في السفر فوائد كثيرة كما قال أحد شعراء العربية؛ ففيه سبع فوائد، هذا للعموم لكن للفنانين التشكيليين قد تزيد الفوائد، لعل أهمها أن نضيف خبرات ومشاهدات ومعارف واحتكاكاً ولنشتري الكتب ونطلع على المعارض والقاعات والمتاحف، لكن بعض زملائنا على عكس كل ما يمكن أن يُتوقع من الأسفار. أحياناً تتيح بعض الجهات الرسمية أو الخاصة لبعضنا مرافقة معرض أو المشاركة في مناسبة أو الإشراف على عمل أو منتج وربما تستغرق الرحلة وقتاً طويلاً يمكن أن نستفيد فيه من زيارات بعض المرافق الفنية والمراكز والمؤسسات التي تعنينا باهتماماتها وأنشطتها ولكن ما الذي يمكن أن نتوقعه أو يحصل؟

الجامعات السعودية وبعض الوزارات ابتعثت بعض الملتحقين بها أو المنتسبين لها إلى الخارج للدراسة وأعني دراسة الفن أو التربية الفنية على الخصوص ف “عاد البعض بخفي حنين” و”كأن أبا زيد ما غزا”.

أرى صور بعض أصدقائنا في مناسبات خارجية شاركوا فيها أو أمام أعمال تاريخية لها أثرها في تحولات الفن، أعمال بعضها لفنانين غيّروا خرائط الفن ومساراته، لكنها صور للتلميع والإعلام؟

في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ابتعثت الدولة بعض الموهوبين لدراسة الفن أو التربية الفنية، وأولئك المبتعثون من الموهوبين فناً ومن ممارسيه، فالبعض عاد بقليل خبرات، والبعض الآخر عاد بزيادة وإضافات تعكسها أحاديثهم وحواراتهم ورؤاهم.

البعض قبل أن يلتحق بالدراسة كان يرسم ويشارك ويُشكّل حضوراً إيجابياً لكنه عاد متوقفاً، البعض الآخر انعزل في خانة التخصص، واكتفى مع عودته إلى تعليم أو تدريس المادة سواء أكان جامعياً أو في المراحل الأسبق، وبعض هؤلاء صاروا محكمين لمعظم معارضنا المحلية، هناك من لم تمنحه الزيارات والرحلات الفنية أي شيء سوى استعراض الصور، صورة في هذا المتحف أو أمام هذه اللوحة أو ذاك العمل، هناك من أتى أو عاد مقلّداً ومُسيطرًا على أفكاره بدرجة كبيرة جعلت شخصيته ممسوخة، والبعض الآخر عاد متجدداً متألقاً يضيف إلى زملائه ويعمل على منحهم الخبرات التي شكّلتها رحلاته أو دراسته، وهؤلاء هم الفنانون الحقيقيون الواثقون في أنفسهم وفي عطائهم لكنهم للأسف القلة.