| |
حولها ندندن الخطاب الليّن د. جواهر بنت عبد العزيز آل الشيخ (*)
|
|
الكتابة الصحفية هي نبض الأمة، والكاتب هو من يستطيع تلمّس هذا النبض والقدرة على التعبير عنه ومحاولة إيجاد (الحلول الإيجابية) له، وإلا فستتكوّن فجوة واسعة بين القارئ وصاحب الطرح، وبالتالي فلا جدوى من كثرة المقالات وتعدد الأعمدة الصحفية؛ لأن الكاتب لا يكتب لنفسه فحسب وإلا كان الأمر مجرد تعبير ذاتي. لذا فإنني شخصياً أشعر بالسعادة والنشوة حينما أجد لمقالي صدى إيجابيا بين أفراد المجتمع وجماعاته، وإلا فلن أتحمل مسؤولية الاستمرارية في الكتابة، فإما أن أتوقف مؤقتا أو نهائيا، أو أن أغير طريقة الطرح أو موقعه، حتى لو بدا لي و لغيري أن النجاح لا ينقصه، فالحياة تتجدد لا سيما في عصر العولمة التي تهب علينا رياح تغييراتها العاصفة من كل مكان. ومن ضمن الموضوعات التي لاقت قبولا وصدى طيبين لدى القراء بنسبة أكثر مما توقعتها هو موضوع (أوقفوا هذه القناة) الذي كان يطرح موضوع القنوات الفضائية التي تشكل خطراً داهماً على ديننا ونبينا ورموزنا الإسلامية التاريخية وأخلاقياتنا، وهذه المحطات من الكثرة والانتشار بحيث يعظم معها الخطْب، ويصعب معها الدفع، ولكن ليس معنى ذلك أن نقف أمامها مكتوفي الأيدي، أو أن نكتفي بالسب والشتم لها، والعويل والصراخ السلبيين. وبما أن هذا الأمر يستحق منا جميعا الوقوف ضده بكل ما نملك من رصيد مادي وفكري وثقافي وإعلامي، وهذا هو (الجهاد المعاصر الناجع) بعينه، لذا فقد أثلج صدري ما رأيته في بعض تلك القنوات من ظهور لدعاتنا النشطاء وعلمائنا الأفاضل، مثل الدكتور عايض القرني الذي ذب عن عرض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجاته أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وذلك بأسلوب شائق مبسط وبأدلة مقنعة وبراهين كاشفة، مبينا موقف أهل السنة من آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام ومكانتهم الكبيرة في نفوسهم، دون قدح أو ظلم لغيرهم من رموزنا العظيمة التي دان لها الشرق والغرب ونصر الله جل وعلا الإسلام على أيديهم. وكان الشيخ عايض طيلة جلسات الحوار يتحلى بالحلم والتؤدة ويتوجه (بالخطاب اللين) لمحاوريه رغم بعض ردود الأفعال الاستفزازية التي يبتلى بها من بعض محاوريه، حتى بدا في بعض المواقف وكأنه في محاكمة وعليه أن يدافع عن نفسه، ويصد الاتهامات الملفقة ضد أهل السنة والجماعة، مقتفيا في ذلك أمره تعالى حينما بعث رسوله موسى وأخاه هارون إلى فرعون قائلا لهما: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} فالقول اللين والخطاب الهين هما الأسلوب الأنجح في عصر تصادم الحضارات واختلاط الثقافات، لكي يميز الله الخبيث من الطيب. فكم نتمنى أن تتكرر مثل هذه الأنشطة الحوارية المبرهنة مع كل من اعتدى على عقيدة التوحيد الإسلامية أو رسولها أو رموزها، لا سيما مع تلك القناة التي أشرت إليها في مقال سابق وتدعى (الحياة) وهي في الواقع قناة الهلاك التي جيشت كل قواها البشرية والآلية للقدح في الإسلام وكتاب الله العظيم بصفة مستمرة وموجهة إلى كل مناطق العالم العربي وفي أوقات الذروة إلى حد أنها تغير وتبدل في مواقيتها حسب الأوقات الدينية والدنيوية للمسلمين، لا سيما البرنامج المحارب لديننا بظلم ووقاحة ويقدمه (أحد قساوسة الصليب) الذي يدعي الاطلاع على أهم مصادر ومراجع التفسير الإسلامي والتاريخ العربي ويدخل من خلال منافذ وهمية واهية ولكنها تخدع بقوة غير المؤهلين الواعين. لقد بدأ يظهر دور علمائنا ودعاتنا ضد قنوات الشر سواء أكانت عقدية أم خلقية وقام البعض منهم -أثابه الله تعالى- بمزاحمة هؤلاء البغاة في عقر ديارهم مثل الدكتور محمد العريفي، والدكتور سلمان العودة، اللذين نرتجي منهما ومن أمثالهما الكثير الكثير، إضافة إلى ما قدموه من (برامج دعوية شائقة وميسرة)، وصدق الله العظيم القائل في كتابه المنزل لكل زمان ومكان: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}.
* الأستاذ المشارك بكلية التربية للبنات بالرياض
|
|
|
| |
|