| |
من أجل تفاهم مشترك بين هيئة السوق المالية وجمهورها د. عقيل محمد العقيل
|
|
لقد بات من الواضح عدم أو سوء فهم الجمهور لماهية وأهمية دور هيئة السوق المالية في المنظومة المالية، فضلاً عن فهم مسؤولياتها وصلاحياتها وخططها لتلعب هذا الدور بالكفاءة المطلوبة، ويتضح ذلك جلياً عند وقوع أي هبوط حاد في سوق الأسهم السعودي، حيث يجد الكثير من المتعاملين ضالتهم في الهيئة ليصبوا عليها جام غضبهم لتبرير سوء قراراتهم المضاربية والاستثمارية، كما يجد الكثير من الإعلاميين في الهيئة الجدار الهابط الذي يمكن تسلقه للوصول إلى عواطف القراء والمشاهدين لكسب المزيد منهم لصالحهم. وبافتراض سلامة إستراتيجيات وتكتيكات هيئة السوق المالية في تطوير وتنظيم السوق المالية وحماية المتعاملين بها من كافة أشكال الغش والاحتيال والخداع والتدليس، وبافتراض توفر كافة الإمكانيات التي تمكن الهيئة من تحقيق ذلك لصالح الاقتصاد الوطني وكافة الأطراف المتعاملة في سوق الأوراق المالية، فإن عدم أو سوء الفهم الحاصل لاشك أنه يمثل حاجزا كبيرا أمام هيئة السوق المالية لتحقيق تلك الأهداف السامية والمهمة وذلك لتعاظم أهمية الرأي العام في المملكة العربية السعودية بتعاظم تأثيره في صناعة واتخاذ القرارات والنجاح في تطبيقها. ومن شاء أن يتأكد من تعاظم أهمية الرأي العام وصناعه فليرجع إلى خطابات خادم الحرمين الشريفين (من نحن من دون المواطن) وليحاول أن يتعرف على مدى متابعة المسؤولين لكل ما ينشر أو يبث من خلال كافة الوسائل الإعلامية للتعرف على هموم المواطنين وقضاياهم ومشكلاتهم للتصدي لها ومعالجتها ومحاسبة المحسن ومعاقبة المسيء. وإذا أدركنا ذلك سندرك مدى تزايد أهمية كسب ثقة الشرائح المستهدفة وتأييدها لسياسات هيئة السوق المالية وخططها وقراراتها لتشكل عناصر دعم وتحفيز بدلاً من أن تكون عناصر إعاقة وتثبيط، وهذا الكسب والتأييد لا يتحقق إلا من خلال خلق ?تفاهم متبادل بين الهيئة وجمهورها بشيء من الوضوح والشفافية المنضبطة بسياسات الممكن والمقبول، وهذا التفاهم المتبادل لا يتحقق إلا من خلال عمليات اتصالية إنسانية بين الهيئة وجمهورها، عمليات اتصالية مدروسة ومخططة ومستمرة ومقاسة، لا عمليات اتصالية تجميلية عشوائية مبعثرة متقطعة لا يمكن تقييمها بحال من الأحوال. والتفاهم المتبادل بين الهيئة وجمهورها لا يهدف لتحقيق التطابق الكامل في وجهات النظر بقدر ما يهدف لتحقيق التفهم، التفهم من أجل تحقيق مصلحة البلاد بتحقيق مصلحة الأطراف المتعاملة بسوق الأوراق المالية ومصلحة الاقتصاد الوطني، بمعنى أن يتفهم جمهور الهيئة كافة قراراتها وأهمية كل قرار في تحقيق أهداف الهيئة في تطوير وتنظيم إصدار وتداول الأوراق المالية وحماية المتعاملين بما يزيد من التعاون المشترك و?إيجاد الثقة المتبادلة لمعرفة الاحتياجات ومواجهة المشكلات واقتراح ?