في روضة المسجد الثكلى التي تدري
وقد ندبتُك أني نادبٌ صبري
وقفتُ.. ما زالت الأصداء حوليَ من
ترتيلك الفخم في أرجائها تسري
وهاهنا المصحف المشتاق يسألني
ولا يريد بهذا الفقد أن يدري
وحاملُ المصحف المفجوعُ منكفئٌ
محدودبٌ: أين صوتُ الأُنس والبِشر؟
هنا الثلاثون جزءاً كلها شغفٌ
لكي ترتلها في الشفع والوتر
في هدأة الفجر لا صوتٌ هناك سوى
دبيب تلك العصا تسعى إلى الفجر
لله قلبك ما أسمى سكينته!
كأنه صورة من ليلة القدر
سجادةٌ وكتابُ الله جانِبَـها
لا شيء يبدو سوى هذين قد يغري
يكاد صدرك من فيض الطهارة يا
أبي يصير كمحراب على صدر
روح من الطهر والإيمان في جسدٍ
أم روحُ طهرٍ بجسم صِيغ من طهر؟
لما أهالوا على القبر الثرى انتقلَتْ
إلى الحياة إلينا وحشة القبر
واستقبلتني زوايا البيت ذابلةً
تبكي طيوفك في أزمانها الخُضْر
حدثتنا ها هنا عن ثرمداء وعن
نخيلها قصصاً في نكهة التمر
حكيت عن طيف بيت الطين فانبعثت
تلك الحياة خيالات من السحر
هل كنتَ تحكي لنا عن ثرمداء أبي
أم كنتَ تُنشدنا شيئاً من الشعر؟
يا سيرةً بحكايا الكدح حافلةً
لبستُها يا أبي تاجاً من الفخر
لو أن للذِّكر بين الناس رائحةً
لكان ذِكرك إذ أزهو به عطري
هي الثمانون عاماً يا أبي ومضتْ
كأنما اختُصرت في سورة العصر
-