Al Jazirah NewsPaper Friday  10/11/2006G Issue 12461مقـالاتالجمعة 19 شوال 1427 هـ  10 نوفمبر2006 م   العدد  12461
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

أفاق اسلامية

أبناء الجزيرة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

سين وجيم

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

الخط العربي.. المهارة المنسية
د. عبدالملك الجندل(*)

خلق الله الإنسان، وفطره على أن يكون اجتماعيا، وجعل له لغة يستطيع من خلالها التخاطب والتفاهم مع الآخرين باللسان والقلم، وقد شرف الله سبحانه وتعالى اللغة العربية أن أنزل القرآن الكريم بلسانها، فأصبحت اللغة العربية وعاء لحفظ القرآن والسنة وعلومهما، ومن وسائل الحفظ الكتابة بالخط العربي، وقد مرَّ الخط العربي بمراحل تطويرية لاهتمام المسلمين به، حتى أصبح من أرقى الخطوط وأجملها، مع تعدد أنواعه وأشكاله، المبنية على قواعد علمية خاصة.
وقد انتشر الخط العربي مصاحباً لانتشار الإسلام في العالم، فأصبح محببا لجميع المسلمين، ولغيرهم من متذوقي الفن الجميل.. يقول الفنان (بيكاسو): إن أقصى نقطة حاولت الوصول إليها بالرسم، وجدت أن الخط العربي قد سبقني إليها.
ومع أهمية الخط العربي إلا أنه يلاحظ انخفاض مستوى الخط العربي بوجه عام؛ نتيجة ضعف تدريس الخط العربي في التعليم العام، إضافة إلى عدم وجود المعاهد المتخصصة لتعليم الخط العربي، وانتشار المراكز الخاصة بعمل اللوحات التعليمية، وقبولها والتشجيع عليها من قبل المدرسة.
وبما أن الأساس هو التعليم المدرسي، فسيتم إلقاء الضوء على واقع (الخط العربي) في التعليم العام.
قررت وزارة التربية والتعليم مادة مستقلة للخط العربي، وحددت الأهداف، وتم طباعة كراسة خاصة للخط، وحصة واحدة في الأسبوع في بعض الصفوف الدراسية. ومع ذلك فإن الواقع التربوي يدل على أن الخط العربي لم يأخذ نصيبه من الاهتمام الكافي؛ ما أوصل رسالة إلى الطالب وأسرته أن مادة الخط العربي مادة غير أساسية. ونستطيع التوصل إلى عدد من الإشارات الظاهرة والخفية، التي تكون في مجموعها انخفاض مستوى الاهتمام بتدريس الخط العربي في المدرسة، وذلك من خلال:
أولاً: عدم وجود المعلم المتخصص في الخط العربي، وإسناد مادة الخط إلى معلم اللغة العربية، أو معلم آخر لإكمال نصابه من الحصص، دون النظر إلى جودة خط المعلم.
ثانياً: عند النظر في صحف الطلاب في مدارسهم، يلاحظ أن كثيرا منها من عمل الخطاطين، أو عمل الأهل خصوصا في المرحلة الابتدائية، وعزوف الطالب عن عمل اللوحة بنفسه، ويرجع ذلك إلى المقارنة بين ما ينتجه الطالب بنفسه وما ينتجه الخطاط، والدعم المعنوي المنخفض من قبل المعلم لما عمله الطالب بنفسه، والمدح والثناء الوافرين على أعمال أحضرها الطالب من الخطاط.
ثالثاً: حرص الكثير من المديرين على تجميل مدارسهم بغض النظر عن الهدف التربوي الأساس وهو تدريب الطالب، فتجد أغلب الأعمال المعروضة أمام زوار المدرسة، وفي الفصول، والمعارض المدرسية، من عمل الخطاطين أو الأهل.
