مجلس الشورى وتوصيات سوق المال
فضل بن سعد البوعينين

الآمال الكبيرة المعلقة على مجلس الشورى الموقر هي التي تدفع بالغيورين إلى مطالبة أعضائه بأمور قد تكون خارجة عن صلاحياتهم النظامية. لذا لا أستغرب أبداً حين أستمع إلى مداخلات المواطنين التلفزيونية، أو حين أقرأ بعض التعليقات والمقالات الصحفية، التي تحث أعضاء مجلس الشورى لتحقيق المستحيل، فالعلاقة بين الشعب وأعضاء مجلس الشورى أعطت الحق للمواطنين بطلب المزيد بغض النظر عن آلية المجلس التي تتحرك وفق أنظمة وقوانين محددة لا يمكن تجاوزها.
أعان الله معالي الرئيس والأعضاء الموقرين، ونسأله لهم العون على تجاهل بعض الجهات التنفيذية لتوصياتهم المهمة التي يفترض أن تكون قوانين ملزمة للآخرين. تجاهل بعض الجهات التنفيذية لتوصيات لجان مجلس الشورى المتخصصة، تؤدي في أحيان كثيرة إلى الإحباط النفسي للأعضاء الموقرين، خصوصاً إذا ما تحدثنا عن التوصيات الدقيقة التي تقرأ المستقبل بعين الخبير المطلع، وتضع الحلول الناجعة للقضاء على مشاكل المجتمع.. يتراجع الإنسان خطوات إلى الوراء كلما هُمشت آراؤه، ويصاب بانتكاسة نفسية حادة إذا ما تفاقمت المشكلة بسبب تجاهل أطروحاته وتوصياته، وأخشى أن يتسرب مثل هذا الوضع إلى بعض أعضاء مجلس الشورى الموقرين الذين اجتهدوا في دراسة بعض القضايا الحساسة، وعلى رأسها قضية (انهيار سوق الأسهم)، ولم يجدوا إلا التهميش لأطروحاتهم وتوصياتهم المنصحة.
قرأت بألم شديد، ملاحظات عضو اللجنة المالية في مجلس الشورى الدكتور عبد العزيز العريعر، المنشورة في جريدة الحياة بتاريخ 14-11-2006، حيال تجاهل الجهات الحكومية لتوصيات لجنته المخصصة لدراسة قضية سوق المال، حيث أبدى الدكتور العريعر أسفه لعدم تجاوب الجهات الحكومية مع جهود المجلس، وذكر ما نصه: (للأسف فإنّ الجهات الحكومية والمرتبط عملها بالسوق تنظيماً وإشرافاً ومتابعة، غير متحمسة ومترددة في تنفيذ المقترحات التي صدرت) .. الدكتور العريعر لم ييأس من المطالبة بتبنِّي توصيات لجنته، خصوصا وأنه بدأ يلحظ تداعيات انهيار السوق، ومواصلتها الانحدار إلى ما دون 8000 نقطة كنتيجة مباشرة لتجاهل توصيات الإصلاح التي ارتأتها لجنة مجلس الشورى .. الدكتور العريعر طالب المجس بمتابعة التوصيات و(الرفع لخادم الحرمين الشريفين بضرورة التدخل والأمر على هذه الجهات بتنفيذ التوصيات التي سبق الاتفاق عليها). من حق أعضاء مجلس الشورى الموقرين الدفع لتطبيق مقترحاتهم وتوصياتهم المتخصصة، ومن حقهم أيضاً مساءلة من تجاهل هذه المقترحات، وامتنع عن تطبيقها، خصوصاً بعد حدوث الانهيار الثاني الذي عصف بما تبقّى من مدخرات المواطنين.
المواطنون يبحثون عن الحل الناجع لمعضلة الانهيار، ويمنون أنفسهم بمحاسبة المتسببين والمقصرين، دون إستثناء، ولا يكترثون كثيرا لجهة الاختصاص، على الرغم من احترامهم وتقديرهم لجهود المنصحين الخيرين، فمن وجد في نفسه الكفاءة على إيجاد الحل وتنفيذه فليفعل، فقد (بلغ السيل الزبا) بالمواطنين، واستفحل الأمر، واهتزت الثقة بالاقتصاد، وأصبحنا محور بحث، وتجريح لقنوات الفجور الإعلامية، بسبب تقصيرنا في القضاء على مشكلة الانهيار.
أفلا تستحق كل هذه التداعيات تدخلاً مباركاً من الخيِّرين، يحفظ للناس حقوقها، وللسوق قوّتها، وللاقتصاد هيبته؟ .. بلى وربي، ونحن في انتظار صاحب القلب الكبير، وهو انتظار لن يطول بإذن الله.