|
الضيف
|
ها هو رمضان..
أفضل شهور السنة..
وأقربها لتذكيرنا بالخشية من الله والتقرب إليه..
ها هو يدق علينا الأبواب..
ضيفاً عزيزاً مرحباً فيه..
بعد عام من الغياب والشوق إليه..
***
تعود يا رمضان..
بروحانيتك..
والفرح بقدومك..
والخوف من أن نقصر في الاحتفاء بك..
من أن تودعنا دون أن نبلغ ما يرضي ضمائرنا..
فيما أنت أفضل الشهور..
وأحبها إلينا..
وأقربها لترويض النفس..
والزيادة في العبادات..
***
شهر ولا كل الشهور..
ينادينا أن هلموا إلى الخير..
ويناشدنا بألا نفوّت فرصة الفوز برضا الله..
فما أجمله من شهر كله خير وبركة..
يأخذ المرء فيه طريقه للفوز بما تحبه النفس ويتمناه الإنسان..
وويل لنا إن فرطنا بما دعينا للقيام به..
أو أضعنا أحلى أماني العمر في رب غفور رحيم..
***
يعود رمضان..
ليغير من أسلوب حياتنا..
في ليله ونهاره..
ليعودنا على نمط آخر هو الأجمل والأرقى في السلوك والاستجابة لتعاليم ديننا الحنيف..
ضمن ترويض النفس على التعود لما هو أفضل وادعى للقبول لدى إله مقتدر..
***
فيا إلهي ها نحن الضعفاء وأنت الأقوى نبتهل إليك ان امنحنا الرضا والعفو وقبول الدعوات..
ان ارحمنا برحمتك..
والهمنا الرشد..
ودلنا على ما يقربنا إلى رضاك..
واجعل خواتم أعمالنا في هذه الدنيا ما تقربنا إلى جنتك وتبعدنا عن النار.
خالد المالك
|
|
|
الفتاوى يجيب عنها الشيخ سلمان ابن فهد العودة
|
* إعداد: ناصر الفهيد
إمامة من به سلس البول
* السؤال: ما حكم إمامة من به سلس البول، ونحوه؟
الجواب: للعلماء في هذه المسألة قولان: القول الأول: قول «الحنفية» و«الحنابلة» أنه لا يصح اقتداء الصحيح بمن به سلس البول، أو من به حدث دائم، انظر: «البحرالرائق:227/1، وكشاف القناع: 476/1»، وقالوا: إن طهارته طهارة ضرورة، عفي عنها لنفسه فحسب، وهي في حق غيره خلل لا ينجبر ببدل، والأقوى لا يقتدي بالأضعف، القول الثاني: أنه يصح اقتداء الصحيح بصاحب الحدث الدائم، وهو مذهب «المالكية» و«الشافعية»، انظر: في تفصيل مذهب المالكية: «مختصر خليل: 330/1»، مع «حاشية الدسوقي»، و«التاج والإكليل: 104/2»، «روضة الطالبين: 35/1».
وقالوا: إن من صحة صلاته صحة إمامته والصلاة خلفه، وعجزه معفو عنه، فهو في حكم المعدوم، قال الشيخ السعدي في «المختارات الجلية ص: 58»: والصحيح صحة إمامة العاجز عن شيء من أركان الصلاة، أو شيء من شروطها إذا أتى بما يقدر عليه، وسواء كان إمام الحي، أو غيره، وسواء كان لمثله، أو بغير مثله، وهذا القول هو الذي تدل عليه العمومات، فإن قوله صلى الله عليه وسلم : ««يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله»، «أخرجه مسلم «673»، يشمل العاجز كغيره، وكذلك صلاته صلى الله عليه وسلم جالسا لما عجز عن القيام كما جاء في البخاري «687» ومسلم«418»، دليل على جواز مثل هذه، وما كان في معناها، ومما يؤيد هذا القول الصحيح، أن العاجزعن الأركان والشروط لم يترك في الحقيقة شيئا لازما، بل الواجب عليه مايقدر عليه فقط، وصلاته كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، فما الذي أوجب بطلان إمامته، وعدم صحتها؟ ولأن نفس صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة إمامه إلا بالمتابعة فقط، وكل نفس لها ما كسبت، وعليها ما اكتسبت، ولأننا لو طردنا التعليل الذي علل به المانع من إمامته، لقلنا: لا تصح إمامة المتيمم إلا بمثله، ولا إمامة الماسح على حائل إلا بمثله، فعلم أن القول الصواب: أن الإمام إذا لم يخل بشيء مما يجب عليه بنفسه، أن إمامته صحيحة، وإن شئت أن تقول: كل من صحت صلاته لنفسه، صحت إمامته بلا عكس، فقد تصح إمامته، ولاتصح صلاته كالذي جهل حدثه، وعرفت أن مسألة الإمامة أخف وأعم من مسألة صحة الصلاة.
***
العضوية في المجالس النيابية
* إن اختصاص المجلس الأوحد هو سن القوانين، ومن هذه القوانين الشريعة الإسلامية، أقول هذا وإن كان يستوي عندي أن يأتي هذا القانون الموضوع متفقا، أو مختلفا مع الشرع، وهناك بعض الاتجاهات في الساحة الإسلامية تهتم بأن يكون لها تواجد في مثل هذا المجلس التشريعي، إيمانا منها بكونه طريقا للتغيير، والسؤال:
أ هل يجوز الدخول في عضوية المجالس النيابية؟ وإن كان يجوز، فهل هناك ضوابط لذلك؟
ب ما حكم التصويت في الانتخابات التي تجري لانتخاب أعضاء هذا المجلس، إن كان من ضمن المرشحين أناس إسلاميون؟.
الجواب: أما عن العضوية في المجالس النيابية وغيرها، فالذي أراه إجمالا أن هذامن باب تقليل المفاسد، أو جلب بعض المصالح، أو حصول الإنسان على بعض حقه، كما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم في جوار أبي طالب، ثم في جوار المطعم بن عدي، انظر«فتح الباري ج7/233»، وكذلك أبو بكر دخل في جوار ابن الدغنة، انظر «البخاري 2297» كما هو ثابت في الصحاح، وليس الدخول اعترافا بحقها في التشريع، ولا هو بالضرورة اعتقاد بأنها طريق التغيير، لكن من باب الانتفاع بالأشياء الممكنة، ولعله في الجملة داخل في باب الضرورات الشرعية، وهي مسألة اجتهادية، من أهل العلم من أباحها، ورأى أنها خير من التخلي عن هذا الموقع الحساس، وهذا ميل رشيد رضا، وأحمد شاكر، وابن باز، وجماعة من أهل التحقيق، وما الألباني عنه ببعيد، ومنهم من مال إلى تجنبه، ورأى فيه إقرارا للباطل، وجراً لأقدام الدعاة إلى مهيع وبيء، واستغفالا لعقولهم، وتذويبا لمنهجهم، والذي أميل إليه التوسعة، والعذر للطرفين من جهة، وإلى وجود مشاركة مدروسة منضبطة، والله يتولى الصالحين، الضوابط هي:
* .
«2» أن يعتقد أن هذه المشاركة وسيلة إلى تخفيف الشر، أو تقليل المفاسد، أوجلب بعض المصالح، وليست غاية بذاتها، ولا هدفا بعينها، وفي المنهج الشرعي ونظامه الشامل غنية عن ذلك كله لو أن الناس عملوا به وطبقوه، لكن لعزوف الناس عنه وإعراضهم جدت لهم هذه القضايا الشائكة، واحتاج الأمر إلى هذه المشاركة، فهي بمعزل عن الأصول الشرعية في حالات اليسر والسعة، وإنما أملتها الضرورات كما ذكرنا.
«3» ألا يدخل هذا المدخل إلا من تتحقق بدخولهم المصلحة، وتندفع المفسدة قدر الإمكان، فلا يكون هو برنامج الدعوة، ومنطلق التربية، ولا يلج فيه الضعفاء المعرضون للفتن، ولا يخوض غماره من يجدون من فرص الخير ومجالاته وآفاقهما هو أنفع وأبقى، وإنما ينبري له أفراد تنطبق عليهم الشروط، والله المستعان.
***
عندما يكون فعل السنَّة سبب فتنة
* السؤال: هناك بعض المسائل الجديدة التي خرج بها بعض من إخواننا من الشباب السلفي، هي: كيفية الصلاة وفق المذهب الحنفي، أو ترك بعض سنن الصلاة التي تخالف المذهب.
