| |
المرأة.. القضية التي لا تنتهي إبراهيم المعطش (*)
|
|
ما زالت سهام الغرب المسمومة توجه إلى نحر مجتمعنا بلا هوادة، بقصد اختراقه، وإحداث فجوات في جداره المتماسك، عند نقطة ارتكاز المرأة، من خلال محاولة تبني قضاياها (المزعومة) والمطالبة بحقوقها كمدخل لتحييد دورها الفاعل في المجتمع. ومن السذاجة أن يقول البعض إن حجاب المرأة في مجتمعنا وحشمتها سبب تخلفها؛ لإيهام البسطاء أن القضية الخلافية هي مظهر المرأة وشكلها، بينما الحقيقة هي أن المرأة عنصر فعال في المجتمع، وركن أساسي فيه، وهي ركيزة الأسرة الأولى، وعمادها المتين، ولكن المفهوم الغربي يحاول تهميش الدور الفعلي للمرأة وحصره في لباسها وشكلها، وإغفال أهميتها التربوية وإسهامها في بناء الأجيال واستقرار المجتمع والحفاظ على هوية الأمة والذود عن حياض العقيدة، فضلاً عن دورها البارز في مسيرة البناء والعمل ونشر التوعية والمشاركة في الحياة العلمية والعملية بشتى مجالاتها. إن المرأة في مجتمعنا لا تحتاج إلى وصاية من أحد، فهي تدرك دورها ومسؤوليتها وتحرص على أداء رسالتها بالشكل المطلوب منها تماماً، ولا تنقصها نصائح من لا يملكون شيئاً من النصح، ولو كان لديهم ما يصلح الحال لأصلحوا مجتمعاتهم التي تخوض في وحل المادية والشهوات والابتذال. إن المرأة لدينا عزيزة بما أعطاها الإسلام من حقوق، ومكرمة بما أوجب عليها من واجبات تسهم بها في إرساء دعائم الأسرة والمجتمع، لكن دعاوى الحرية وحقوق المرأة التي يتغنى بها الغربيون، وأبواقهم من أبناء جلدتنا ما هي إلا مستنقع آسن يراد للمرأة المسلمة أن تقع فيه، حتى ينظر إليها كسلعة، وليست كإنسان له كرامته ومكانته، بل تقيم من خلال جسدها وشكلها وملبسها وغير ذلك من المعايير التي تنحدر بالمرأة إلى أعماق سحيقة، وتقلل من قدرها وتسيء إليها. استهداف المرأة ليس هدفاً في حد ذاته، بقدر ما هو وسيلة لصرفها عن رسالتها ودورها المهم والفاعل في المجتمع؛ لأن المرأة المحافظة على قيمها وأخلاقها ودينها وعاداتها وتقاليدها المستمدة من الشرع، لا تنشئ إلا جيلاً صالحاً واعياً يعرف واجبه تجاه وطنه ودينه وأمته، لذلك حرص الأعداء على جر المرأة بعيداً عن هذا المضمار، وإفراغ محتواها، وشغلها بالأمور المادية والدنيوية، واستخدامها لبلوغ أهدافهم الاستراتيجية التي لا تتحقق إلا في ظل جيل يفتقد البصيرة، والهدف يتخبط في الحياة، يجهل دوره ومستقبله ومنصرف عن أساسياته وقضاياه المصيرية، وبعيد عن ثوابته ومرتكزاته الحضارية وثقافته وأصالته، ولا يمكن أن ينشأ هذا الجيل، في كنف امرأة واعية مدركة لمسؤولياتها، تعرف حقوقها وواجباتها، تؤدي رسالتها على الوجه الأكمل. أما لماذا يفشل هؤلاء في كل مرة يحاولون اختراق المجتمع في جبهة المرأة؛ لأن المرأة لديهم حينما تركت مسؤوليتها وأهملت أبناءها واتجهت نحو الشارع والأسواق والمسارح والمراقص، وصارت ضمن السلع والأدوات والوسائل التي تستخدم في التسلية والتسويق والترويج وغيرها من الأهداف الرخيصة التي لا تليق بمكانة المرأة، حينها انفرط عقد الأسرة وتفكك المجتمع، وفقدت الحياة طعمها ورونقها، وفقد التجانس بين أفراد العائلة وغابت القيم وانتشر الفساد وطغت الماديات، لكنهم رغم ذلك، يصرون على تسمية كل ذلك - بكل مكابرة - الحرية وحقوق المرأة والانفتاح والتقدم والخروج عن التقوقع.. وطالما كانت تلك هي النتيجة الحتمية لزحزحة المرأة عن مكانتها اللائقة بها، فلا بد أن تتكسر نصالهم على صخرة وعي المرأة لدينا وصمودها، وإدراكها لما يحاك ضدها وضد مجتمعها وما يدبر لمستقبل أجيالها، ولن تنطلي عليها تلك المؤامرات ولا التباكي على الحقوق والحريات المزعومة التي أثبتت الأيام زيفها وخداعها.
* الرياض
|
|
|
| |
|