الصفر
نورة آل عمران

الصفر هذا اللا شيء هو شيء مهم. ولن نشعر بقيمة الصفر إذا فكّرنا به كرقم لأنّنا بذلك لن نتجاوز حالتين قيمة، ولا قيمة ..
قيمة إذا كان على يمين العدد
ولا قيمة إذا كان على يسار العدد
ولكن إذا فكّرنا به من جانب آخر ومنحناه قيمة معنوية في حياتنا، فإنّه سيصبح دائماً على اليمين.
فالبدء من الصفر يعني القدرة على الكفاح، والعودة إلى الصفر يعني تغيير النَّهج والمسار وتحديد الاتجاه وتحديد نقطة للانطلاق مجدداً بقدرات أكبر ووعي أكبر ..
وباعتقادي أنّ الإنسان الناجح هو الذي يجعل في مراحل حياته أصفاراً يبدأ منها كأنّه للتو يُولد .. فيقضي بذلك على الروتين الممل الذي يبعثه مواصلة السير على نسق محدَّد ومكرَّر.
فمثلاً الشاعر الذي لا يضع اليمين وارتفعت أرصدتهم كانوا في نعيم واستسلموا لهذا النعيم الذي حتماً سيسرِّب الملل لنفوسهم .. وإذا كان على اليسار كانوا في شقاء واستسلموا لهذا الشقاء الذي سيجعلهم في خانة الصفر دائماً!!
إنّ البدء من الصفر هو خلق أشياء جديدة مثيرة تبعث على الحماس وتقتل الروتين وتقضي على اليأس، فهو الضوء الذي يشعرنا بولادة الفجر واستقبال يوم جديد كأنّه أول أيام عمرنا في الدنيا .. ففي كلِّ مرة نبدأ فيها من الصفر .. نولد للعالم من جديد .. نولد و زادنا من الخبرات والتجارب يساعدنا على اختيار أفضل الطرق، وتحديد المسار نحو أهداف جديدة، فيضفي على حياتنا شيئًا من جمال الطبيعة لنتعلم منها، فلو كنّا في ربيع دائم لما شعرنا بجمال الربيع، ولو كنا في صيف دائم لما شعرنا بجمال الصيف ولضاقت نفوسنا به.