مثلا: ترك التأمين بصوت عال عقب تلاوة الفاتحة للإمام، ورفع اليدين مع التكبيرات الانتقالية، وغير ذلك، وسبب ذلك أننا تعلمنا من بعض العلماء والمشايخ، أنه يجب ترك السنن عندما تكون السنن سببا للافتراق بين المسلمين، ومن المعلوم أن كيفية الصلاة عندنا على المذهب الحنفي مختلطة ببدع ليس لها أصل في المذهب.
السؤال الموجه إليكم: هل نستمر بممارسة الصلاة وفق السنة ونصر عليها، ولوكان ذلك فتنة لبعض الناس، وسببا للافتراق بين المسلمين؟ أو نتراجع ونصلي كما يصلي الأكثرية، ولكن لا نقع في بدعهم، وهل من الحكمة أن نتشاغل بالأمورالثانوية وننسى الأمور الأولية.
الجواب: السنة هي ما يثاب عليه المرء إذا فعله احتسابا، ولا يعاقب على تركه، وذلك مثل: رفع اليدين عند التكبير للإحرام، أو للركوع، أو للرفع منه، كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما رواه البخاري «736» ومسلم«390» أو عند القيام في التشهد الأول كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه رواه البخاري «789»، ومسلم «392»، أما الرفع مع كل تكبيرة فلا يصح، ولايشرع، بل في حديث ابن عمر رضي الله عنهما المتفق عليه البخاري «736»، ومسلم «390» أنه صلى الله عليه وسلم: كان لا يفعل ذلك في السجود، وماورد في بعض الأحاديث، فهو وهم من الرواة، والله أعلم، كما ذكره ابن القيم وغيره.
ومن السنن أيضا الجهر بالتأمين في الصلاة الجهرية خلف الإمام في الركعتين الأوليين، ففعل هذه السنن، وتعلمها، وتعليمها هو من كمال الصلاة، وفيه مزية وفضل وأجر، لكن إن ترتب على فعلها مفسدة أكبر، من نفور الناس عن الصلاة، أو عن الدعوة وأهلها، أو وقوع الشحناء بين المسلمين، وشيوع التدابر والتباغض والكراهية، فينبغي تركها حينئذ، لأن هذه الأمور من الواجبات، ولا يمكن التفريط في واجب رعاية لسنة، فإن الشريعة جاءت بتحصيل أعظم المصلحتين، ودفع أعظم المفسدتين، وهذا محل الفقه، ومن أدلته من السنة ترك النبي صلى الله عليه وسلم بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام أخرجه البخاري «1583»، حتى لا تنفر قلوب أهل مكة لكونهم حدثاء عهد بجاهلية، ولذلك قال عمرو بن العاصرضي الله عنه: «ليس العاقل من يعرف الخير من الشر، ولكن العاقل من يعرف خير الخيرين، وشر الشرين»، وفقكم الله وتولاكم.
*** رغبتي ورغبة أهلي
* أنا طالبة أنهيت السنة الأولى من كلية الحاسب الآلي، ونجحت بمعدل مرتفع ولله الحمد،، لكن يا شيخي اكتشفت بعد تفكير عميق، أني لا أحب هذا القسم رغم تفوقي فيه، ولا أظن أني سأبدع فيه وأنتج وأعمل، وحلمي أن أكون داعية في أوساط النساء، كم أتألم وأحترق لما أرى الفتيات حولي في ضياع وضلال، فأريد رغم نسبتي العالية وقسمي العلمي أن أحول إلى كلية الدراسات الإسلامية، لكني فوجئت بأهلي يشهرون في وجهي «قف» الحمراء، ويقولون:
«1» هذا قسم الكسولات وأنت ذكية ومتفوقة، فمكانك الحاسب الآلي.
«2» يمكنك أخذ العلم الشرعي من القراءة الحرة، إلى جانب تخصصك بالكمبيوتر، فهناك دعاة أطباء ومهندسون، والمجتمع كما يحتاج للداعية يحتاج إلى مبرمجة كمبيوتر صالحة.
