Al Jazirah NewsPaper Friday  10/11/2006G Issue 12461مقـالاتالجمعة 19 شوال 1427 هـ  10 نوفمبر2006 م   العدد  12461
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

أفاق اسلامية

أبناء الجزيرة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

سين وجيم

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

نوازع
الحسد وإسحاق
د. محمد بن عبد الرحمن البشر

امتلأت كتب التراث بروائع الأدب والقصيد، وزهت بألوان الورد وبهاء الخضرة، واعتلال النسيم، وتنفست طياتها أريج الخزامى وعبق الياسمين، وتوشحت بالتبر والصافي من اللجين، فغدت أرنجة تشبع نهم الجائع، وزلالا يطفئ ظمأ الصادي المهيم، هكذا كانت في صورتها البهية الناصعة ولكنها لم تسلم من المناقص، فقد حوت فيما حوت شيئا من الأشواك وبعضا من الأعواد البالية التي لا تخلو منها، ولا تسلم خميلة من طائلتها، فبدت ناصعة المنظر ناعمة الملمس، عذبة اللحن، طيبة الرائحة في معظمها، مع شيء من الكدر يهز من ذلك الإبداع الجمالي الخلاب بين الفينة والأخرى.
وفي القصص عن الخليفة هارون الرشيد الكثير من تلك الصور المتناقضة، والحكايات المتنافرة، قد يصعب جمعها في شخص بذاته أو قد يكون، وليس موضوع هذه العجالة تلك الحكايات المتباينة لتزكية بعضها ورفض البعض الآخر، طبقا لرؤية الباحث وحكمه المسبق، وإنما راق لي أن أكتب عن حصيلة من الطبيعة البشرية اسمها الحسد، تجلت لدى إسحاق الموصلي وتلميذه زرياب في زمن الرشيد، فقد جاءت كتب الأدب ذاكرة أن زرياب كان تلميذا لإسحاق الموصلي يعلمه الغناء حتى أبدع أيما إبداع، وتجلت لديه قدرات عجيبة في الغناء، مع حسن في الصوت، وإبداع في المنطق، وتقول القصة إن الرشيد طلب من إسحاق الموصلى مغنيا ليس له شهرة إلا أنه في فنه محسن له، فما كان من إسحاق إلا أن ذكر للخليفة تلميذه زرياب قائلا للرشيد: إن له نغمات رائعة هي من استنباط فكري، وأرى أن يكون له شأن، فما كان من الرشيد إلا أن أسرع في طلبه، فأحضره إليه وسأله الرشيد عن معرفته بالغناء فقال: أحسن منه ما يُحسن الناس، وأكثر ما أحسنه لا يحسنونه، مما لا يحسن إلا عندك، ولا يدخر إلا لك، والقصة طويلة، وخلاصتها أن الرشيد أعجب بإبداعه أيما إعجاب ثم التفت إلى إسحاق وقال: والله لولا أني أعلم من صدقك لي على كتمانك إياه عنده، وتصديقه لك من أنك لم تسمعه من قبل، لأنزلت بك العقوبة لكتمانك إعلامي بشأنه، فخذه إليك واعتن بشأنه حتى أفرغ له فإن لي فيه نظرا، وهنا أخذ الحسد من إسحاق مأخذه، وخلا بزرياب وقال له: يا زرياب إن الحسد أقدم الأدواء وأدواها، والدنيا فتانة، والشراكة في الصناعة عداوة لا حيلة في حسمها، وقد مكرت بي فيما انطويت عليه من إجادتك وعلو طبقتك، وقصدت منفعتك فإذا أن قد أتيت نفسي من مأمنها بإدنائك، وعن قليل تسقط منزلتي، وترتقي أنت فوقي، وهذا ما لا أصاحبك عليه ولو أنه ولدي، ولولا رعي لذمة تربيتك لما قدمت شيئا على أن أذهب نفسك، يكون في ذلك ما كان، فتخير في اثنتين لابد لك منهما، إما أن تذهب عني في الأرض العريضة، لا أسمع لك خبرا بعد أن تعطيني على ذلك الأيمان الموثقة، وأعطي لك ما تريده من المال، وإما أن تأخذ حذرك مني، فلست والله أبقي عليك، ولا أدعك حولي باذلا في ذلك بدني ومالي، فاقض قضاءك، فاختار زرياب الفرار وأعانه إسحاق، وبعد فترة طلبه الرشيد، فقال إسحاق للرشيد: ذلك غلام مجنون أبطأت عليه جائزتك فولى مغاضبا.
هذا الحسد الذي ملأ قلب إسحاق، هو ذاته الذي يعالج الكثير من أفئدة التجار والموظفين وحتى اللاعبين، لكن إسحاق كان صريحا مع زرياب وغيره لم يكن، فهل كان إسحاق محقا فيما حمل من حسد؟ وهل كان زرياب منصفا لنفسه فيما فعل؟ لقد توكل زرياب على بارئه وآثر ورحل ونجح نجاحا منقطع النظير رغم حسد إسحاق.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved