| |
التطرف ينال من سماحة الإسلام ويضعف من تأثير الدعوة 2-6 حمد عبدالرحمن المانع
|
|
إذا كان القرآن الكريم نهانا عن سب الذين كفروا لكي لا يتجرءوا ويسبوا الخالق تعالى عما يصفون، فهل في الاعتداء بكل صيغه المنهي عنها إلا فرصة سانحة للتشويه وتصوير الدين بصورة لا تمت إلى معانيه الفذة المعززة بقيم التسامح بصلة ذلك أنه دين الحق، والحق أحق أن يتبع، وكلما ازدادت التجاوزات، واشتدت وطأتها كلما فرح المبطلون الضالون، ليمارسوا أخبث أنواع التلبيس على الآخرين وهم يدركون حقيقة هذا الدين غير أنها - كما يقول سبحانه وتعالى:{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} آية (5) سورة الكهف، فيمارسون الكذب والتضليل لكي لا تصل الدلالات العميقة والمعاني القيمة للآخرين خشية تأثرهم بذلك، وهكذا يكون حجب الرسالة عمن يستحقها ويحتاج إليها، معبراً لممارساتهم، معززين بالوقائع المريرة والتي تحدث بين الفينة والفينة من أبناء هذا الدين، ليوفروا لهم الغطاء اللازم لتعمية الأبصار والقلوب، ولاسيما أنهم يمتلكون من الأدوات الإعلامية والنفوذ الاقتصادي ما يتيح لهم تحقيق أهدافهم. غير أنه ما زال في الوقت متسع، وما زالت العقول الراجحة والبصائر المستنيرة تعي الدور المناط بها وتدرك حجم المسؤولية عملا بقول المولى عز وجل {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، وامتثالاً لقول نبي الهدى عليه أفضل الصلاة والتسليم: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها، ومن سن سنة سيئة فعلية وزرها ووزر من عمل بها) أو كما قال صلى الله عليه وسلم. والأساليب السلمية والدعوة إلى الحق بهذه الطرق الجميلة الموغلة في النصح الخالص والنية السليمة لم تكن ضعفا، إنما القوة تكمن في تأثير هذه العقيدة السمحة متى ما لامست القلوب، واستأثرت بالوجدان، وذلك لا يتأتى إلا من خلال تدعيم سبل التواصل عبر وسائل الإعلام المختلفة مهما شاب هذا التواصل من معوقات فإن الإلحاح في بلوغ الهدف والصبر عليه جل ما يتمنى المؤمن، والأهم من ذلك هي الوسائل التي يترتب عليها هذا البلوغ، نسأل الله العون والثبات والصبر والحكمة غير ضالين ولا مضلين. وكما أسلفت فإنه ولله الحمد ما زال في الوقت متسع طالما أن الإخلاص في هذه المهمة الجسيمة والأمانة العظيمة، سيبيت محور ارتكاز الرفعة في الأداء وطلب الحق وإبلاغه والحق أحق أن يتبع، والمراجعة والتصحيح بغية الاعتدال في الرؤى والمواقف لم تكن قط جرما أو مثلبة، بل هي الشجاعة في القول والرجاحة في العقل، فكل سيسأل عما قدم وآخر، وسيحمل وزر من في قوله تأثر إن كان مخطئا ولم يبذل جهدا، ويسعى لتحري الصدق والإخلاص في القول والعمل، ولعلي عبر المحاور التي سأبرزها في تصوري المتواضع، أطرح بعض النقاط مستعينا بمالك الملك، ومستغفره في كل حال من كل ذنب وخطيئة، وأود الإشارة هنا إلى أن المتطرف قد يكون ضحية لتشكل الرؤى وفق منهجية ساقت المفاهيم في فكره الغض حتى استوطنت، وبات الاقتراب منها أو نقاشها خطرا محضا، غير أن اللوم يقع على من يسهم في زرع هذه المفاهيم بمعزل عن التثبت والبحث الدقيق، والتحري والتمحيص في هذه الأمور ليس فقط في تحقيق أعلى مستوى للاطمئنان الداعم للاستقرار الوجداني على نحو يلامس سماحة وصدق هذه العقيدة الناصعة، بل على الآخرين أيضاً ممن لهم حق في سماع صوت المنادي لعبادة رب العباد كما أمرنا عز وجل في كتابه لدعوة من ضل بالحكمة والموعظة الحسنة.
|
|
|
| |
|