«3» لا توجد وظائف في الدراسات الإسلامية، بعكس الحاسب الآلي حيث الوظائف مضمونة، فما توجيهكم يا شيخ؟
الجواب: قرأت رسالتك، وأسعدني أن يكون في فتياتنا من تحمل هذا الهم، همَّ الدعوة والإصلاح، وأن تكون ضمن فريق الإنقاذ الذي يسعى لحماية الفتيات واستدراكهن من أوحال الانحلال، وتيارات الهدم والتخريب والتغريب، فحمدا لله حمدا كثيرا على ألا يزال في هذه الأمة دعاة مصلحون، وأغيار مشمرون، وهذا مصداق موعود رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا تزال طائفة منا على الحق ظاهرين، ولا أجد حرجا أن تستجيبي لرغبة أهلك، وتواصلي مشوارك مع الحاسب الآلي، وتخصيص وقت للمطالعة والمتابعة والتثقيف الذاتي لتجمعي بين الحسنيين، فطالبات كلية الحاسب الآلي محتاجات إليك، والخبرة في هذا المجال يمكن أن تستثمر على أحسن وجه، ونوع التخصص يضمن للداعية مجالا متميزا، وفوق هذا كله فالتوافق مع إلحاح الأهل والوالدين يعطي الفتاة انسجاما نفسيا وراحة وهدوء في المنزل، يساعد على صفاء الذهن وجودة العطاء، وثقي أن الإرادة الصادقة إذا عززت بالتوكل على الله، وحسن اللجوء إليه، ستكون وسيلة النجاح، ولك خالص الدعاء.
***
الوقيعة في العلماء
* السؤال: ما قولكم فيمن يخوضون في لحوم العلماء، ويرون أن ذلك يقرب إلى الله، بل البعض يبارك لهم ذلك؟وهل يعتبر عبد الله عزام مجددا في باب الجهاد في زمانه؟
الجواب: كثرة الحديث في الناس مثلبة لا تليق بصاحب الديانة الذي يحتاط لدينه، وقد يكون المكثر من ذلك مشيرا من حيث يدري أو لا يدري إلى نفسه بالكمال الذي عجزوا عنه، فعيب الناس يعني عنده أنه خال من العيوب، وأعف الناس لساناهم أهل الإيمان، فإن الإيمان قيد الفتك فلا يفتك مؤمن كما قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد «1352، 1356» من حديث الزبير بن العوام، ورواه أيضا «16229» من حديث معاوية، ورواه أبو داود «2388» من حديث أبي هريرة،،وجرح اللسان كجرح اليد، ولعن المؤمن كقتله، وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار كما قال الإمام ابن دقيق العيد، وليس من النصيحة للشباب المبتدئ الذي وضع قدمه للتو في طريق الهداية أن يباشر بذم فلان، وعيب علان، فينشأ صلفا جريئا سبابا عيابا لا يكف ولا يعف، ويغفل عن نفسه وإصلاحها، والله المستعان، وليس هو من علماء الجرح والتعديل، فليترك هذا لأرباب الشأن كأبي حاتم الرازي، وأبي زرعة، وأحمد، والبخاري والأئمة، وليشتغل بما هو أجدى عليه من تعلم القرآن ومدارسته، وتعلم السنة وفهمها والعمل بها، وحفظ المتون، والدعوة إلى الله ولو بآية، أو حديث فيما يعلم لا فيما يجهل، وبر الوالدين، وصلة الرحم، وعمارة مجالس الذكر، والشيخ عبد الله عزام رحمه الله من أهل الفضل والدين، قضى عمره مجاهدا، وترك بلده وأهله، وقد قتل في غدرة نحسبه شهيدا في سبيل الله، ونسأل الله أن يتقبله وأن يعفو عنا وعنه، وكنت يوم قتل في مؤتمر في الولايات المتحدة فتعجبت من بكاء المسلمين هناك ودموعهم وارتفاع أصواتهم، فهذه علامة خير، ونسأل الله أن تكون من علامة حسن الخاتمة، وفي الصحيح: أنتم شهداء الله في الأرض.
