| |
الحبر الأخضر عدل ملك... وحدة وطن أ.د. عثمان بن صالح العامر
|
|
كتبت في هذه الزاوية (الحبر الأخضر) قبل أكثر من عامين وعلى وجه الخصوص في يوم الاثنين 14 رجب 1425ه مقالاً رمزياً عنونته ب(العربة والصفوف الخلفية)، قلت في نهايته.. جال في خطاري عربة أخرى شبيهة بعربة الطائرة، أراها، أسمع عنها، ألمح انعكاساتها، أبصر وقعها، تقابلني كل يوم في شارع الحياة.. إنها عربة التنمية.. قطع عليَّ جاري حبل أفكاري.. يسألني أين وصلت؟؟ قلت له أفكر بعربة التنمية والصفوف الخلفية.. قال وماذا تقصد بقولك هذا من أجل أن أشكَ فيه برقية لصاحب الصلاحية؟؟ وكان الرد ببساطة متناهية (اعد قراءة الحدث مرة أخرى بعقلية تفكيكية تحليلية تعرف ما عَنَّ في خاطري يا صاح..)، لم يكن يدور في خلدي حينها أن يأتي اليوم الذي يذكر فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- هذه الحقيقة بكل جلاء وشفافية ووضوح ويؤكد على بعض الأسس والركائز الهامة التي قام عليها هذا الكيان الشامخ منذ عهد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وحتى اليوم. ومن هذه الأسس التي يستخلصها ممعن النظر فيما جاء في جلسة مجلس الوزراء يوم الاثنين الماضي 15- 10-1427ه والتي عقدت ولأول مرة في جازان.. وفيما قاله حفظه الله ورعاه لدى استقباله لمسؤولي وأعضاء المجلس البلدي في جازان ما يلي: - المصارحة والوضوح والمكاشفة في الخطاب السياسي الداخلي الذي هو حلقة الوصل بين الراعي والرعية الملك والشعب. - التأكيد على مسألة العدل الوطني، والعدل من القيم التي لم تختلف عليه الإنسانية منذ فجر التاريخ وحتى عصر العولمة.. ذلك لأنه قوام الحياة وأساس بقاء الملك وأس مشاريع النهوض والإصلاح عبر التاريخ.. ومع ذلك فإن مصادر الناس ومنطلقاتهم في نظرتهم للعدل تختلف، ولذا اختلفت تصوراتهم إليه.. بعض الدول والأمم مرجعهم في تصور العدل العقل والتجربة، أو ما تحكم به الأغلبية في بلدانهم، أو ما وجدوا عليه آباءهم، أو ما تهواه أنفسهم وتميل إليه شهواتهم. ونحن في بلد الحرمين المملكة العربية السعودية ننظر إلى أن مصدر العدل هو الوحي الإلهي الذي شرعه الله في كتابه، وبينه النبي صلى الله عليه وسلم في سنته، قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ}، والعدل الوطني كما حدده خادم الحرمين ذو شقين هامين (العدل المناطقي)، فالوطن كل لا يتجزأ لا فرق فيه بين منطقة وأخرى، ومن هذا الباب وفي ذات السياق جاء ذكر المناطق الأربع (جازان ونجران وحائل والحدود الشمالية)، والعدل الفردي بين جميع المواطنين. - التذكير بمبدأ المساواة (فالمواطنون سواسية في الحقوق والواجبات)، وفرق بين العدل والمساواة، فالعدل في اللغة والشرع مفهوم شامل، ومنهج متكامل، يدخل ضمنه مفهوم المساواة، ولذا أمر الإسلام بمبدأ العدل مطلقاً وحث عليه في كل حال قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}، أما المساواة فلم يدعُ إليها إلاسلام إلا إذا كانت في دائرة العدل. - الإشارة الدقيقة إلى أن الإصلاح الفعلي لا يتحقق بالقول فحسب بل هو يقوم ويرتكز على الفعل والإنجاز، ولذا لابد من توجه الجهود إلى البذل والعطاء من أجل الإصلاح والبناء. - التبليغ الواضح والصريح بأن المنطلق والباعث والمحفز والمرشد للعمل الجاد من أجل التنمية والإصلاح والبناء هو العقيدة الإسلامية الصحيحة. - التأكيد على مبدأ المسألة حين يكون التقصير سواء اتجاه المناطق أو الأفراد، فالمسؤولون مطالبون من قبل ولي الأمر بأداء ما حملوا من أمانة وما قام عليهم من واجب إذ لا عذر لهم خاصة وأن ركائز التنمية الأساسية متوفرة في هذه البلاد المملكة العربية السعودية -ولله الحمد والمنة- ألا وهي: أولاً: العقيدة الصحيحة التي تدعو إلى أداء العمل وعمارة الأرض بأمانة وإخلاص. ثانياً: الموارد الطبيعية التي أفاض الله بها علينا في هذه الديار المباركة. ثالثاً: الموارد البشرية المتفانية والمخلصة من أجل الوطن (ودمت عزيزاً يا وطني).
|
|
|
| |
|