| |
مذابح المدنيين في أفغانستان
|
|
وقائع عدّة حدثت وتحدث في العراق وأفغانستان، تظهر استهتار القوات الغربية بالمواطنين في البلدين، ويصل هذا الاستهتار مداه بقتل المدنيين وبدم بارد أو تعذيبهم، كما ثبت في أبو غريب بالعراق وسجن باغرام في أفغانستان، وأخيراً واقعة الجنود الألمان الذين أقدموا على التمثيل بإحدى الجثث الأفغانية، وتبادلوا بصورة مستهترة جمجمته وكأنّهم يلهون بكرة. وفي الوقائع الأفغانية القريبة مصرع العشرات من المدنيين، قدَّر مسؤولون رسميون أفغان أعدادهم بنحو ثمانين من المدنيين لقوا مصرعهم، خلال معركة استهدفت فيها قوات الحلف الأطلسي مسلَّحي طالبان، وفقاً لما ذكرته هذه القوات، لكن المعركة أسفرت عن مصرع ذلك العدد الهائل من المدنيين، والواقعة تأتي في سياق متكرِّر مفاده أنّه في سبيل ملاحقة بضعة عناصر من طالبان، فلا يهم كم من المدنيين سيسقط، ويعكس تكرار مثل هذه الحادثة أنّ المدنيين هم آخر ما تفكِّر فيهم القوات الدولية، فهم يُقتَلون بالعشرات في هجمات لم تأت على ذكرها بعد وسائل الإعلام، ربما لتغييبها عما يحدث، أو لأنّها لم تكن في الموقع المناسب حينما حدثت هذه الجرائم. ولأنّ هذه الجرائم تمضي دون مساءلات قانونية في غالب الأحيان، فإنّها لا تفتأ تتكرّر، وقد يجد العسكريون أنّ مهامهم تبدو أقل إرهاقاً وهم يبيدون كلَّ ما أمامهم، دون تكليف أنفسهم عناء الالتزام بما يسمَّى بقواعد الاشتباك التي يجب مراعاتها في كلِّ حالة، أو دون تكبُّد المشاق وربما الخسائر، من خلال عمليات استخباراتية للاستوثاق من طبيعة العدوِّ الذي ينوون مهاجمته. وفي أحيان كثيرة فإنّ ضرب المدنيين قد يكون في إطار تحذيرهم من عدم إيواء أفراد طالبان، أو أي جماعات أخرى تحارب الوجود الأجنبي في أفغانستان، لكن عندما يكون التحذير في شكل قتل فعليٍّ، فإنّه يكون قد تجاوز حدوده، ودخل في إطار جرائم الحرب التي تستوجب معالجات خاصة تحدُّ من استشرائها. وسيكون من المهم عدم ترك الأمور تمضي على هذه الشاكلة، ففي ذلك تعميق للأزمة القائمة، كما فيه إهدار لأنفس بشرية بريئة، ومن ثم يكون من الضروري رصد الانتهاكات التي تحدث بهذا الصدد، وذلك من خلال جهد يتم ضمن المساعي التي ترمي إلى تسوية كامل المشكلة، وقد يكون من الضروري أن تسعى منظمة المؤتمر الإسلامي إلى لعب دور مهم بهذا الصدد. إنّ كافة الأطراف على الساحة الأفغانية، من قوات دولية وحكومة وطنية وعناصر طالبان، تتحمَّل مسؤولياتها تجاه ما يحدث للمدنيين، ومن المهم أن تضع كافة هذه الجهات أمن المدنيين ضمن الأولويات، وضمن الخطوط الحمراء التي لا ينبغي تجاوزها.
|
|
|
| |
|