***
الفرق بين السنة والمستحب
* السؤال: أعرف أن السنة هي: ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم زائدا على الفرائض، ويوصي أمته بفعله كصلاة التراويح في شهر رمضان،، الخ والمستحب، هو: ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا يوصي صحابته بفعله كسنة العصر،، الخ، وسؤالي: من الذي فرق بين السنة والمستحب بهذا التفريق؟
الجواب: العلاقة بين السنة والمستحب تأخذ عند علماء الفقه والأصول أحد اتجاهين: الأول: الترادف، وعليه فالسنة والمستحب والمندوب والنفل والتطوع كلها بمعنى واحد، ذكره الرازي «129/1»، وقال السبكي في الإبهاج «257/1» وعليه أكثر الشافعية وجمهور الأصوليين، وعبر بعضهم عن ذلك: بأنه ما أثيب فاعله، أو ما استحق الثواب فاعله، أو مااستحق الثواب فاعله امتثالا، وكل ذلك تعريف بالأثر أو باللازم «انظر: شروح الورقات، وغذاء الألباب 207/1»، وعبر آخرون: بأنه ما رجح الشرع فعله على تركه وجاز تركه، أو ما كان مشروعاً افعله على غير جهة الإلزام، وهذا أجود، ويحسن التنبيه إلى أن المقصود بالسنة هنا معناها الخاص كما في قولنا: هذا سنة وهذا واجب، أو: قيل في المسألة الفلانية بالوجوب، وقيل بالاستحباب أو بالسنة، وللسنة استعمالات أخرى ليست داخلة في هذا الباب، تطلب في مظانها من كتب المصطلح أو الأصول، الاتجاه الثاني: التفريق بحمل كل منهما على معنى يتميز عن الآخر، وهذه طريقة الأحناف، وعليها طوائف من المالكية والشافعية كالقاضي حسين وغيره، وبعض الحنابلة، ثم هؤلاء لم يتفقوا على تحديد الفرق، لكنهم فيما يبدو أنهم متفقون على أن السنة فوق المستحب وأعلى منه درجة.
فمنهم من عبر بأن السنة، هي: ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، والمستحب: ما لم يواظب عليه، «انظر: البحر الرائق 29/1» وحاشية ابن عابدين«375/2»، وبدائع الصنائع «24/1» والبحر المحيط «378/1» وعليه فالسنن الرواتب مثلا أو الوتر تسمى سنة لمواظبته صلى الله عليه وسلم عليها، وهل تسمى صلاة الضحى مستحبة؟ محل تأمل، والتعبير بالمواظبة أولى من تعبير بعضهم بأن المستحب ما فعله مرة أو مرتين لأن أعمال الحج والعمرة وصلاة الكسوف والخسوف والاستسقاء ما لم يفعله إلامرة أو مرتين، وهو مع ذلك سنة.
ومنهم من عبر بأن المستحب، هو: ما أمر به ولم يفعله «انظر: البحر المحيط» كالركعتين قبل المغرب، روى البخاري من حديث عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلوا قبل صلاة المغرب، صلوا قبل صلاة المغرب، صلوا قبل صلاة المغرب، قال في الثالثة: لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة الحديث رقم «1183».
وربما تمسك هؤلاء بهذه الكلمة محتجين بأن السنة فوق المستحب، وأولى بالمحافظة، ولهذا كره أن تكون الركعتان قبل المغرب سنة.
ولكن السياق نفسه يدل على أن السنة قد تكون قولا وأمرا من النبي صلى الله عليه وسلم من غير فعل، فمجرد أمره بالصلاة قبل المغرب من غير تعليقه بالمشيئة يجعله عند الناس سنة، وهذا لا ينسجم مع تعريف السنة: بأنها: ماواظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم من غير ترك.
ومنهم من عبر كالحليمي بفتح الحاء بأن السنة: ما استحب فعله وكره تركه، والتطوع ما استحب فعله ولم يكره تركه، قال ابن السمعاني في قواطع الأدلة «21/1»: النفل قريب من الندب إلا أنه دونه في الرتبة، أ.