| |
الأمير سعد بن خالد.. الشجرة الطيبة م. عبدالله بن عبدالرحمن المقبل
|
|
ودعنا في هذا الشهر العظيم وارتحل عن دنيانا الفانية إنسان بكل ما تحمله هذه الكلمة من قيم ومعانٍ نبيلة، وأجدني أقلب صفحات الذاكرة باحثاً عن كلمة تليق برجل عرفته عن قرب. فقد كان صاحب السمو الأمير سعد بن خالد بن محمد بن عبدالرحمن آل سعود رجل التواضع والكرم والإنسانية والشهامة النادرة والابتسامة التي لم تغادر محياه حتى وهو على فراش المرض. كأنه الأمس عندما زرته في منزله فأخذ بيدي وأجلسني بجانبه ليطمئن علي ويسألني عن حوالي وأحوال أسرة آل مقبل الذين يكن لهم من المحبة والمودة مثل غيرهم. ويدعو لوالدي ووالدتي بالرحمة لمحبته لهما ومعرفته بهما، بادلناه بها معزةً واحتراماً وتقديراً وكيف لا وقد كان -رحمه الله- عند كل زيارة يستقبلني بحفاوة الأب الحاني على أبنائه والأخ الكبير، ليغرس في قلوب كل من عرفه محبته واحترامه. وكان -رحمه الله- يفتح أبواب قلبه قبل منزله ليحتضن الصغير والكبير ويستقبل القاصي والداني حتى أصبح رمزاً من رموز المروءة والشهامة، يستقبل زائريه من بعد صلاة الفجر بكل بشاشةٍ وترحاب ويسمع لهم ويسعى في أمورهم ويقضي حاجاتهم، وعندما اتلقى منه اتصالاً أو رسالةً يشفع فيها لأحد في مجال عملي كان -رحمه الله- يحرص أن تكون شفاعة حسنة لا تضر بأحدٍ ولا تخل بالنظام بلا كلل أو ملل والابتسامة لا تفارق محياه، ولم أشهد طوال سنين معرفتي به أنه تم إغلاق أبواب منزله في يومٍ من الأيام حتى وإن كان مسافراً، فقد دأب أبناؤه (خالد ومحمد وبندر وسلطان) على ما كان عليه والدهم من ترحيب واستقبال للزوار. لقد اكتسب الأمير سعد محبة واحترام الجميع، وخلدت أفعاله الكريمة ذكره الطيب، فهناك من يمشون معنا ونعدهم من الأموات، وهناك من يموتون وينقطع عملهم عندما يحين أجلهم، وهناك أناس (مثل الأمير سعد) يملؤون الأرض حياة وحيوية، وإذا ما ماتوا.. ظلوا أحياء بين الناس بأعمالهم الخيّرة وآثارهم الطيبة ومناقبهم العظيمة، ولا أدل على ذلك إلا جموع المعزين الذين حضروا للصلاة عليه واكتظ بهم المسجد يتقدمهم سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد -حفظه الله- وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وجمع من الأسرة المالكة الكريمة، ومحبوه من جميع أنحاء المملكة الذين ساروا مع جنازته وشيعوه إلى مقبرة العود يتقدمهم الأب العطوف والأخ الحاني سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله-، والمعزون الذين اغتص بهم منزله -رحمه الله-. إن الفاجعة لعظيمة ولا يعزينا فيها سوى أنه خلّف رجالاً غرس فيهم جميل خصاله ليصبحوا كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، لا يتوقف عطاؤها ولا تنقطع ثمارها. ولا أملك في هذا الموقف إلا أن أرفع أكف الضراعة للمولى عز وجل أن يتغمد أبا خالد بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً، وأن يجعل قبره عليه روضة من رياض الجنة، وأن يلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان، إنه سميع مجيب. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}
|
|
|
| |
|