أحب أن أشيد بالجهود في تحرير ونقل المقالات الهادفة بكلِّ مصداقية في جريدتنا المفضلة جريدة (الجزيرة) المتألقة التي فرضت نفسها على كلِّ المنشورات اليومية على الساحة بما تحتويه من مقالات وموضوعات جادة ومفيدة على الساحة، منها ما هو اقتصادي او اجتماعي وغيرها.
أعود للحديث عن دورنا تجاه أبنائنا فلذات أكبادنا جيل المستقبل ورجال الغد، فهم عصب الحياة وعلى همهم تقوم الأمة وتعلو، فعملاً بالحديث الشريف (كلكم راع ومسؤول عن رعيته) أطرح هذه المقالة للنقاش مع القراء، فمن واجبي كأم وأخت ومسؤولة عن تربية أجيال أحب أن أشارك بما تجود به قريحتي، ففي ظل نمو وسائل الاتصال وكثرة القنوات الفضائية وتوفر شبكات الانترنت واقتحام وسائل الإعلام لكل شيء، أصبحت عملية تربية الأولاد عملية معقدة للغاية وتتطلب قدرات أم وأب غير عاديين .
فإذا كانت الرقابة تتطلب من الوالدين للأولاد ساعتين أو ثلاث ساعات يومياً لمعرفة ما يدور في عالمهم، فهي اليوم تتطلب رقابة ومتابعة لصيقة قدرها 24 ساعة أو تزيد، ووسائل الاتصال الحديثة بكل وسائلها وشبكاتها عالم غير عالمنا وقيم غير قيمنا .. وأخلاقيات غير أخلاقياتنا .. وسلوكيات وتصرفات وأعمال لا يمكن ان نقبلها حتى ولو حاولنا هضم اليسير منها وأوجدنا له بعض المبررات لهضمه وبلعه إلاّ أنّه يصعب على الإطلاق بلع الكثير أو حتى القليل لأن وسائل الإعلام تلك .. ووسائل الاتصال بشكل عام .. أضحت تيارات وأنهاراً جارفة تقذف علينا بكل شيء من الغث والسمين، ولم يعد بوسعنا إلاّ ان نتصدى له عبر ثلاثة خيارات.
أولاً: غلق الأبواب وسد النوافذ والاستدارة عنها .. وهذا يبدو شبه مستحيل حتى لو أحكمت إغلاق بيتك أبواباً ونوافذ فإنّ أبناءنا سيذهبون لفلان وعلان .. وهذا وذاك .. وسيجدون ما يريدون وما لا تريده أنت إلاّ إذا أصلحهم الله وعرفوا مصلحتهم مبكراً .. فهذا وبدون شك .. سيكون عوناً لك على تربيتهم .. وهل هناك أصلح وأفضل من (شاب نشأ في طاعة الله).
ثانياً: هو التفاعل معها واستقبالها كلها .. والترحيب بهذا القادم (المشئوم) وهذا أيضاً .. مستحيل لأنه ضرر محض .. ولأن مثل هذه الوسائل لا تحمل سوى السم الزعاف .. ولا تريد لنا الخير أبدا ولأننا لو عملنا مثل هذا العمل .. لحطمنا كل ما نملك من ثوابت وخصوصيات منها ما هو ديني وعادات اجتماعية وغيرها .. من خصوصيات كل مجتمع وتقاليد دولة.
ثالثاً: التعاطي معها بحذر وروية .. وبمنظار السعودي المسلم الذي يملك عقيدة وعقلاً ويملك ثوابت لا تقبل الاختراق ويملك موازين شرعية يعرضها عليها.
** إذاً أسأل نفسي وأسالكم أعزائي الآباء والأمهات كيف سيكون عملنا وواجبنا تجاه أبنائنا الذين وجدوا أنفسهم في المعمعة مع هذه الوسائل؟
القضية لم تعد قضية نقبل أو لا نقبل بالمواجهة أو نرفض أن نتعامل معها أو لا نتعامل .. لم يعد بوسعنا أن نشيح بوجوهنا ونقول .. اتركوها أو حاربوها ولا تلتفتوا لها لأنّ هذا شأننا نحن الكبار ولكن .. ماذا عن أبنائنا؟! نعم إن مسؤوليتنا في تربية ومتابعة أبنائنا صارت مضاعفة عدة مرات ولم يعد بوسعنا ان نقول اترك الأمر لهم وأكتفي بالنصح والتوجيه والإرشاد والتعليم بالنافع والضار لأن هناك أشياء (جذابة) ودعايات ومغريات تجرف الرجل الذي يملك رجاحة العقل وقوة الإرادة فما بالنا بأبنائنا الشباب المراهق المقبل على دنيا لا يعرف عنها سوى القليل؟ ان مسؤولية الأب والأم اليوم أصبحت مسؤولية كبرى هذا إذا أردنا ان نحمل الأمانة بصحيح أو أردنا أن نكون أوفياء صادقين لمن هم تحت أيدينا، أو أردنا ان نقوم بحق الله تجاه فلذات أكبادنا أو أردنا ان نعمل كمسلمين لهم رسالة ولهم دور وغاية وهدف يسعون له ويعملون من أجله فلا نقول المدرسة هي المسؤولة عن تربية أبنائنا ونلقي عجزنا وتقصيرنا وغفلتنا عن أبنائنا على وزارة التربية والتعليم أو المدرس او المناهج الدراسية فقط، فالدولة تصرف الملايين لرعاية الشاب والاهتمام بهم من خلال توفير الأندية الرياضية والمدارس الحكومية والكتب المجانية وغيرها الكثير والكثير من رعاية الحكومة الرشيدة بهؤلاء الشباب لكي يرقوا بمجتمعهم إلى مصاف الدول العالمية باهتمام ورعاية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز حفظهما الله جميعا اللذين وعدا بالكثير من الإصلاحات الداخلية للوطن والمواطن وتوفير فرص العمل والعيش الكريم لشعبهما وليس ذلك بمستغرب على قادة هذه البلاد الأوفياء (فأول الغيث قطرة)، لكن متى تركنا الحبل على الغارب لهؤلاء الأبناء وقلنا البركة فيهم والزمن يعقلهم والدنيا تغيرت ونتعامل كحضاريين والأمور لم تعد كما كانت في السابق، فإنّ النتائج ستكون وخيمة جداً وسنظلم أنفسنا وأولادنا وسنساهم في صنع جيل منحرف يقلد الغرب، فمن إهمال الأهل على سبيل المثال خرج أصحاب الأفكار الضالة وانتشرت المخدرات وكثرت السرقات والبطالة المقنعة وانتشرت المعاكسات بالأسواق من الجنسين والسبب الإهمال وعدم الاكتراث بالأبناء وتركهم للشارع وأعداء الأمة للسيطرة على عقولهم، والكلام حول هذا الموضوع بخاطري كثير وكثير والأوجاع والهموم بداخلي تون والجروح تصرخ خوفا مني على فلذات أكبادنا وأنفاس حياتنا وزهور مستقبلنا وشموع أيامنا وقوة مستقبل أمتنا .. إنني أطرح هذه القضية للنقاش وأريد أن أسمع من أولياء الأمور من الآباء والأمهات ومن النقاد المختصين والتربويين المعاصرين حول دورنا القادم تجاه أولادنا في ظل هذه المستجدات والمتغيرات التي جاءت على كلِّ شكل .. وأتمنى أن يفتخر أبناؤنا بنا في حسن تربيتنا ورعايتنا لهم كما قال بعض الشعراء منهم أحمد شوقي .. مفتخراً بأمه: