|
الضيف
|
ها هو رمضان..
أفضل شهور السنة..
وأقربها لتذكيرنا بالخشية من الله والتقرب إليه..
ها هو يدق علينا الأبواب..
ضيفاً عزيزاً مرحباً فيه..
بعد عام من الغياب والشوق إليه..
***
تعود يا رمضان..
بروحانيتك..
والفرح بقدومك..
والخوف من أن نقصر في الاحتفاء بك..
من أن تودعنا دون أن نبلغ ما يرضي ضمائرنا..
فيما أنت أفضل الشهور..
وأحبها إلينا..
وأقربها لترويض النفس..
والزيادة في العبادات..
***
شهر ولا كل الشهور..
ينادينا أن هلموا إلى الخير..
ويناشدنا بألا نفوّت فرصة الفوز برضا الله..
فما أجمله من شهر كله خير وبركة..
يأخذ المرء فيه طريقه للفوز بما تحبه النفس ويتمناه الإنسان..
وويل لنا إن فرطنا بما دعينا للقيام به..
أو أضعنا أحلى أماني العمر في رب غفور رحيم..
***
يعود رمضان..
ليغير من أسلوب حياتنا..
في ليله ونهاره..
ليعودنا على نمط آخر هو الأجمل والأرقى في السلوك والاستجابة لتعاليم ديننا الحنيف..
ضمن ترويض النفس على التعود لما هو أفضل وادعى للقبول لدى إله مقتدر..
***
فيا إلهي ها نحن الضعفاء وأنت الأقوى نبتهل إليك ان امنحنا الرضا والعفو وقبول الدعوات..
ان ارحمنا برحمتك..
والهمنا الرشد..
ودلنا على ما يقربنا إلى رضاك..
واجعل خواتم أعمالنا في هذه الدنيا ما تقربنا إلى جنتك وتبعدنا عن النار.
خالد المالك
|
|
|
بيكاسو.. رسام القرن العشرين!!
|
* إعداد أشرف البربري
لا يوجد فنان تشكيلي حصل في حياته على الشعبية التي حصل عليها الرسام بيكاسو. والجمهور بالنسبة لبيكاسو هم هؤلاء الناس الذين يستمعون إليه ويشاهدون أعماله أو على الاقل يشاهدون نسخا منها، وكانت بالعشرات وربما بالمئات أو بالملايين لتنتشر حول العالم، كما كانت شخصية هذا الفنان وأعماله الفنية موضع تحليلات لا تنتهي وأحاديث متواصلة وشائعات كثيرة. فقد كان الرجل شخصية فائقة الشهرة ومثيرة للجدل. وقد كان يكن كراهية شديدة للفنانات.
ومن أقواله الشهيرة عن المرأة انها «إما سيدة أو جارية» وهو ما جعله هدفا لكل جمعيات الدفاع عن المرأة.
كان الرجل محظوظا من الناحية السياسية، فعلى الرغم من سخط النازيين عليه وعلى فنه إلا أن شهرته ضمنت له الحماية أثناء الاحتلال النازي لباريس حيث كان يعيش أثناء الحرب العالمية الثانية.
وبعد هذه الحرب وفي الوقت الذي عانى فيه الكثير من الفنانين والكتاب من التشهير والتحقير بسبب أي علاقة ولو طفيفة مع النازية أو الفاشية فإن بيكاسو كان من مؤيدي الزعيم السوفيتي في ذلك الوقت جوزيف ستالين الذي ارتكب مذابح جماعية لا تقل في فظاعتها عن المذابح التي ارتكبها هتلر. والحقيقة أنه لا يوجد رسام ولا نحات بما في ذلك مايكل انجلو حصل في حياته على الشهرة التي حصل عليها بيكاسو في حياته. ويمكن القول ان أحداً لن يحقق ذلك في المستقبل أيضا بسبب التطورات التكنولوجية التي جعلت الكثير من المتع البصرية تنتقل من اللوحات إلى غيرها من وسائل الاعلام الاخرى مثل التلفزيون والسينما، وعلى الرغم من أن مارسيل دوشامب لعب دورا مؤثرا خلال السنوات الثلاثين السابقة على ظهور بيكاسو فقد نجح الاخير في الاستفادة من هذه الفكرة التي تقول إن لغة الرسم تخص الجمهور أكثر مما تخص الفنان.
عملة نادرة
كما كان بيكاسو أول فنان يحظى باهتمام هائل من جانب وسائل الاعلام.. ففي عالم الفن اليوم وفي المكان الذي يخلو من بطل لا يمكنك أن تتخيل حتى ظهور مثل هذا الفنان مرة أخرى، فقد كان غزير الانتاج، وهذه ليست ميزة في حد ذاتها. فعدد قليل جدا من لوحات فريمر هي التي بقيت وعدد أقل من لوحات الاخوين فانايك ظلت ولكنها كلها تمثل تاريخاً بالنسبة لما سيكون عليه بيكاسو. والحقيقة أن أعمال بيكاسو مازالت تحتل مرتبة متقدمة جدا في كل أنحاء العالم. وقد كان بيكاسو يتبنى التكعيبية التي كانت تتيح له رسم اللوحة الواحدة بأكثر من شكل وأكثر من زاوية وظل يرسم حتى وفاته. كما كان بيكاسو من النوع الذي يقدره الفنانون الآخرون. فمن النادر أن تجد حركة فنية لم يؤثر فيها بيكاسو خلال القرن العشرين. كما أن من بين أسباب شهرة بيكاسو أو قل أحد تجليات هذه الشهرة أنه لم يرسم لوحة واحدة كرس لها حياته مثلا كما لم يقتصر على اتجاه فني واحد ولا حتى مواد رسم واحدة ولكنه كان يرسم طوال الوقت وبمختلف الاشكال ولذلك كان تأثيره واضحا على مختلف المدارس الفنية في القرن العشرين.
ففي عالم النحت اليوم نجد أن الاتجاه السائد هو استخدام النحاتين للالواح المعدنية من أجل تشكيل منحوتاتهم مباشرة بدلا من الاسلوب التقليدي الذي كان يعتمد على تشكيل المنحوتة من الصلصال في البداية ثم صبه بعد ذلك باستخدام البرونز أو غيره من المعادن. والحقيقة أن جزءاً كبيراً من الفضل في هذا التحول يعود إلى بيكاسو نفسه الذي انضم إلى هذا الاتجاه عام 1912. وإذا كانت الملصقات قد أصبحت فنا والمقصود بها هو تجميع عدد من العناصر ولصقها إلى جوار بعضها البعض برؤية فنية على سطح مستوى فإن جانباً كبيراً من الفضل في ذلك يعود إلى بيكاسو أيضا. ورغم أن بيكاسو لم يكن من أتباع المدرسة السيريالية إلا أنه أنتج خلال العشرينيات مجموعة من أروع اللوحات النادرة التي تعبر عن الجسد البشري بطريقة سيريالية تمثل القسوة والعنف ورغم أنه لم يكن من أبناء المدرسة الواقعية فإن لوحته الشهيرة المعروفة باسم «الجرنيكا» كانت واحدة من أوضح الاعمال السياسية التي تهاجم الحرب والفاشية في الثلاثينيات. فقد كانت هذه الفترة هي فترة ما يعرف بمرحلة الازرق والوردي بما كانت تمثله من حزن ورغم شهرتها الواسعة إلا أنها لم تكن تزيد كثيرا عن الرمزية التي سادت أواخر القرن التاسع عشر. فقد كانت هذه المرحلة في حياة بيكاسو نوعاً من تجربة التحديث التي دشنت المرحلة الحديثة في فنه وحدث هذا في باريس. ففي هذه المرحلة الحديثة كان هناك الانتاج الكثيف وإعادة الانتاج بكثافة أكبر حيث انتشرت الصحف وعناوين الصحف والرسوم التي تنشرها هذه الصحف وملصقات الحوائط. وكانت هذه بداية المرحلة التكعيبية في حياة بيكاسو. لم يكن بيكاسو فيلسوفا ولا رياضيا ولكن الاعمال التي أنتجها هو وباروك خلال الفترة من عام 1911 وحتى عام 1918 كانت وثبة من وجهة نظر مفكرين مثل أينشتاين وألفريد نورث وايتهيد وأن الواقع ليس مجرد فراغات وأشكال ولكنه علاقات وسلسلة من الاحداث التي تعتمد على بعضها البعض. الثقافة الجماهيرية وقبل ظهور أي من فناني البوب بسنوات طويلة اكتشف بيكاسو مغناطيس الثقافة الجماهيرية وكيف يمكن للفن الراقي أن ينعش نفسه من خلال تبني لغة شعبية. فقد كان من الصعب فهم اللوحات التكعيبية بسبب ذلك الغموض الرهيب الذي يغلفها، ومع ذلك ظلت واحدة من أكثر المدارس الفنية إثارة للجدل خلال القرن العشرين. وكما لو كان يريد أن ينأى بنفسه عن المقلدين فإن بيكاسو اتجه إلى أقصى اتجاه معاكس وتبنى المدرسة الكلاسيكية في الفن ليرسم لوحات أقرب ما تكون إلى الكلاسيكية.
