| |
أمريكا الجديدة والعراق
|
|
كان العراق حاضراً بشدة في انتخابات التجديد النصفي الأمريكية، فهو لم يتح فقط للديمقراطيين السيطرة على مجلسي الكونجرس لأول مرة منذ 12 عاما من خلال الاجتياح الكبير لمقاعد المجلسين، بل إن عاصفة انتصارهم اجتاحت أيضاً البيت الأبيض لتبدأ في حصد الرؤوس، وكان الضحية الأولى هو دونالد رامسفيلد وزير الدفاع، ومن المؤكد أن سبحة حصد الرؤوس ستكر مطيحة بباقي الفريق الذي تميز بمساندته سياسات رامسفيلد العسكرية في العراق. ويبدو أن الرئيس الأمريكي كان بالفعل في حاجة إلى مثل هذه الهزة القوية حتى يكون مستعدا للحديث عما اسماه (النظرة الجديدة للعراق)، ويعني ذلك أن التغيير سيطول مواقع عديدة في إدارته، فالذين أداروا الأزمة بالأسلوب القديم لن يكون بمقدورهم تغيير استراتيجياتهم بين ليلة وضحاها، ومن ثم فهم سيفسحون المجال لمن هم اكثر استعدادا للعمل وفق هذه النظرة الجديدة. لقد كان إعصار التغيير الانتخابي عاتيا وقويا بحيث إن آثاره ستطول العديد من المجالات، لكن التغيير المرتقب الأكبر هو في العراق، وقد استبق الرئيس الأمريكي هذه النتائج الانتخابية الصاعقة، التي ربما كان يحس بإرهاصاتها، بإرسال لجنة برئاسة وزير الخارجية السابق جيمس بيكر لتقييم الوضع في العراق، وضمت اللجنة وزير الدفاع الجديد روبرت غيتس. وقد عبر الناخبون عن عدم رضاهم تجاه السياسات في العراق من خلال هذه الانتخابات، وكانت المطالبات الشعبية على طول أمريكا تنادي بإعادة الجنود من هناك، ولابد أن نظرة بوش الجديدة ستتجاوب مع نتيجة الانتخابات وان كان ذلك سيتم بطريقة غير مباشرة وعلى مدى طويل نسبيا، فليس من المعقول تجرع هزيمتين في وقت واحد: هزيمة الانتخابات، وهزيمة أخرى في بغداد، إذ يجمع مسؤولو إدارة بوش إن الخروج المتسرع من العراق يعني الإقرار بالهزيمة. ولأن المطالبات الشعبية قوية باتجاه الانسحاب، وهو ما عكسته نتيجة الانتخابات، فلا يمكن إسقاط الانسحاب ولو بعد مدة من أجندة الرؤية الأمريكية الجديدة. ولم يكن رامسفيلد هو الشخصية المحورية فقط في هذه الحرب الجارية في العراق لكنه أيضاً من المهندسين الكبار الذين وضعوا وساندوا استراتيجية ما يعرف أمريكيا ب(الحرب ضد الإرهاب)، ومن ثم فإن التغييرات القادمة لا بد أن تطول هذا الجانب الذي شكل جزءا كبيرا من اهتمامات البيت الأبيض منذ أحداث سبتمبر. ومن المؤمل أيضاً أن تطول التغييرات المسألة المهمة في المنطقة، فالجميع في المنطقة العربية قد هالهم ما يحدث من مذابح إسرائيلية مريعة، وأغضبهم اكثر هذا الدعم الأمريكي اللا محدود لإسرائيل حتى وهي ترتكب هذه المذابح، الأمر الذي جعل السلام أمرا بعيد المنال. وسيكون من المهم أن تبحث (النظرة الجديدة) آفاقا للتحرك الأمريكي تتجاوب مع ما هو مطروح من مبادرات للتسوية للخروج من النفق المظلم ولتغيير الانحياز الأعمى لإسرائيل.
|
|
|
| |
|