الحلول. هل قامت هيئة السوق المالية بذلك؟.. أظن أن الإجابة (لا) كبيرة، فالهيئة كما هو الحال في بقية مؤسسات الدولة ما زالت بعيدة عن تطبيق مفهوم العلاقات العامة والعمل الذي تؤديه، ويؤكد ذلك عدم وضوح موقف الهيئة من جمهورها وبخاصة الإعلام على الرغم من أنه الأكثر تأثيراً لقدرته على صنع مواقف الرأي العام الذي يمكن أن يشكل ضغطاً كبيراً على العاملين بالهيئة بما يجعلهم في وضع لا يحسدون عليه، وبظني أن هيئة السوق المالية عليها أن تتفاعل إيجاباً مع كافة الوسائل الإعلامية بروح إيجابية تنطلق من الحرص على تحقيق مصلحة الطرفين، حيث يجب أن تحافظ الهيئة على خطوط اتصال متبادَل بينها وبين كافة الوسائل الإعلامية لتستجيب لما يطرحه الرأي العام من تساؤلات واستفسارات من خلال وسائل الإعلام التي أخذت على عاتقها التعبير عن قرائها ومشاهديها. الهيئة وإن قامت بطباعة نظامها الأساسي واللوائح التنظيمية وقامت بنشرها على موقعها على الشبكة العنكبوتية، ودعت الإعلاميين والكتاب والمهتمين للاطلاع عليها والاستفادة منها، وقامت بأنشطة توعوية هنا وهناك، ونفذت دورة تدريبية للصحافيين، أقول وإن قامت بكل بذلك فإنه لا يكفي لأنها جهودمبعثرة لا يجمعها ناظم وكأنها جهود تعذيرية لرفع العتب، حيث من المؤكد أنه لا يمكن للإعلاميين والمتعاملين عامة فهم هذه الأمور القانونية بسهولة دون تيسيرها من قبل الهيئة وعرضها بطرق مشوقة وبتكرارها بآليات مختلفة لترسيخها في أذهانهم، نعم لا يكفي أن تقول الهيئة إنها عرضتها وأن الإعلاميين والمتعاملين بسوق الأسهم لا يكلفون أنفسهم الاطلاع عليها وفهمها واستيعابها. باعتقادي أنه بات من الضروري أن تفعل الهيئة الوظائف التي تؤديها العلاقات العامة في سبيل إنجاح العديد من المهام التي ?تباشرها الهيئة، حيث تساعد العلاقات العامة على توعية المجتمع بأهمية القضايا التي تتصدى ?لها الهيئة وأهمية اللوائح التي تصدرها والقرارات التي تتخذها، وحيوية ارتباطها ?بمصالح المجتمع عموماً ومصالح مجتمع الأعمال على وجه الخصوص، ولتوسع من اطلاع الأفراد على فلسفة الهيئة ورسالتها ?وأهدافها، ولتساعدهمعلى تقييم إنجازاتها لتحشد تأييد الرأي العام لمواقفها بالتعرف على اهتماماتهم والاستجابة لها من خلال تطوير البرامج وتنظيم الأعمال التي تلبيها حسب الإمكان لتحصل على الدعم والمساندة بجميع أشكالها وصورها. ختاماً أقول إنه لا يخفى على كل ذي لب لديه من العمق الاقتصادي والمالي ما يكفي أن يعرف اتجاهات وجهود هيئة السوق المالية في تطوير وتنظيم سوق الأوراق المالية لتلعب دورها الحقيقي في رفع كفاءة النظام المالي في بلادنا الحبيية بما يرفع من قدرات مؤسساتنا التنافسية والإنتاجية لتعلب دورها في تنمية الاقتصاد الوطني لتكون شريكاً حقيقياً فعالاً في التنمية الشاملة والمستدامة، ولكن هذا لا يكفي فليس الكل متخصصاً ومتعمقاً في الاقتصاد والمال، لذا فإن الهيئة تحتاج للمزيد من التواصل مع كل الشرائح ذات الصلة لكسب المزيد من المؤيدين لسياساتها وقراراتها لتحقق أهدافها بقوة دفع وتحفيز كبيرتين بما يمكنها من اختصار الوقت والجهد، وهذا ما لا يمكن تحقيقه دون تواصل إيجابي بناء مع كل المتعاملين عامة والمؤسسات الإعلامية على وجه الخصوص، وكلنا أمل بمعالي الدكتور عبدالرحمن التويجري لرفع درجة التفاهم المشترك بين هيئة السوق المالية وجمهورها لما فيه مصلحة الجميع.
alakil@hotmail.com |
|
|
| |
|