وبي حرقةٌ مرةٌ
والليالي طوالْ.
وحملي ثقيلٌ..
ألا ما أخفّ الجبالْ!!
وما كان همّي من الماء فزّ غزالٍ
ولا كان حلمي على الماءِ خطوُ غزالْ.
ولكنّها لهفةٌ والتواريخُ عجلى
توزّعني في تلالٍ
وتنزعني من تلالْ.
أقولُ..
ولي طائفٌ ثابتٌ في العصورِ
أنا سيدٌ للعطورِ
أنا العمّ عمّ الورودِ
وللفلّ خالْ.
فكيف وكلّ البساتين أبقى وحيداً
وكيفَ أقيمُ
وكلي ارتحال؟!
أصلّي
وفي الأرض متّسع للصلاة
وكلّ سجودٍ
يقبل منك الفؤادُ الرمالْ.
أيا وطني
يا حبيبي
ومهجة روحي
وأنت الحليفُ الحقيقةُ..
أنت الخيالْ.
يقولون مالْ
فكيف أميلُ
وكل استقامات عمري لركنكَ
والركن أنتَ
فإن ملتُ فالميل مني اعتدال
ويا موطن الصبر
يا جبر يا والدي:
كيف طعم الحياة هناك
أما اشتقتَ لي يا حبيباً؟!
أنا اشتقت للكفّ تسحبني في السراةِ
وتمنح لي شجراً من جبال الهَدَا والتخومْ
تهدهدني وهي تقطفُ لي غيمةً
غيمتينِ
وتشعلني بالنجومِ
وتشغلني بالكرومْ.
أنا اشتقتُ
للردّفِ المتهادي كعطر السهولِ
وللبيت من خشبٍ سقفُه المتعالْ.
« لدكّتنا «
للطفولةِ
والجارُ نهلٌ
لجاراتنا: بنتُ عبد الحميد
وأمّ منال.
وللسوقِ سوق المدينة
يا للبخورِ
ويا للحضورِ
فكم في العيونِ حنينٌ
وكم في العيون احتمال.
ويا حبُّ قل لي:
أمن عنبٍ سوف نروي الدماءَ
أم البنّ سيدُ أوقاتنا والدِّلالْ؟!
ويا جبر كم بي اشتياقٌ لجبرةَ
عند السماءِ
وعند المياهِ
فكم حجرٍ قد قذفتُ على سطحها فاستطالْ.
وبي لوعة يا غدير البنات تجلّى
وأرسلْ طيوراً لها منطقٌ ومقالْ.
وإما تغنى مع الورد صوتُ طلالٍ
فلا تجرح الوردَ هاتِ الظلالْ.
وإن جاد وقتٌ فلي ألف وادٍ
ولي في السيول انجرافٌ وفالْ.
ألا يدرك الناس جمر الوجودِ
وسرّ السحابِ
فكم من حضورٍ
وكم من غيابٍ
وكم من خفافٍ..
وكم من ثقالْ؟!
تقول وقد حان وقت الرحيل
أريد جواباً..
فكان السؤالْ!!
سؤالٌ تأخر عن بوح روحٍ
وعن روحِ بوْح:
فيا جبر إني سآتي
سآتي
فدعني قليلاً
أرتبُ بيتَ القصيد
ووردَ الحبيبةِ
إني دعوتُ الإلهَ كثيراً:
أريد سنيناً..
بلا نكسةٍ
أوْ هزالْ.
وأنْ أهبَ الأرضَ مني كتاباً فتياً كروحي
شقيّاً كأسئلة الطفلِ
في دهشةٍ واختطاف
فيثمرُ في الناسِ معروفَ عمْرٍ
كما تشتهيه الضفافْ.
ويا جبر معذرةً فالأغاني
تمكن منها الجفاف:
الظالم الوحشي
بعد أن قتل الجميع بلا سبب
أردى بآخر طلقةٍ
قمر البلابل وانتحب
عذراً فحنجرتي بلا سقفٍ
وبابي دون باب
والصوت عارٍ والثيابْ
والبوم يسكن فوق أبنية المدينة والخراب
لا نجمةٌ
لا الماء
لا صوتٌ طلاليٌّ شفيفْ
لا خبزَ يُهدى
لا رغيفْ
قلبي على الأوطان كم تعبت
وكم تعب الغيابْ
هذي الطيور ذبيحةٌ
الريح تحملها فتُسقط حملها
دررٌ يتامى
زغب الحواصل
أذرعٌ
سيقان
عمياء يقتلها التخبّط
لا جهات
كل الموانئ أطفأت أضواءها
تعبت جوانحها
وكم تعب النخيل.
ثوراتهم فيها عليها
حملهم زاد المقلّ
وحلمهم تعب السنين وركضها
بحثا عن الوطن الحياة:
تأتي إليّ
تبكي لديّ
والأهل في كنفاتها
أسرى الخديعة والسراب
جرحى
وقتلى
معدمون
ومتخمون
أبرياء
وظالمون
كم يرقبون حياتهم تمضي
ذروَ الخرافة والخريفْ
والوهم سمّوه الربيع
مدنٌ تضيع
وأنا يزاحمني الرصيف
ماذا ستفعل يا فتى
ما ظلّ فيك
ما ظل في البيت الصغير ملاذ أغنية
ماذا تقول لهم
لا ماء عندي
لا حقيبة
لا سرير ولا حصير
لا شيء عندي
غير منفضة السجائر
والهجير؟!
............
أأرّقت نومك
أعرف أن الجواب الحنون بلا..
لا عليك لأني
يا بهيّا سلا..
سأعود للبحر القديم
بقي القليل من الكلام:
ففي آخر القولِ
يا رجلاً وطناً
حولك العمرُ طافْ
على كل حالٍ
أنا في ارتفاعٍ
وإني سعيدٌ على كل حال.
فيا ابن الحروبِ النشامى سلامٌ
سلامٌ على طَيْبةَ الطيبِ والاعتدالْ.
ونم واثقا يا ابن حربٍ فإني
امتصصتُ النصالَ
وحادتْ نصالْ.
تشيّع من حولنا الناس حتى
ظننا الفراقَ رفيق الوصالْ.
وضاع العراقُ
وضاع البهاءُ
ودارت بنا الأرض نحو الزوالْ
وعاث بنا الفرس، والروم حتى
رأينا اليمينَ حليفَ الشّمالْ.
ومهما تكن من صروفٍ
سنمضي
على العهد والفطرة البدء والانتهاءْ
كما عهدتنا المدينة
مثل انطلاقات تلك الفتوح
ونبقى
نحب الجياد
ونرسي الجمال.
أناديك يا جبرُ
يا صاحبي
أيا صالحاً في البلادِ
ويا صالحاً في الرجالْ
ستفنى ثمودُ اليهودِ الجديدةِ حتماً
وينجو التّقاةُ الثقاتُ
تنجو البلاد
ويشدو ربيعٌ
بهذا البيانِ
وهذا المقالْ.