|
الضيف
|
ها هو رمضان..
أفضل شهور السنة..
وأقربها لتذكيرنا بالخشية من الله والتقرب إليه..
ها هو يدق علينا الأبواب..
ضيفاً عزيزاً مرحباً فيه..
بعد عام من الغياب والشوق إليه..
***
تعود يا رمضان..
بروحانيتك..
والفرح بقدومك..
والخوف من أن نقصر في الاحتفاء بك..
من أن تودعنا دون أن نبلغ ما يرضي ضمائرنا..
فيما أنت أفضل الشهور..
وأحبها إلينا..
وأقربها لترويض النفس..
والزيادة في العبادات..
***
شهر ولا كل الشهور..
ينادينا أن هلموا إلى الخير..
ويناشدنا بألا نفوّت فرصة الفوز برضا الله..
فما أجمله من شهر كله خير وبركة..
يأخذ المرء فيه طريقه للفوز بما تحبه النفس ويتمناه الإنسان..
وويل لنا إن فرطنا بما دعينا للقيام به..
أو أضعنا أحلى أماني العمر في رب غفور رحيم..
***
يعود رمضان..
ليغير من أسلوب حياتنا..
في ليله ونهاره..
ليعودنا على نمط آخر هو الأجمل والأرقى في السلوك والاستجابة لتعاليم ديننا الحنيف..
ضمن ترويض النفس على التعود لما هو أفضل وادعى للقبول لدى إله مقتدر..
***
فيا إلهي ها نحن الضعفاء وأنت الأقوى نبتهل إليك ان امنحنا الرضا والعفو وقبول الدعوات..
ان ارحمنا برحمتك..
والهمنا الرشد..
ودلنا على ما يقربنا إلى رضاك..
واجعل خواتم أعمالنا في هذه الدنيا ما تقربنا إلى جنتك وتبعدنا عن النار.
خالد المالك
|
|
|
2000قتيل بسبب تسرب غاز بمدينة بوبال ليلة رعب هندية
|
* إعداد محمد ابو زيفه
«بوبال»، إحدى مدن الهند، والتي كان للتاريخ الأليم وقفة معها لا تقل شأنا عن وقفاته في حالات الحرب أو الزلازل. في تلك المدينة، رسمت البراءة والجهل العديد من علامات الاستفهام على وجوه السكان حول مستقبلهم المرتقب ولعنة مصنع الغازات الواقع في مدينتهم. كان ذلك المصنع تابعا للحكومة الهندية بالتعاون مع شركة «يونيون كاربايد» الأمريكية والتي أسست عام 1969 لإنتاج مواد كيميائية لمكافحة الحشرات، والتي كان من أسوأها ضررا مادة ال«ليثال». لم يكن في ذلك المصنع على الرغم من خطورة ما يقوم بإنتاجه من مزايا الأمن والسلامة ما كان في المصانع الأمريكية الأخرى التابعة لنفس الشركة، حيث كان ينقصه العديد من تلك المزايا الواجب توافرها في مصنع مثل ذلك يقع في مدينة مأهولة بالسكان ويقوم بإنتاج بعض المواد السامة المقاومة للحشرات.