هـ. وعند المالكية ما ارتفعت رتبته في الأمر، وبالغ الشرع في التحضيض عليه يسمى سنة، وما كان في أول هذه المراتب يسمى تطوعا ونافلة «البحر المحيط، وانظر: شرح الكوكب المنير ص 126»، وبما أن البحث إنما هو في مسألة اصطلاحية بحتة، فإنه يظهر من استقراء طريقة أكثر العلماء من الفقهاء والمحدثين وغيرهم أن الغالب أنهم يستعملون هذه الألفاظ على الترادف أو التناوب من غير تمييز، إلا إذا أفصحوا وصرحوا بغير ذلك، أودل السياق على غيره، فهم مثلا يقولون: سنن الوضوء، سنن الصلاة، سنن الطواف، سنن الإحرام،،، ولا يفرقون بين ما ورد في السنة القولية، أو في السنة الفعلية، ولا يفرقون بينما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه أو فعله ولم يواظب عليه، ولكنهم قد يصفون السنة بما يقتضي مزيد الأهمية، فيقولون: سنة مؤكدة، وذلك كالوتر مثلا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتركه في حضر ولا سفر، وأمر به وحث عليه ورغب فيه، وحذر من تركه، ولهذا ذهب الأحناف إلى وجوبه، والواجب عندهم غير الفرض، وذهب جماعة من السلف واختاره ابن تيمية إلى وجوبه على أهل القرآن خاصة، لحديث أوتروا يا أهل القرآن رواه ابن ماجة «1170»، والنسائي نحوه «1676»، وأبو داود نحوه «1416»، والراجح أنه سنة مؤكدة على العموم، والله أعلم
***
ضوابط التواصل بين الجنسين عبر الإنترنت
* السؤال: ما ضوابط التواصل بين الجنسين عبر الإنترنت، سواء كان تواصلا مباشرا كما في مواقع الحوار، والاتصال المباشر، أو كان تواصلا غير مباشر كما في المنتديات، أو عبر البريد الالكتروني، وهو أهمها؟ ما نصيحتكم لمن يخوض غمار الشبكة العنكبوتية؟ وما توجيهكم لمن أرادت الاستفادة من تلك الشبكة في الدعوة للدين؟ وهل من دعوة بظهر الغيب تقدمونها لها؟
الجواب : بالنسبة للضوابط في التواصل بين الجنسين عبر الإنترنت، فيحضرني منها الآن ما يلي:
أ عدم استخدام الصورة بأي حال:
أولا: لأن هذا ليس له حاجة مطلقا، فالكتابة تغني وتكفي،
ثانيا: لأن هذا مدخل عظيم من مداخل الشيطان، في تزيين الباطل وتهوينه على النفس.
*.
وإذا كان هذا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف بغيرهن من النساء؟
وإذا كان هذا في عهد النبوة، فكيف بعصور الشهوة والفتنة؟
ج الجدية في التناول، وعدم الاسترسال في أحاديث لا طائل من ورائها، وبالصدق، فالكثيرون يتسلون بمجرد الحديث مع الجنس الآخر، بغض النظر عن موضوع الحديث، يهم الرجل أن يسمع صوت أنثى، خاصة إذا كان جميلا رقيقا، ويهم الأنثى مثل ذلك، فالنساء شقائق الرجال، ويهم كل منهم أن يحادث الآخر، ولو كتابيا، فليكن الطرح جادا، بعيدا عن الهزل والتميع.
د الحذر واليقظة وعدم الاستغفال، فالذين تواجهينهم في الإنترنت أشباح في الغالب، فالرجل يدخل باسم فتاة، والفتاة تقدم نفسها على أنها رجل، ثم ما المذهب؟ ما المشرب؟ ما البلد؟ ما النية؟ ما الثقافة؟ ما العمل؟،، إلخ كلذلك غير معروف، وأنبه الأخوات الكريمات خاصة إلى خطورة الموقف، وعن تجربة: فإن المرأة سرعان ما تصدق، وتنخدع بزخرف القول، وربما أوقعها الصياد في شباكه، فهو مرة ناصح أمين، وهو مرة أخرى ضحية تئن وتبحث عن منقذ، وهو ثالثة أعزب يبحث عن شريكة الحياة، وهو رابعة مريض يريد الشفاء
* ، روى الطبراني في «معجمه الأوسط 5120»، والبيهقي في «شعب الإيمان 9057» عن أبي مليكة الدارمي، وكانت له صحبة، قال: كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر،ثم يسلم أحدهما على الآخر، «الدر المنثور 8/621»، كما أنصح الأخوات أن يجعلن جل همهن العناية بدعوة النساء ونصحهن، وتقديم الخدمات لهن من خلال هذا الحقل، والسعي في إصلاحهن، وليكن ذلك بطريقة لطيفة غير مباشرة، فالتوجيه المباشر قد يستثير عوامل الرفض والتحدي في بعض الحالات،لأن الناصح يبدو كما لو كان في مقام أعلى وأعلم، والمنصوح في مقام أدنى وأدون، فليكن لنا من لطف القول، وحسن التأتي، وطول البال، والصبر الجميل، ما نذلل به عقبات النفوس الأبية، ونروض بها الطبائع العصية، وللأخوات صالح الدعوات بالحفظ والعون والتوفيق.
* للمراسلة: salman@islamtoday. net *
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|