| |
من صور العناية بكتاب الله د. عبدالرحمن بن عبدالله المشيقيح(*)
|
|
لا يخفى على أحد ما تقوم به المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز يرحمه الله وحتى يومنا هذا على يد الملك عبدالله بن عبدالعزيز من أعمال جليلة في خدمة الإسلام والمسلمين ومن بينها عناية المملكة بكتاب الله الكريم وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. وخير دليل على ذلك الأخذ بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف في كل مناحي الحياة فكان الحكم والنظام والدستور في المملكة قائماً على الأخذ بمنهاج الشريعة والإسلام فدستور البلاد هو القرآن الكريم. وهذا أعطى الكثير من الخصائص الجليلة التي تتسم بها المملكة من بين الدول الإسلامية، كما يظهر مدى اهتمام المملكة بكتاب الله من خلال تدريسه في مختلف مراحل التعليم العام والفني والجامعي بل وخصصت مدارس لتحفيظ القرآن الكريم وهناك معاهد وكليات لهذا الغرض وقد تطورت هذه المؤسسات التعليمية تطوراً كبيراً بالكم والكيف فانتشرت وتوسعت لتشمل مختلف أرجاء المملكة من القرى والمراكز والمدن والمحافظات لتتواصل المسيرة لإيجاد وظهور أجيال مسلمة متمسكة بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وهذه نعمة عظيمة من نعم الله على المملكة بأن حباها بولاة الأمر المخلصين الأوفياء لدينهم ووطنهم القادة الملوك أبناء الملك عبدالعزيز سعود وفيصل وخالد وفهد ثم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز. لقد كان لهذه الاهتمامات بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أثر واضح وكبير في زيادة أواصر الإخاء والمحبة والترابط والقوة والعزة والكرامة والشموخ وذلك لأن الاهتمام بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يعد النبراس الشامل الهادي المعلم للجميع لترسيخ الجذور والمقومات المترتبة على التمسك بكتاب الله والعمل به مما كانت دافعاً قوياً لسيادة الأمن والاستقرار وجعلت الكل يد واحدة هدفها واضح هوالتقدم للأمام في طريق النمووالتطور الذي لا عوج فيه لأنه مؤسس على تعاليم صحيحة، تقدم ولا تؤخر، تبني ولا تهدم، تقوي ولا تضعف، توحد ولا تفرق، فالقرآن الكريم هو المصدر الأساسي للمعارف الحقيقية لكل مناحي الحياة التي يتطلبها الإنسان في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والأمنية والعسكرية والسياسية المبني على وضوح شامل مما ساعد وشجع كثيراً على تسريع ظهور الإنجازات الحضارية المبنية على أساليب حديثة ومتطورة من العلم والتقنية. إن عناية المملكة بكتاب الله وسنة نبيه لم تقف عند هذا الحد بل امتدت لأكثر من ذلك فنجد الرعاية والاهتمام يظهر في طباعة المصحف ونشره ليغطي حاجة البلاد ولحب عمل الخير والتوسع فيه يتم توزيعه على كثير من الدول والأقليات الإسلامية، ويتواصل الاهتمام بتشجيع المواطنين لحفظ كتاب الله الكريم من خلال جمعيات تحفيظ القرآن الكريم التي انتشرت في كل أرجاء الوطن في قراها ومراكزها ومدنها ومحافظاتها تتلألأ منشآتها الحديثة الشامخة بأهدافها فتمتلئ المساجد بحلقات التحفيظ والقائمين عليها كمعلمين وموجهين لتدريس كتاب الله تلاوة وحفظاً ولمزيد من التشجيع تجرى المسابقات السنوية لكافة المستويات للرجال والنساء في المحافظات والمناطق وعلى مستوى المملكة حيث تجري