رابعاً: عدم اتباع بعض المدارس الأسلوب الصحيح في التقييم، حيث يمنح الطالب الدرجة الكاملة في الخط عند تفوقه في المواد الأخرى، دون النظر في مستوى خطه؛ ما يجعل الطالب لا يرى أهمية لمادة الخط، ولا يهتم بتحسين خطه.
خامساً: تصرفات بعض المعلمين في قبول أعمال الطلاب، وأورد موقفين داخل المؤسسة التربوية كان لهما الأثر والنتيجة العكسية على المتعلم: فقد طلبت معلمة من إحدى الطالبات عمل صحيفة، وطلبت تلك الطالبة من والدها عمل الصحيفة عند الخطاط، لكن والدها أقنعها بعد محاولات مضنية أن تعملها بنفسها، وستتحسن كتابتها تدريجيا، وأن صاحب الخط الجيد وصل إلى هذه المرحلة شيئا فشيئا، وبعد أن أنهت تلك الطالبة الصحيفة أبدى أفراد الأسرة إعجابهم بذلك العمل، وبعد تلك الرسالة الإيجابية لم تسعها الفرحة، ولم تنم تلك الليلة إلا قليلا؛ إذ طال انتظار الصباح، وذهبت إلى المدرسة، ومن شدة فرحها بصحيفتها كادت أن تنسى حقيبتها، وفي الحصة الأولى أعطت الصحيفة للمعلمة، فأخذتها المعلمة، ولم تشكرها أو تشجعها، بل أوصلت الرسالة عبر تعابير وجهها، ثم وضعتها على الأرض في زاوية الفصل، ولم تأخذها معها بعد انتهاء الحصة، وكانت تلك صدمة للطالبة، ورسالة مبطنة إلى باقي الطالبات بعدم عمل الطالبة للصحيفة، وبعدها لم يستطع والدها أن يقنعها بعمل صحيفة أو أي نشاط منزلي اعتمادا على نفسها، واضطر إلى أن يضرب بالمبادئ التربوية عرض الحائط، ويذهب إلى الخطاط، ويكتب الخطاط زورا وبهتانا، أن ذلك العمل من عمل الطالبة، وتشاركها المعلمة الخداع، حيث يكتب إشراف المعلمة.
وقصة أخرى لطالب عمل جهده في عمل الصحيفة، ولما أخذها المعلم، وضعها خلفية لصحيفة أخرى أحضرها أحد الطلاب من الخطاط، ولكم أن تتخيلوا شعور ذلك الطالب المحبط الذي يرى جهده قد وضع (بروازا) لجهد شخص آخر.
سادساً: عدم وجود معاهد للخط العربي تابعة لوزارة التربية والتعليم، فقد تم إغلاق المعهد الوحيد في الرياض، وسرح طلابه منذ عدة سنوات.
وخدمة للحرف العربي، فهذه بعض الإجراءات العملية المتوقع أن ترفع من مستوى الخط العربي لدى الطلاب حبا وتذوقا وتطبيقا:
أولاً: في الوقت الحاضر: يتم إسناد مادة الخط العربي للمعلم جيد الخط، الذي لديه الموهبة والميول، وعدم اشتراط ربط عملية إسناد المادة لمعلم اللغة العربية؛ فقد يكون معلم الرياضيات أفضل مستوى في الخط من معلم اللغة العربية.
ثانياً: في المستقبل: إسناد مادة الخط العربي إلى معلم متخصص في الخط العربي؛ لإكساب الطالب مهارة الخط، حسب قواعده العلمية، حتى وإن تطلب الأمر التعاقد (مؤقتا) مع معلمين من الدول العربية، والتدرج في التطبيق بدءا بالمدارس الابتدائية؛ لأنها ركيزة التعليم، والنظر إلى المدارس كثيرة الفصول، حتى لا يضطر المعلم إلى إكمال نصابه في مدرسة أخرى، ثم المرحلة اللاحقة التنسيق بين المدارس، بحيث يكمل المعلم في مدرسة أخرى.
