين
|
|
قال الأمريكيون من خلال انتخابات التجديد النصفي لمجلسي الكونجرس كلمتهم فيما يحدث في العراق، وتتلخص، وفقا للنتائج، في أن غالب هذه السياسة مرفوض، وتمثل رد فعل البيت الأبيض في الاستغناء عن الشخصية الأبرز في مسرح الأزمة وهو وزير الدفاع رونالد رامسفيلد، وذلك تعبيراً عن سياسة جديدة بعد فشل تلك السابقة، وكل الأجواء في الولايات المتحدة ودوائره الرسمية تشير إلى أن ثمة تغييراً في السياسات، ومؤخراً خرج البنتاجون بحزمة خيارات تعبر عن التوجهات الجديدة وتتضمن بصورة واضحة خيار الانسحاب، ووسط التطلعات الأمريكية والخطط الجديدة، فليس المهم في المقام الأول، ما تريده واشنطن ولكن ما يريده العراقيون. وستكون سياسات البيت الأبيض ربما أكثر معقولية في أرض العراق إذا تضمنت التطلعات العراقية بصورة واضحة ولا لبس فيها، ومن الواضح أيضاً أن الفشل السابق قد يعود في مجمله إلى عدم استكناه حقيقة المشاعر العراقية، وبدلا من ذلك فقد غلبت النظرة العسكرية الأمريكية على ما عداها من معطيات كانت تلح على المسرح العراقي. رياح التغيير الجديدة في واشنطن تتأثر بشكل خاص بعدة عوامل منها ما تحمله لجنة بيكر، التي يتولى رئاستها وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر التي أسند إليها بحث خيارات تتيح الخروج من المأزق العراقي، والمتسرب حتى الآن من تقرير هذه اللجنة هو شذرات من توجهات نحو إيلاء موضوع الدبلوماسية المزيد من الاهتمام والانفتاح على الجوار العراقي من جهة إشراك هذا الجوار في وسائل الحلحلة الممكنة للأزمة، وقد رأينا التطبيق العملي لهذه السياسات في الزيارات المتبادلة بين العراق وكل من سوريا وإيران. ويبقى من المهم أن تتضمن التوجهات الجديدة، وبتركيز أكثر، البحث عن حل داخل الأرض العراقية ذاتها، وذلك من خلال المساعدة على وحدة الصف وتقليل التوترات بين مختلف الطوائف، وهذا أمر يعتمد، إلى حد كبير، على قدرة العراقيين وإرادتهم، لكن اتضح في سياق تطورات الأزمة أن بعض التدخلات الخارجية قد تزيد نيران الخلافات الداخلية استعاراً، ولذلك يتوجب على العراقيين تحصين أنفسهم من المندسين وسد الثغرات التي يمكن أن تتسلل من خلالها العناصر التي تفت في عضد التلاحم الداخلي العراقي. وعندما يثبت العراقيون أنهم أكثر التزاما بتمتين وحدتهم الداخلية فإن الأطماع الخارجية تتراجع، وهم يستطيعون من خلال هذا التوحد إجبار القوات الأجنبية على احترام هذا الخيار القوي المتمثل في تعزيز الوحدة إلى أن تجد هذه القوات أن لا سبيل لبقائها في وجود قوة محلية تثبت أنها كفيلة بمباشرة مسؤولياتها والاعتماد على نفسها، وأنه لم يعد من الممكن إزاء هكذا جبهة وطنية قوية متابعة الأهداف الخاصة للقوى الخارجية سواء تلك التي تمثلها قوات الاحتلال أو الأطماع الخارجية الأخرى التي تحاول إيجاد موطئ قدم من خلال استثمار تحالفاتها أو امتداداتها المحلية.
|
|
|
| |
|