أجرت اللقاء - تركية العمري
الترجمة هي فعل يحيا بين ثقافات وحضارات وبشر و الترجمة فعل المغايرة والتشابة الإنساني، وهي التي تحاول أن تنقل كل شيء دون أن يتغير أي شيء كمال قال الروائي الألماني قونتر قراس . والمترجم مهمته أصعب من كاتب النص الأصلي، وهي امتطت بشغف وإبداع صهوة هذه المهمة إنها منى هنينغ المترجمة وصاحبة دار المنى للنشر والتوزيع بمملكة السويد والتي فتحت نوافذ تنويرية إلى عوالم ثقافة تعتبر حديثة على العالم العربي، اكتشفت عوالم جديدة فأحبت أن تنقل ذلك إلى الإنسان والقارئ والمثقف في الوطن العربي، حصدت العديد من الجوائز ومن أهمها جائزة ايلدش لأدب الطفل والتي منحتها إياها الأكاديمية السويدية عام 2007هـ.
ترجمت دارها العديد من الكتب لكبار كتاب الدول الإسكندنافية في مجال أدب الأطفال والناشئة وأدب الكبار، كان لي معها هذا اللقاء:
-ما أهمية ترجمة الآداب من وجهة نظرك
الترجمة مهمة في كل العصور. والعرب من أول الأمم التي قامت على الترجمة . ترجمت الحضارات القديمة من يونانية وغيرها ثم أضافت إليها، وأدى هذا الاندماج والتلاقح إلى إبداعات واختراعات عربية وإسلامية هائلة. للأسف تقوقعنا بعد الأندلس تقهقرت الشعوب العربية وانحسرت عن الساحة. ثم عادت إلى الترجمة في القرن الماضي لتعود إلى التقوقع في أوائل السبعينات وحتى بداية هذا القرن.
-تقدمت الأمم في الترجمة وهذا ظهر في احتفالية اليونسكو العام الماضي بفهرس الترجمات ماذا عنا ونحن في عصر العولمة اللامتناهي؟
لقد فُرضتْ علينا العولمة لأننا جزء لا يتجزأ من هذا العالم . فنحن نسكن هذا الكون وعلينا أن ننشط مع بقية الأمم وهذا لن يتم إلا عبر الترجمة. الأمم المتقوقعة هي الأمم التي يدب فيها الخوف من الآخر ومن التعرف على الآخر وأقولها وللأسف أن هناك العديد من التيارات المحافظة التي دفعت في هذا الاتجاه وعملت على تخويف الإنسان العادي من ثقافات الأمم الأخرى فقط من أجل بقاء السلطة لها..
حدثينا عن حكايتك مع ترجمة الأدب الاسكندنافي.
أسكن السويد منذ عقود ولهذا لا عجب أن كنت قد تأثرت بالثقافة السويدية على وجه الخصوص والاسكندنافية على وجه العموم. لقد تحول السويد إلى وطن حميم قرأت أدبه وعشقت طبيعته وبرودته وصقيعه وبحيراته المتجمدة! عشقت كل هذا من خلال أدبه لأن الأدب السويدي مجبول في طبيعته والطبيعة هي المكان الكبير الذي يوصف بكل دقة وجمال وسحر.
-لكل أدب عوالمة الخاصة به والتي تميزة عن الآداب الآخرى، مالذي يميز الأدب السويدي ؟
السويديون مجدوا طبيعتهم ومروجهم مجدوا,أزهارهم ووديانهم وجزرهم المنتشرة وبحيراتهم. هناك عنصر إنساني هائل في الأدب السويدي. هناك جو مشبع بالتعاطف والحنية والتواصل الهائل مع كل ما هو جميل. إنهم يمجدون الحياة ويمجدون الموت أيضا. في أدبهم الكثير من الواقعية ويتعرف القارئ أيا كان في هذا العالم يتعرف إلى نفسه ويرى نفسه في العديد من النصوص الأدبية.
هل نستطيع أن نسمي الأدب السويدي أدباً إنسانياً؟
نعم، أنه أدب إنساني بكل ما تعني هذه الكلمة. الكاتبة أستريد ليندغرين والتي قامت دار المنى بترجمة أعمالها، ترجمت أعمالها إلى أكثر من تسعين لغة..
- هل لديك معايير في اختيار الكتب التي تقوم دارك بترجمتها
المعايير التي اختارها هو أنني قد أحببت الكتاب لدى قراءتي له. هناك أعمال أدبية يشعر القارئ بالسعادة والارتياح لدى قراءتها وإذا وجدت أن هذا الشيء حصل معي فإنني أريد أن أشارك الغير معي في هذه السعادة .
- ما هي إشكاليات الترجمة التي يقع فيها أغلب المترجمين
صعوبات الترجمة كثيرة وأهمها إيجاد المترجم المثقف المترجم الشاعر ذي اللغة الشفافة التي ترتقي إلى النص الأصلي وتحاكيه في الإبداع.
كيف ترين علاقة الأدب السويدي مع الترجمة؟
الأدب السويدي غني بأساليبه المختلفة وذلك أن السويد غنية بالترجمات من كل لغات العالم وهذا بدوره أثر في الأدب السويدي الذي تنوعت أساليبه. بينما في اللغة العربية ينقصنا هذا التنوع في الأساليب وفي تطويع اللغة لتخدم الأسلوب. فإذا قمنا بعملية الترجمة واتبعنا الأساليب التقليدية في لغتنا فإن العمل سيفقد روحه وأصله. وعكس ذلك تمام حيث إن المترجم المتذوق للغة قد ينتج عملا يفوق اللغة الأصلية في جماله.
عن المترجمة والناشرة:
- منى هنينغ من الأردن تسكن السويد منذ عقود درست الصيدلة من الجامعة الأمريكية في بيروت. أسست دار المنى عام 1984 لتبدأ رحلتها في ترجمة الأدب السويدي والاسكندنافي إلى اللغة العربية. بدأت بكتب الأطفال ثم توسعت لتشمل أدب الكبار. عرّفت العالم العربي بالعديد من الكتاب السويديين والنرويجيين مثل أستريد ليندغرين، جوستاين غاردر، بير لاغركفيست، وهنينغ مانكل. تسكن في ستوكهولم .
-