كان ذلك المصنع يحتاج إلى صيانة دورية روتينية باستمرار لتجنب التسرب أو أي مشاكل أخرى، وذات ليلة حدث تسرب خطير للمياه التي كانت تستخدم لتنظيف بعض الأنابيب في المصنع، مما أدى إلى دخول تلك المياه أحد الخزانات حيث كانت تحتوي على مادة ال«ايثيل ايسو سينايت» وذلك عن طريق أحد الصمامات التي حدث فيها ذلك التسريب. قبل حدوث ذلك، اغلق عمال المصنع والمسؤولون فيه وحدةالتبريد التي تحفظ درجة حرارة مادة «MIC» تحت الصفر وذلك من اجل الحفاظ على فاتورة كهرباء المصنع منخفضة الثمن لأن المصنع كان يمر بأزمة مالية، ولذلك العطل، بدأ غاز ال«ليثال» في التسرب من الخزانات بسبب درجة الحرارة المرتفعة، وللأسف، فقد كانت أجهزة الأمن والسلامة والتي لم تكن مصممة لمثل هذه الظروف في المصنع معطلة أو كانت تحت الإصلاح مما أدى إلى انفلات الوضع من أحزمته مسببا بذلك كارثة إنسانية كيميائية تعد من أقسى وابشع الكوارث في تاريخ البشرية. حدث ذلك التسرب الرهيب في ليلة الثاني من ديسمبر، 1984، في مدينة «بوبال»، حيث تسرب من غاز «الميثال» ما يقرب من 40 طنا مشكلة بذلك سحابة من السموم القاتلة التي سرعان ما غطت ما يقرب من 40 كيلو مترا مربعا من مدينة «بوبال» الهندية، لم يعلم أهالي تلك المدينة ما أصابهم بشكل مفاجئ وغريب، لأنه لم يتم إرشادهم أو تحذيرهم وتوعيتهم بما يجب عليهم القيام به في حين وقعت مثل تلك المصائب، ولذلك، فقد استيقظ الناس تلك الليلة وهم لا يعلمون ما أصابهم، حيث كانوا يعانون من آلام شديدة لم يعلموا سببها، فكانوا يستفرغون، ويكحون بشدة، كما كانوا يعانون من ضيق في التنفس، فتجدهم يلهثون بشدة طلبا لنسمة هواء نقي.
خرج الناس من منازلهم عندما أدركوا أن هناك شيئا ما ضارا في الهواء، خرجوا من منازلهم بحثا عن الهواء النقي، ولكنهم فوجئوا بأن الهواء المحيط بهم قد لوثته سحابة الغازات السامة، وبينما هم يحاولون الهرب من ذلك الموت المحيط بهم وهم لا يكادون يستطيعون المشي؛ سقط الكثير منهم قتلى، والبعض الآخر استمر في كفاحه هربا وفرارا من الموت السريع إلى الموت البطيء بسبب السحابة المسمومة.
كان الغريب في الأمر أن من نجا من تلك الحادثة بأعجوبة؛ كان الموت له ارحم من حياة مليئة بالأمراض الفتاكة التي واجهتهم بعد تلك الكارثة، ولكن تلك هي مشيئة الخالق سبحانه وتعالي، فهو الخبير بعباده، وذلك انه بعد انتهاء تلك الليلة المأساوية، اصبح الناجون أسرى للأمراض المزمنة والتي لم يعلم الأطباء لكثير منها علاجا مناسبا، فكثير منهم فقد قدرته على الإبصار، وآخرون بدأت تظهر عليهم التشوهات الخلقية التي أصبحت أمراضا وراثية تنتقل منهم إلى أجيالهم من بعدهم، ولشدة تلك الأمراض التي ظهرت عليهم، وكذلك نتيجة للبحوث الطبية التي أجريت عليهم بعد ذلك؛ قرر الأطباء أن الذين تعرضوا للغاز ولكنهم نجوا من الموت قد أصيبوا بمرض «الإيدز الكيميائي»، وذلك أن القدرة المناعية لديهم قد أعدمت تماما جراء تلك الليلة الكيميائية التي لا تنسى، وبعد مرور ثلاثة أيام فقط على وقوع الحادثة، ارتفع عدد المصابين إلى 000 ،500 مصاب نتيجة للتعرض المباشر لتلك الغازات، أما بالنسبة لأعداد الموتى بسبب ذلك الإهمال الصناعي فقد وصل اليوم إلى ما يقرب من (000 ،20) قتيل، وهذا العدد لا يعتبر المحصلة النهائية لأعداد القتلى الذين ذهبوا ضحية تلك الكارثة، لأنه ما يزال هناك إلى الآن ما يقرب من «عشرة أشخاص» يموتون كل شهر متأثرين بأمراض أصابتهم نتيجة تعرضهم لسحابة الغاز.
