| |
نسخ المقولات عبد الله بن عبد العزيز المعيلي
|
|
المعرفة حق مشاع للبشرية كلها، والأمم الحية هي التي تنتج المعرفة وتوظفها في تنمية أبنائها وإثراء ثقافتها وتقدمها الحضاري، أما الأمم الإسفنجية فهي تلك التي تكتفي بترديد المعرفة كما الببغاوات دون فهم أو استيعاب ينتج معرفة جديدة، مجرد ترديد للتباهي وإثبات مدى الاطلاع. الإسفنجة تمتص الماء، ويظل فيها حتى يتبخر، هذه حال الأمم الإسفنجية؛ تردد المعرفة حيناً من الدهر ثم تنسى هذه المعرفة. أما الأمم الحية التي تنتج المعرفة فهي كما النحلة التي تتنقل بين الأزهار فتنتج عسلاً لذيذاً مفيداً. الأمم الحية تنقل المعرفة من مصادرها المتعددة وتهضمها وتحولها إلى منتج عملي جديد مفيد لها وللآخرين. جالت هذه المعاني في ذهني وأنا أستمع إلى العديد من أوراق العمل التي ألقيت في الملتقى العربي الثالث للتربية والتعليم في بيروت تحت عنوان (التعليم والتنمية المستدامة في الوطن العربي). لقد غلب على هذه الأوراق نسخ المقولات التي سبق طرحها هنا وهناك في مؤتمرات الأمم المتحدة، أو اليونسكو، أو تقارير بعض الدول المتقدمة. إن الاطلاع على هذه المقولات أمر لا بد منه، بل يعد ضرورة لا مناص منها، ولكن ليس من أجل الاستشهاد وتسويد الورق والوقوف عند هذه المقولات فقط، بل من أجل البدء من حيث انتهى الآخرون في تلك المقولات، وطرح الرؤى والاقتراحات العملية التي توظف للنهوض بالواقع المتردي في الوطن العربي. إن الواقع في الوطن العربي بحاجة إلى التخلص من الببغاوات التي تنسخ المقولات وترددها؛ لتحل محلها أسراب من النحل التي تعي المقولات وتدرك مضامينها ثم تحولها إلى برامج عملية وفعاليات جاذبة متجددة قادرة على تكوين الإنسان العربي المنتج المنافس محلياً وعالمياً.
|
|
|
| |
|