الإنسان في خضم هذه الحياة يعيش بين أمرين لا ثالث لهما هما الفرح والحزن، وهما بطبيعة الحال فطريان داخل جسم الإنسان كما قال سبحانه وتعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}. وأثر الفرح والحزن بيّن في حياة الإنسان من الناحية الطبية حيث يوجد في جسم الإنسان غدة تسمى جارة الكلوة وموقعها أعلى الكلى، فعند فرح الانسان تفرز هذه الغدة مادة (الأدرينالين) وهذه المادة توسع الشرايين، فيزداد اندفاع الدم إلى العضلات، وتزداد طاقة الإنسان نتيجة لذلك. أما في حالة الحزن فيقل الأدرينالين أو يكاد يختفي.
ولا شك ولا ريب في أن طريقة تفكير الإنسان ونظرته إلى هذا الكون هي التي تصور الفرح والحزن لديه.. قال أحد العلماء (شقاء الإنسان آت من نظرته للكون وليس من الكون ذاته)؛ فهذا الكون ثابت، وتفكير الإنسان وطريقة تعامله مع الحياة ومع غيره من البشر ينتج عنهما الفرح والحزن. يقول وليم شكسبير (ليس هناك جميل ولا قبيح، وإنما تفكير الانسان هو الذي يصور أحدهما للإنسان). والناظر بعين العقل والبصيرة في هذه الحياة يجد أنها تجمع بين الفرح والحزن، وبين السعادة والشقاوة، وبين الحلاوة والمرارة.. ولكن الكثير من الناس في هذا الوقت يشتكون من هذا الزمان وقسوته، ومن الفقر وشدته.. وحقيقة، العيب ليس في هذا الزمان، ولكن العيب في هذا الإنسان وفي هؤلاء وغيرهم.. يقول الشاعر:
والإنسان الناجح من خلال وجهة نظري الشخصية المتواضعة، هو من يرضي ربه وينتصر على نفسه ويتغلب على ظروف زمنه ويحقق أمله مهما واجه من صعوبات ومهما تعرض إلى معوقات.. فالنجاح في هذه الحياة قائم على أرض الفشل خصوصاً إذا صاحبه العمل وتمسك الإنسان بالأمل.
أعلل النفس بالآمال أرقيها |
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل |
والحياة في الواقع والحقيقة لا تدوم على حال؛ فمن المحال دوام الحال.
وما أجمل تلك الحكمة التي تقول (لنرضَ بالمتاح لنهنأ ونرتاح)، وليكن شعارك في هذه الحياة: (لا يقلق من كان له أب فكيف بمن له رب).
|