امتدادًا لما طرحته في الزاوية السابقة عن التذوق الفني، سأتطرق اليوم لجانب اللغة الفنية التي نحتاج إليها لتقييم مستوى ذلك التذوق التي تعد من السهل الممتنع وتتطلب إلمامًا كافيًا بمصطلحات والأسس الفنية للتشكيل، هذه اللغة لا يتم تدريسها لدينا عبر مراحل التعليم العام ولا حتى بأبسط الصور إلا ما ندر بحسب إجتهاد معلمي مادة التربية الفنية، قد يرسم الطفل ويبني مجسمًا ولكنه يبقى بعدها صامتًا لا يشرح عمله أو لا يعطي وجهة نظره في عمل زميله أو في معرض المدرسة الذي يخصص لزيارة المسؤولين وأولياء الأمور بالدرجة الأولى، قد يبقى في صالة انتظار بالمستشفى أو في المطار أو في أي مكان تعلق على جدرانه أعمال فنية، قد تلفت انتباهه لكنه لا يجري حوارًا حولها مع أحد يفضل حينها الالتفات إلى شاشة التلفاز لمتابعته، وحتى حين تسافر الأسر إلى خارج حدود الوطن، حيث توجد وبشكل أكبر الكثير من المجسمات والمتاحف ودور العرض للأسف لا تكون ضمن أجندة السياحة لتلك الأسر مقارنة بالقيام بالتسوق أو اللعب في المدن الترفيهية، وحين يكبر أبناؤنا ويتطلب المجتمع المدني حضور معارض أو اقتناء أعمال، يجدون صعوبة في تفسير تلك الأعمال وتذوقها أو حتى الحديث عنها وتفكيك بنيتها الحسية والمعنوية لاكتشاف قيمتها الجمالية والفكرية، الكثير يردد عبارة “خرابيط ما لها معنى” لذا تبقى مشاريع الاستثمار في مجال الفنون البصرية فكرة لا يقدم عليها سوى القلة ممن سمحت لهم الظروف لفهم وتقييم المجال التشكيلي ومعرفة قيمة العمل من خلال الفكرة التي يحملها ومدى كونه عالميًا أو متواضعًا لا يرتقي للعالمية؛ بسبب إتصالهم بالفنون خارج حدود الوطن وتنشئتهم في بيئة ثرية ومشبعة للحس الجمالي وتقدير قيمة العمل الفني سواء في فكرته أو تقنياته.
Hanan.hazza@yahoo.com