المسابقات الكبرى ومنها المسابقات الدولية وهذه كان لها دور محفز لإقبال المزيد من الشباب لحلقات حفظ القرآن التي تظهر أعدادها في تزايد للذكور والإناث تظهرها الإحصائيات السنوية التي تجريها المسابقات ويكفي القول بأن المملكة نتيجة الاهتمام الكبير بكتاب الله فإن الفائزين بجوائز المسابقات الدولية أغلبهم من أبناء الوطن. ويمتد الاهتمام والعناية بكتاب الله ليشمل المؤسسات الأمنية والعسكرية فها هي مسابقة الحرس الوطني لحفظ القرآن الكريم التي تجرى لعامها الرابع لمنسوبي الحرس الوطني على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رعاية هذه المسابقة لزيادة تفعيل الدور المنوط بها وتحقيق الأهداف السامية وما هذا كله إلا اهتمام بالغاً من خادم الحرمين الشريفين بكتاب الله الذي نراه من خلال الدعم المادي والمعنوي لهذه المسابقة فكان لها تأثير قوي وناجح لاستمرار المسيرة لعامها الرابع التي يقوم على إشرافها جهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني. إن مسابقة الحرس الوطني لتحفيظ القرآن الكريم قد حققت وتحقق الكثير من الأغراض السامية وذلك من جراء تخصيص جوائز مالية كبيرة لحفظه القرآن الكريم مما ساعد على تحفيز أعداد كبيرة من منسوبي الحرس الوطني للدخول والمشاركة في هذه المسابقات السنوية لغرض نيل الجائزة الخاصة وأنها تُهدى من خادم الحرمين الشريفين وهذا وحده وسام رفيع يتسابق إليه الكثير مما يجعل للمسابقة أهمية في تحقيق أهدافها وزيادة أعداد المتسابقين من منسوبي المؤسسة العسكرية العملاقة لكافة مستوياتها من الرتب العسكرية. ومما يميز هذه المسابقة الكبيرة أنها أتاحت الفرص للعديد من منسوبي الحرس الوطني ذوي القدرات المتباينة في حفظ القرآن الكريم وهذا يظهر جلياً في الفروع التي خصصت لها الجوائز ولإتاحة المزيد من فرص نيل الجائزة خصصت ستة فروع للمسابقة لكل فرع ثلاثة جوائز مالية ويهدف ذلك التخصص لاحتواء كافة مستويات الحفظ من المشاركة والدخول في المسابقة ويكفي أن من يحفظ جزءاً واحداً يمكنه الالتحاق للفوز بالجائزة المقررة وبهذا أمكن لمسابقة الحرس الوطني دخول الكثير من منسوبي المؤسسة العسكرية مما تحقق منافسات قوية تعمل على الاستفادة من شغل أوقات الفرغ بعد الانتهاء من الأعمال المنوطة بهم وبما تعود عليهم بالنفع في الدنيا والآخرة تعلماً وعملاً وهذا يعد مكسباً لبناء المزيد من الشخصيات العسكرية المسلحة بسلاح الإيمان وهو أقوى سلاح يتطلبه العسكريون للانتصار في أرض المعارك بجانب استخدام المعدات والآليات والأجهزة القتالية المتطورة وذلك لأن كتاب الله الكريم يدعو للعلوم والعمل والحب والتآخي والشجاعة والإقدام والتعاون والتآزر والترابط والالتفاف حول القيادة وهي مقومات النصر بمعنى أن اهتمام خادم الحرمين الشريفين بمنسوبي الحرس الوطني بحفظ كتاب الله له مغزى ونجاح كبير لبناء عسكريين ذوي قوة حقيقية عقيدتها التوحيد بالله والتمسك بكتاب الله العزيز وهذه حنكة وحكمة قيادتنا الرشيدة في ظهور المزيد من العسكريين الحافظين لكتاب الله وهوما يتطلبه الوطن والدين ومما يزيد من هذه الأعداد وجود مثل هذه المسابقات الكبيرة التي تدعم مادياً ومعنوياً. إنها نعمة كبرى لجعل أبناء الوطن حافظين لكتاب الله جعلت هناك من يهتم بأمور المواطنين ليس في دنياهم فحسب بل ولآخرتهم