الموت حقٌّ وكلٌّ موقنٌ بهذا المآل المحتوم، ولكن ما يؤثر في النفس بسبب فقد عزيز أو حبيب أقوى ويطغى فيه الألم رغم وجود اليقين.
لقد صدمت حينما علمت بوفاة المغفور له بإذن الله سمو الأمير سعد بن خالد بن محمد بن عبد الرحمن آل سعود، لقد كان النبأ أليماً لأنني أعرف الفقيد معرفة ودٍّ وصداقة وأحسُّ نحوه بإعجاب كبير لما يتمتع به سموه من أخلاق وتواضع وحُسن معشر ونبل شمائل.
ولقد سبق أن جمعتني به مناسبات منها مناسبة قبل عامين تقريباً عندما لبَّى دعوة الشيخ (مقبل المحمد المقبل وكيل إمارة منطقة القصيم سابقاً ببريدة) وكان المرحوم وفياً مع أصحابه ومع من يعرفهم قديماً حيث جمعت المناسبة من الإخوان الذين لهم معرفة بسموه، وقبل الوداع أصر سمو الأمير سعد على دعوة الجميع إلى مزرعته غرب الرياض على طريق المزاحمية وتمّت الزيارة وحضرها الإخوة الذين دعاهم سموه فرداً فرداً.
وقد غمرنا - رحمه الله - بفيض من ترحيبه وكرمه المعهود وحفاوته. وسوف تبقى ذكرى هذه المناسبة عالقة بالأذهان نظراً لما أبداه - رحمه الله - من صنوف الحفاوة بالمدعوين جزاه الله ما يجزي به عباده الصالحين.
ومما حزَّ في النفس أنني فوجئت بخبر وفاته إذ لم أكن أعلم عن مرضه ولا عن سفره للعلاج، وقبل عشرة أيام بالتمام حاولت الاتصال به على هاتفه بالرياض لأخبره بوفاة أخي سليمان العبد العزيز الربدي الذي وافاه الأجل يوم 9 رمضان، لعلمي أنّ المرحوم سعد حريص على أن يقدِّم التعازي والمواساة في مثل هذه الأحوال، فعندما توفيت والدتي في العام الماضي بادر الأمير سعد بالاتصال بي من خارج المملكة معزِّياً ومواسياً، ولكن الذي رد عليَّ بالهاتف لم يزد على إخباري بأنّ الأمير خارج المملكة، لذا فإنّ وقع المصيبة كان أليماً ولا نملك إلاّ الدعاء له بأن يوسع الله منازله في الجنة.
إنّ مصيبة فقد الأمير سعد بن خالد مصيبة لكلِّ الذين عرفوه وعاشروه من كلِّ الطبقات، فالرجل صاحب أخلاق فاضلة وتواضع جم وأريحية، ومحبٌّ لعمل الخير والإحسان وصاحب مساعدة ونجدة ولا يخلو مجلسه من أهل الحاجات والزائرين والراغبين في مجالسته، فهو إنسان لا تمل حديثه في المواضيع المختلفة ويحتفي بمن يزوره حفاوة بالغة.
ويعلم الله أنني تأثّرت لخبر وفاته لما لمسته بنفسي من شمائل هذا الرجل التي تجعلك تخجل من عدم الاستطاعة على الرد بما يناسب ما يبديه - رحمه الله - والتي أسأل الله الكريم أن يدّخرها له بالدار الآخرة.