| |
التصعيد الفلسطيني وجوهر التسوية
|
|
الأوضاع في الأراضي الفلسطينية مرشحة للتصعيد، ليس بين الفرقاء التقليديين (الفلسطينيون وإسرائيل) ولكن بين أبناء الشعب الفلسطيني، ولعل هذا هو المؤسف في هذا الصراع الذي أصبح دامياً، وبات يهدد بأن يكون أكثر دموية، فالتصريحات الأخيرة من فتح وحماس تجاوزت كثيراً الخطوط الحمراء التي تحذر منها كل الأدبيات الفلسطينية، وبات الفلسطينيون الآن على شفا مرحلة جديدة تركت بعيداً وراءها تلك الخطوط الحمراء بعد سقوط تسع ضحايا في الاشتباكات بين فتح وحماس فيما يعرف بيوم الأحد الدامي.. والآن فإن التهديدات تتوجه مباشرة بالقتل إلى قيادات فلسطينية، ما يعني انفلاتاً بالغاً في الصراع الذي ضاعت إدارته من القيادات، وصارت التصريحات تخرج من أي كان ومهما كان موقعه، دون إدراك للمسؤوليات المترتبة على إطلاق الكلام على عواهنه، وهذا في حد ذاته يشكل مرحلة موغلة في التطرف الذي بات يحكم العلاقات بين فتح وحماس.. إن للصراع حدوده مهما كان، كما أن هناك القيادات التي تستطيع أن تحسمه أو تقرر التفاوض وما إلى ذلك من جوانب الصراع، أما أن تتراجع القيادات عن مسؤوليات أمام ضغوط القواعد التي قد تهيمن عليها الروح الغوغائية وتصبح كلمتها هي المسموعة فإن ذلك يخرج الصراع من كونه صراعاً بين جانبين إلى حالة من الفوضى غير المحسوبة التي باتت تهدد الآن الساحة الفلسطينية.. وهذا أقصى ما كانت تحلم به إسرائيل، وهي الآن تراقب وتحلل مجريات الصراع وسمح بعض قادتها لأنفسهم بأن يتهموا هذا الطرف الفلسطيني أو ذاك بأنه الذي بدأ هذا النزاع المسلح، وذلك على الرغم من المسؤولية الإسرائيلية المباشرة عما يحدث، فإسرائيل هي التي حرمت الشعب الفلسطيني من الرواتب وهي التي مارست على حكومته الوليدة الضغوط المتتالية خصوصاً على الجانب الاقتصادي وهي لم تكتف بذلك بل حرّضت بقية الدول الغربية على الحذو حذوها، غير أن بعض الدول الغربية أمعنت في العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية إلى الدرجة التي بات معها الفلسطينيون يواجهون يأساً حقيقياً دفع بهم إلى الشوارع وإلى التظاهرات وأخيراً إلى مواجهة بعضهم البعض.. إن التعقيدات العديدة التي تدفع بها إسرائيل هي وراء كل هذه المشكلات، ولهذا كان من المهم ومن الضروري تأييد الطرح القائل بأولوية التسوية لجوهر القضية الفلسطينية، كما أكد على ذلك مؤخراً سمو وزير الخارجية أمام وزيرة الخارجية الأمريكية، باعتبار أن التداعيات الحالية بما في ذلك الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة وجملة المصاعب في المنطقة هي من إفرازات عدم التسوية للقضية الفلسطينية.
|
|
|
| |
|