دخل غرفتي بغتة كالعاصفة.. سحبني من شعري.. بدت ملامحه تتموج.. عيناه جمرتان متقدتان. ضاعت الكلمات من فوق شفتيه الراعشتين.. صار يهذي وينتفض وكأنه محموم. تارة يرفع رأسه إلى أعلى، وتارة يحركه ببطء إلى اليمين ثم إلى اليسار.. كأنه مصروع أو يناجي أحدا في الفضاء. فجأة هوت يده مثل الصاعقة ودكت وجهي الصغير حتى سمعت طنينا عاليا يدوّي في أذني.. جمّعت أطرافي وطوقت جسدي وحضنت رأسي. وقف بكامل هيئته الضخمة وبدأ
...>>>...
حين تُداهمه حالة الكتابة، يتحول بيته إلى سجن، تُخرس فيه الكلمات، وحده القلم يجوس الوجوه والجدران، يقرأ عليها صمت القبور، فتغدو الورقة أنثى مهزومة، ينثر عليها سطوراً لا تخلو من ارتعاشات الهيبة، في لحظة تجلٍ تحيله كائنا بدائياً، يضحك.. يبكي.. يزعق، وأحياناً يحادث نفسه بكلام مبهم، فتتلبس البيت موجة رعب، يغلقون الأبواب، ويوصدون النوافذ، حبساً لهذاينه الذي انطلق من قمقم الكتابة، وهو يحدّق
...>>>...