ثالثاً: تخصيص قسم للإشراف خاص بمادة الخط العربي، وليس شرطا أن يكون المشرف متخصصا في اللغة العربية، ويكون ذلك القسم إما مستقلا أو تابعا لشعبة اللغة العربية.
رابعاً: دراسة افتتاح معاهد تعليم الخطوط العربية، في كل منطقة تعليمية، ثم التوسع في انتشارها في المحافظات، وافتتاح أقسام خاصة للخط العربي في التعليم الجامعي، أو دبلوم بعد الدراسة الجامعية.
ومما يدل على الرغبة في تعلم الخط العربي حتى وإن كان مقابل مبلغ مالي، أن أحد المعاهد الأهلية للخط العربي، قد رفع أسعاره 100%!! لكثرة الراغبين في دراسة الخط العربي.
خامساً: عقد دورات الخط العربي للمعلمين، بشكل مستمر وفي عدد من الأماكن، وتخصص بداية للذين مستوياتهم في الخط جيدة، وذلك استثمارا للقدرات والمواهب الموجودة.
سادساً: إعادة تقويم مقررات الخط العربي الحالية، وسبل الارتقاء بها.
سابعاً: تطبيق الأنظمة الخاصة بعدم قبول الأعمال التي لم يعملها الطالب بنفسه، أو على الأقل إبراز أعمال الطلاب وتشجيعهم، وإبراز مواهبهم، وجعل الأعمال الأخرى في مرتبة لاحقة.
ثامناً: الاستفادة من الدول الأخرى التي تقدمت في مجال الخط العربي.
تاسعاً: تفعيل النشاط الطلابي الخاص بالخط العربي، من حيث الاكتشاف والرعاية، ووجوب وجود جمعية فاعلة للخط العربي في كل مدرسة، إضافة إلى وجود ما يخص الخط العربي في كل جمعية من جمعيات النشاط، وإقامة المسابقات في مجال الخط العربي بين المعلمين، ومسابقات بين الطلاب، على مستوى كل محافظة، وكل منطقة، ثم على مستوى المملكة العربية السعودية؛ لأن للتنافس الشريف دورا في تطوير الخط والإبداع فيه، مع إقامة المعارض الخاصة بالخط العربي، وكذلك التنسيق مع (الخطاطين) لزيارة المدارس، والالتقاء بالطلاب، والشرح لهم كيف أصبح متمكنا في الخط العربي، وقيامه بالخط أمامهم، وكتابتهم أمامه؛ ما يولد الشعور لدى الطالب بحب الخط، وأنه ليس بالصعوبة الوصول إلى ما وصل إليه هذا الخطاط.
عاشراً: أن تقرر مادة الخط في جميع صفوف التعليم العام من الصف الأول الابتدائي حتى الصف الثالث الثانوي، مع إمكانية أن تكون أكثر من حصة في بعض الصفوف الدراسية، كذلك ما المانع أن يضاف الخط العربي كمادة أساسية في التعليم الجامعي؟.
الحادي عشر: التركيز في مادة الخط العربي على الكيف وليس الكم؛ فليس المهم كم سطرا يكتبه الطالب في كراسة الخط العربي، ولكن كيف يكتب، وكيف يُعدَّل خطؤه، وكيف يُرفَع من مستواه.
ختاماً.. وصف أحد المهتمين حال (الخط) في الوطن العربي، وأتمنى ألا ينطبق علينا، وذلك بقوله: إن الخط العربي لم يعد يلقى العناية والتشجيع اللازمين بما يكفي من الجهات الرسمية، وأصبح يعتمد في بقائه ونموه على الجهود الفردية لفنانيه وعشاقه ومحبيه، وبعض المدارس والمراكز التعليمية الفقيرة.

(*) وزارة التربية والتعليم

aljndl@hotmail.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved