| |
تصنيف الجامعات السعودية عيد حجيج الجهني (*)
|
|
يتم التصنيف لكثير من المجالات وذلك من أجل ترتيبها من باب القياس والتقويم أو التقييم. فهناك تصنيف على مستوى الدول يقسِّم الدول إلى دول عالم أول ودول عالم ثانٍ ودول عالم ثالث، وبالرغم من زوال العالم الثاني إلاّ أنّه لا يزال شاغراً. وهناك تصنيف اقتصادي يصدر من منظمات دولية، مثل صندوق النقد الدولي، والذي يقول إنّ ترتيب المملكة في المجال الصناعي شهد صعوداً ملحوظاً لتصبح ضمن أفضل 70 دولة صناعية على المستوى العالمي. والمتتبّع لمفهوم التصنيف يجده في كلِّ مكان، فهناك تصنيف وزارة الخارجية للدول التي تعمل فيها السفارات إلى أ - ب، وكذلك تصنيف وزارة الداخلية للمحافظات والمراكز إلى أ - ب، وتصنيف وزارة التجارة للشقق والفنادق، ودخل كذلك التصنيف المنتجات الصناعية والزراعية، فتجد شماغاً ملكياً وآخر سوبر وبرتقال نخب أول وبرتقال نخب ثانٍ وهكذا. المهم في التصنيف أنّ لكلِّ تصنيف معايير وأُسساً يعتمد عليها، وكلّ صاحب تصنيف يعتمد على معايير مختلفة أو متقاربة مع تصنيف آخر. أمّا بالنسبة للجامعات عموماً، فقد صدر لها عدّة تقارير للتصنيف، منها تقرير بعنوان (500 جامعة)، وتقرير آخر بعنوان (3000 جامعة)، وهناك تقارير أخرى للجامعات الأمريكية والتي تجاوزت 4000 جامعة، بالنسبة لتقرير 500 جامعة صدر من معهد التعليم العالي بجامعة جياو شنغهاي الصينية، وقد صدر هذا التقرير عام 2004م ولم يحتو على أيّ جامعة سعودية أو عربية, وكذلك صدر عام 2005م ولم يحتو أيضاً على أيّ جامعة سعودية أو عربية، ثم صدر في شهر أغسطس عام 2006م ولم يحتو على أيّ جامعة سعودية، ولكن ولأول مرة شمل جامعة عربية واحدة وهي جامعة القاهرة، وكان السبب الرئيس في ظهورها هو حصول عدد من خريجيها على جوائز عالمية مثل جائزة نوبل. أمّا التقرير الثاني فهو تقرير (3000جامعة) والذي يسمَّى تصنيف الرتب المتري أو الدليل العالمي للجامعات والمعاهد، وهذا التقرير صدر من مجموعة تجارية اسمها مجموعة (لابورتورو) للإنترنت ومقرّها مدريد (أسبانيا)، وقد وضعت ترتيباً للجامعات الآسيوية وترتيباً للجامعات الأمريكية والإنجليزية والكندية، وهذا التقرير يمكن وصفه بدليل الجامعات. وقد حظيت نتيجة هذا الترتيب باهتمام كبير على مستوى مجلس الشورى، حيث أشار إليه عدد من أعضائه في المناقشة التي تمّت في شهر شوال حول نظام الجامعات السعودية, وبعد ذلك حظي باهتمام آخر على مستوى الصحف والمنتديات في شبكة المعلومات. والغريب أنّه تم التسليم بهذا التقرير وكأنّه حقيقة واقعة أو نتيجة صادرة من جهة لا يمكن مناقشتها، أو هي لا تقبل المناقشة أو التراجع في النتيجة التي أعلن عنها، مهما كانت الأضرار التي تترتّب على تلك النتيجة. وعند المقارنة بين التقريرين، يلاحظ أنّ التقرير الصيني على عيوبه أفضل من التقرير الأسباني, لماذا؟ لأنّ التقرير الأسباني اعتمد اعتماداً كلياً على معلومات جمعها من محرّكات البحث مثل محرك - جوجل - ومحرك - ياهو -، فالجامعة التي لها موقع يحتوي على معلومات وفيرة عن تلك الجامعة، ويجيب على التساؤل الذي يُطرح عليه، فتحصل على مراكز متقدمة وفي النتيجة هناك فروق بينهما. مثلاً: حصلت بريطانيا على المركز الثاني في التقرير الصيني، بينما في التقرير الأسباني حصلت على المركز الرابع. وبعض الجامعات الأخرى سواءً أكانت أمريكية أو أوروبية، حصلت على مراكز متقدمة في التقرير الصيني، بالمقابل حصلت على مراكز متأخرة في التقرير الأسباني. أمّا التقرير الصيني فإنّه اعتمد على معايير مقبولة إلى حد ما، مثل معيار الجودة ومعيار عدد الأساتذة الحاصلين على جوائز عالمية، ومعيار نتائج الأبحاث المنشورة ومعيار حجم الجامعة، وهذه المعايير تختلف من عام لآخر. وخلاصة القول إنّه يمكن عدم التسليم بنتيجة التقرير الصيني أو الإسباني أو أي تقرير آخر تكون معاييره غير متفق عليها أو معتمدة دولياً، ولكن هناك فائدة ودروس لهذه التقارير، وهي ضرورة عناية الجامعات السعودية بالمعلومات الموجودة في موقع الجامعة. لا بدّ، بل من الضروري، تحديث المعلومات ليس شهرياً أو أسبوعياً بل يومياً، وكذلك فائدة أخرى لا بدّ من تحرُّك الجمعيات العلمية السعودية أو المنظمات التربوية، مثل مكتب التربية لدول الخليج والذي مقره الرياض، والمنظمة العربية للتربية ومقرها تونس، واتحاد الجامعات العربية في عمّان، بحيث يتم الاتفاق على معايير لتصنيف الجامعات، على الأقل الجامعات العربية التي لم تتجاوز حتى الآن 200 جامعة، ثم يكون هناك تصنيف آخر للجامعات خارج البلدان العربية ويراعى في التصنيف معاملة تلك الجامعات لطلاب الدول العربية والإسلامية، ومن الفوائد أيضاً تشجيع البحث العلمي والمواهب في الجامعات. ولعلّ اطلاع أعضاء هيئة التدريس على هذه التقارير تكون حافزاً لبذل المزيد من الجهد والعطاء.
* عضو هيئة تدريس
eidhujaij@yahoo.com |
|
|
| |
|