وهذا هو النجاح الحقيقي للبناء والتطور والتقدم والازدهار، فالعسكريون لا يمنعهم عملهم من الإقبال على كتاب الله وقادتهم الأوفياء يشجعونهم علي ذلك العمل النبيل وحفظ كتاب الله يعود على الحافظ بالكثير من المزايا ليس في نيل الجائزة المالية فحسب ولكن ما هو أهم وأعم من ذلك وهو ما سيناله الحافظ من المزيد من الهداية والنور والعلم والحكم والقصص والعبر والمواعظ والإرشاد والتحلي بآداب وأخلاق المسلم الصحيح فيكون خلقه القرآن لأنه ذو مرتبة خاصة من بين المسلمين فهو حامل لراية القرآن التي تنير طريقه لعمل المزيد من الخير فيكون داعياً أومعلماً وهادياً وناصحاً ومذكراً ومرشداً للخير وآمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر ولا يغيب عنا أن حافظ القرآن يكون مع الملائكة البررة فهو ذو مكانة رفيعة وهو يعد من خير المسلمين عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) رواه البخاري وعليه فالمسلم الحافظ للقرآن يكون هادياً لنفسه ولأسرته وللمجتمع لاتباعه ما أمر الله به واجتنابه لكل ما نهى الله عنه متمسكاً بطاعة الله ورسوله. من أعان وشجع ودعم وساعد وهيأ هؤلاء المواطنين ليكونوا حفظة لكتاب الله فهنيئاً لهم بالأجر والثواب عند الله لتلك الأعمال الخيرية المباركة وما دعم قيادتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين للحرس الوطني مادياً ومعنوياً إلا خير دليل على فعل الأعمال الخيرية التي يقدمون عليها في كل المناسبات المباركة فهي أعمال جليلة مسطرة في سجل التاريخ لأنها أعمال نافعة للمواطن والوطن. فالمجتمع المسلم المتمسك بكتاب الله سيكون مجتمعاً قوياً عاملاً بشرع الله في معاملاته وأفعاله وأقواله وهذا وحده يجعل المجتمع محتفظاً بخصائصه التي يدعولها الشرع الإسلامي، إن حفظة القرآن الكريم سيكون لهم دور أسمى في المجتمع فمنهم من يكون معلماً تتطلبه المساجد التي تجري فيها حلقات حفظ القرآن الكريم خاصة وأن أعداد المساجد في تزايد مستمر وذلك لظهور الأحياء السكنية الجديدة وما تتطلبه المنشآت العمرانية الأخرى نتيجة النهضة العمرانية الحديثة التي تشهدها المملكة في مختلف أرجاء الوطن. لذا فإن وجود أعداد كبيرة من حفظة كتاب الله سيشجع على إقبال المزيد من الراغبين لحلقات العلم لكون هؤلاء الحفظة أداة لتطوير أداء جمعيات تحفيظ القرآن الكريم مما يحقق المزيد من أهدافها المنشودة، وهناك أيضاً كما ذكرنا أن المساجد تحتاج إلى أئمة ووعاظ وخيرهم الحافظ للقرآن الكريم، وفي الختام بعد كل هذه المزايا والخصائص التي تعود على المجتمع والمواطن من وراء مثل هذه المشروعات الخيرية كمسابقة حفظ القرآن الكريم لمنسوبي الحرس الوطني التي يشرف عليها جهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني أعمال جليلة تقدمها قيادتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين دعماً وتحفيزاً وما هذا إلا خير دليل على عناية المملكة بكتاب الله الكريم والاهتمام به طباعة ونشراً وعلماً وحفظاً ومكافأة الحافظين مادياً لزيادة أعداد المتسابقين في المرات القادمة فهنيئاً لأهل القرآن وهنيئاً لمن عاون وساعد وشجع لوجود المزيد من حفظة القرآن، ونحن ندعو الله عز وجل أن يحفظ الملك عبدالله بن عبدالعزيز ذخراً ونصراً ومؤزاراً للإسلام والمسلمين.
(*) عضو مجلس الشورى
|
|
|
| |
|