والحقيقة أن الاتجاه الواقعي لدى بيكاسو الذي استمر عشرات السنوات فيما بعد يمكن أن يمثل دليلا على استقلالية هذا الفنان. ثم إنه لم يقم صداقة مع ماتيس حتى شاخ الاثنان. وقد كانت صداقاته الحميمة مع الشعراء والكتاب. وعلى الرغم من أن قطاعاً عريضاً من الجمهور كان ينظر إليه باعتباره نموذجا مثاليا للفنان الحديث إلا أنه كان أبعد ما يكون عن هذه الحداثة. فقد كان بعض فناني الحداثة مثل كاندينسكي على سبيل المثال أو موندريان ينظرون إلى أعمالهم باعتبارها ثورة في تطور البشرية. ولكن بيكاسو لم يتبن هذا الاتجاه اليوتوبي أكثر مما فعل مواطنه الاسباني جويا. وقد كان الرجل يسخر من الحديث عن المهمة التاريخية للفن فقد كان يقول: «إن كل ما أقوم به هو للحاضر وأتمنى أن يظل دائما في الحاضر. فعندما أجد شيئا ما معبرا أقوم به على الفور دون تفكير في الماضي أو المستقبل» والمثير للدهشة أنه عارض المدرسة التعبيرية التي تقول إن العمل الفني هو نوع من التعبير عن الحقيقة الكامنة داخل الانسان أو الفنان. يقول بيكاسو «كيف يمكن لأي إنسان أن يدخل إلى أعماق أحلامي ورغباتي وغرائزي وأفكاري والاكثر من ذلك يقتنص من هذه الافكار والرغبات ما يريد دون إرادتي؟"والحقيقة أن ما يجعل الفن فنا هو التحرر من استبداد التعبير عن الذات. فعمل الفنان هو مجرد ناقل (فالرسم أقوى مني ويجعلني أقوم بما يريد هو). بالنسبة لبيكاسو فقد كانت الفكرة هي أن الرسم يقوم بنفسه من خلال بيكاسو لذلك فالامرلا يتأثر بالقواعد الثقافية. وكل شيء في أعمال بيكاسو مرتبط بالاحساس والرغبة، ولم يكن هدفه أبدا الوصول إلى الوضوح أو الفهم بقدر ما كان هدفه هو الوصول إلى أقصى درجات التعبير0 وقد كان ينقل هذه التعبيرات بالفعل بأقصى درجات القوة في صورة توتر علاقاته من خلال خطوط اللوحات. ولم يكن أبدا بارعا في التلوين كما كان ماتيس أو بييربرنار مثلا. ولكنه ومن خلال الاستعارات كان يستطيع أن يضمن لوحاته طبقات من المعاني لكي يخلق ومضات من الالهام. وفي هذه العملية استطاع أن يقلب سمات الفن الحديث، فالحداثة كانت ترفض حكاية القصص مهما كان شكل العلاقات الرسمية.ولكن بيكاسو أعاد حكاية القصص في شكل ملتبس كرواية نفسية تقال من خلال الاستعارات والتلاعب بالالفاظ. وقد كانت المرأة هي العنصر المسيطر على الاعمال الفنية لبيكاسو، وقد تعامل بيكاسو مع المرأة بطريقة لم تحدث من جانب أي فنان غربي من قبل. فقد كان كل شيء في عالمه التصوري ابتداء من أحلامه وحتى سخريته التي تصل إلى حد الجنون منصبة على المرأة. وقد قام بهذا من خلال الاستعارات وإعادة التشكيل للجسم البشري مثل وضع العيون على الارجل. لا شك أن أعظم اعمال بيكاسو ظهرت للوجود خلال الثلاثين عاما منذ ظهور لوحة «فتيات افنيون» عام 1907 وحتى ظهور «الجرنيكا» عام 1937 ولكن هذا لا يعني أنه هبط الى الابتذال بعد ذلك، فالحقيقة أنه خلال سنوات الحرب الاسبانية ثم الستينيات والسبعينيات رسم العديد من اللوحات القوية. ولكن في سنواتها الاخيرة بدأت حالة من الاحباط والقهر تطغى على لوحاته. ولكن موت بيكاسو ترك الناس ولديهم حنين جارف إلى هذا العبقري الذي ترك فراغا لا يمكن لأحد اليوم أن يملأه.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|