نجاة عمال المصنع
إن السبب الرئيسي في أن أحدا من عمال المصنع لم يمت نتيجة لذلك التسرب على الرغم من انهم كانوا في نفس موقع الحادثة، هو انه قد تم إخبارهم وتنبيههم جميعا بأخذ الحذر وأن يقوموا بالهرب من المدينة في الاتجاه المعاكس لاتجاه تسرب الغاز، بالإضافة إلى انه طلب منهم أن يقوموا بتغطية أعينهم بقطعة قماش مبللة بالماء كي تتجنب تأثير تلك الغازات الشديدة التأثير على العينين والتي قد تفقدهما القدرة على الإبصار، وفي ذلك الحين، لم تقم شركة «يونيون كاربايد» بإبلاغ السكان بضرورة تجنب تلك الغازات بالطرق الصحيحة والمناسبة، بالإضافة إلى أنها لم تقدم لهم النصائح الضرورية والإرشادات التوعوية التي قد توفر لهم شيئا من الحماية بإذن الله كالبقاء في منازلهم وعدم الخروج منها وتغطية أعينهم بقطع القماش المبللة بالماء. العجيب في أمر تلك الشركة المتسببة في وقوع تلك الكارثة الإنسانية هو أن أحد مسؤوليها الكبار ويدعى «Jackson B. Browning» (مشرف شؤون الصحة والسلامة والشؤون البيئية في تلك الشركة) صرح بعد حدوث الكارثة بأيام قائلا: «لم يكن ذلك الغاز المتسرب اكثر خطورة من أي غاز آخر مسيل للدموع».
المضاعفات الصحية للكارثة
قام المجلس الهندي للأبحاث الطبية بإجراء العديد من البحوث على المنطقة المصابة بغاز «MIC» وكذلك على سكان مدينة «بوبال» الذين تعرضوا لتلك الغازات السامة، حيث وجد أن تلك الغازات السامة تدخل إلى رئة المصاب حال استنشاقه لها، ومن ثم تنتقل إلى مجرى الدم، وبذلك فإنها تتسبب في إحداث تشوهات للرئة والمخ والكلى وكذلك للعضلات، بالإضافة إلى بعض الأجزاء الأخرى في جسم الإنسان كالأمعاء، أما بالنسبة للحالات التي انهالت على المستشفى الحكومي الوحيد والتي تمت معالجتها هناك بعد حدوث تلك الكارثة؛ فإن 9 ،98% من تلك الحالات كانت تعاني من ضيق في التنفس، بينما كان هنالك 8 ،85% من الحالات لديها مشاكل في الإبصار، وكذلك 19% من الحالات كان اصحابها يعانون من مشاكل واضطرابات في الأمعاء الدقيقة، ولقد كان هناك بدرجات مختلفة ومتفاوتة العديد من المضاعفات الأخرى والتي بلغت الستة عشر تقريبا، واستمرت عشرة على الأقل من تلك الأمراض حتى نهاية عام 1992 حسب التقرير الصادر عن المجلس الهندي للأبحاث الطبية، بالإضافة إلى بعض الأعراض الأخرى كعدم انتظام الدورة الشهرية عند النساء، وحالات الإجهاض المتكررة، كما كان هناك أمراض عقلية أخرى وكذلك تثمل في الأطراف، وعلى اقل تقدير، فإن كل شخص من الناجين من تلك الكارثة الذين تعرضوا للغاز يحمل مرضا أو اكثر من تلك الأمراض. وفي هذا السياق، أوضحت الدراسات التي أجريت ما بين عامي 1987 و1989 أن الأطفال المولودين في وقت حدوث تلك الكارثة يعانون من مرتين إلى أربع مرات من الحمى وضيق التنفس والكحة، بالإضافة إلى بعض الأمراض الأخرى. وفي أواخر عام 1990، ارتفعت معدلات الإجهاض عند النساء اللاتي تعرضن لتسرب الغاز بثلاث مرات، وذلك على خلاف المعدل الطبيعي للنساء اللاتي يعشن في مجتمعات طبيعية أخرى. وفي عام 1992، ارتفع معدل الإصابة بمشاكل الإبصار لأولئك الذين تعرضوا للغاز المتسرب، والذي قاد البعض منهم إلى الإصابة بالعمى الدائم.
إن النتائج والتحقيقات التي أجريت في إطار استكمال عمليات التحقيق في تلك الكارثة، والتي توصل إليها المجلس الهندي للأبحاث الطبية عن طريق إجراء دراسات وأبحاث دورية تم على اكثر من (000 ،80) من الناجين من تلك الكارثة لا تزال تعد أسرارا رسمية وهي طي الكتمان حتى يومنا هذا، وذلك للسياسات الرسمية التي تدعو لعدم نشر أي من نتائج تلك الدراسات أو إعطاء نتائجها لأولئك الذين تعرضوا لسحابة الغاز تلك ثم نجوا.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|