| |
صندوق التنمية و300 ألف!! محمد أبو حمراء
|
|
يقرض صندوق التنمية العقارية المواطن السعودي مبلغ 300 ألف ريال لبناء مسكن له، وطبعاً دون فوائد ويسدِّدها على مدة 25 سنة، وهذا شيء جيد للمواطن؛ لكن هذا القرض من ناحية المبلغ لم يعد شيئاً في حساب أسعار اليوم؛ أي أن المبلغ الـ300 ألف لا يعمل شيئاً يُذكر لمن يريد بناء بيت عصري، يسكنه وأسرته بأمان من سوء التنفيذ، فقيمة الحديد ارتفعت عن سعرها في عام 1398هـ وزادت إلى سعر خيالي أيضاً، وكذا سعر الأسمنت ارتفع من 9 ريالات إلى الضعف، وكذا أسعار مواد البناء والكهرباء، وأخص مواد الكهرباء مثل الكيابل والأسلاك التي ارتفعت من 90 ريالاً إلى 240 ريالاً خلال سنتين، وهي أسعار لم تعد تساعد المواطن على البدء في بنيان بيته وسكن أسرته بمبلغ 300 ألف ريال، لأنه سيذهب في إنشاء الأساسيات فقط، وسيبقى المواطن المستور الحال يستدين ويستلف من أصدقائه لإكمال ورطته هذه، وإذا انتهى من عمران بيته سيكون ضحية مرض السكر أو الضغط، أو بهما معاً، طبعاً هذا شيء مجرب من أصدقاء كثيرين أعرفهم، بحيث إذا سألت أحدهم عن سبب زيادة السكر عنده قال بلهجته العامية (والله ما عرفته إلا بعد العمار)!! فهل لصندوق التنمية العقارية دور في إكثار هذا المرض عند الناس اليوم!! الجواب علمه عند الله لكن المتعاملين مع ذلك الصندوق تلك هي حالة أغلبهم، إن لم يكن كلهم خاصة أصحاب الدخول المحدودة الذين أنفقوا ما جمعوا في شراء أرض ثم انتظروا أكثر من عشر سنوات عجاف لكي تأتيهم تلك الـ300 ألف ريال ليبدأ أحدهم مشوار الهم مع العمال والعمل المضني له. كل شيء زاد وارتفع سعره، والصندوق قد عمل دراسة قرضه سنة 1396هـ، ولم ينتبه لزيادة وتضخم الأسعار الذي نشهده اليوم، ثم هو يطالب المقترض المسكين بسداد القسط الأول بعد سنة من آخر قسط، لكن قيمة القرض المقدّمة للمواطن لم ترتفع بناءً على ارتفاع أسعار العمالة ومواد البناء وكذا كل شيء يتعلق ببناء المنازل، زد على ذلك أن البيت الذي يُقام على 1396هـ يختلف عن بيت اليوم فقد جاء التكييف المركزي وجاء العازل الحراري وجاءت أنواع من الرخام والأصباغ وغير ذلك مما لم يكن معروفاً سابقاً، وهذه الأشياء المستجدة لم توضع في الحسبان (أيام زمان)، ثم إن العمالة أيام زمان كانوا من العمالة السهلة التعامل والتي تنظر يسر صاحب العمل في أحيان كثيرة، بعكس عمالة اليوم الذين لا يمهلون صاحب البيت ولو لدقيقة واحدة. أملي - وهو أمل كثيرين من المواطنين المستوري الحال والمحدودي الدخل - أن ينظر صندوق التنمية العقارية في قدر القرض الممنوح؛ كأن يرفع إلى 500 ألف ريال أو أكثر ليواكب أسعار ونوعية البناء هذه الأيام، وهو اقتراح أضعه أمام مسؤولي الصندوق الذين هم أعلم منا بحالة السوق والعمل والتكلفة الفعلية في البناء. وفّق الله الجميع.
فاكس: 2372911
|
|
|
| |
|